الرضاعة
من أسبوعين إلي سنتين
هي المرحلة التي تبدأ من نهاية مرحلة الوليد -أي بعد أسبوعين- وتستمر حتى نهاية السنة الثانية. قال -تعالي-: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233].
وقال -عز وجل-: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} [الأحقاف: 15].
وَُتعُّد هذه المرحلة من أهم مراحل الطفولة؛ حيث يوضع فيها أساس نمو الشخصية فيما بعد، ويشهد الطفل نموًا جسميَّا سريعًا، وتآزرًا حسيّا حركيّا ملحوظًا، فيستطيع تأدية بعض الحركات كالجلوس والحبو والوقوف والمشي، وفيها يتعلم الكلام، ويستطيع الاعتماد علي نفسه -نسبيًا- ويبدأ الاحتكاك بالعالم الخارجي .
ودور الأم في هذه المرحلة مؤثر للغاية ؛ فعليها أن تساعد طفلها على الانطلاق إلى المرحلة التالية، دون أن يتعرض لصعوبات قد تعوق نموه، وتكون العلاقة بينها وبين طفلها أساسها العاطفة والوعي.
ولكي تنمي الأم هذه العلاقة، عليها أن تسارع إلي تلبية حاجات طفلها دون بطء،وتحرص علي التفاعل المستمر بينها وبين طفلها، فتُلاعبه وتُعاِنقه وتتحدث معه، بل وتشترك معه في ألعابه، كما تشجعه علي استطلاع البيئة من حوله .
ومن الأشياء المهمة أن تكون علي علم تام بشخصية طفلها وحالته المزاجية ؛حتي يمكن تربية طفلها علي أساس سليم .
فالطفل في مرحلة المهد (الرضاعة) لا يريد سوي إشباع حاجاته الأساسية: حاجته إلي الراحة والبعد عن الألم، وحاجته إلي التعلق والدفء العاطفي، وحاجته إلي الاستقرار والثبات في المعاملة وفي البيئة المحيطة، وحاجته إلي الاستثارة والتنشيط، هذا إلي جانب حاجاته البيولوجية الأخرى من تغذية وإخراج وغير ذلك.
فمعرفة الأم وفهمها للحالة المزاجية للطفل تجعلها في موقف أحسن من حيث توجيه عملية النمو بالنسبة له.
النمو الجسمي في مرحلة الرضاعة
الأسنان: يبدأ ظهور الأسنان في الشهر السادس غالبًا، ويكون ظهورها علي مرحلتين: الأولي الأسنان اللبنية المؤقتة وعددها (20)، والثانية: وهي الأسنان المستديمة وعددها (32)، وقد يصاحب ظهور الأسنان إسهالٌ وارتفاعٌ في درجة الحرارة، وتظهر عند الإناث مبكرة عنها عند الذكور.
الطول: في العام الأول تكون الزيادة في الطول أكبر من الزيادة في الوزن، وفي العام التالي يحدث العكس، فيزداد الطول زيادة مطردة، ثم يقل في نهاية المرحلة فيصبح (60) سم بعد أربعة أشهر ثم يصبح (75) سم بعد سنة، ثم يصبح (85) سم بعد سنتين، أي حوالي نصف طوله عند تمام نموه.
الوزن: في العام الأول تكون الزيادة في الوزن أكبر من الزيادة في الطول، وفي العام التالي يحدث العكس، وتقل الزيادة في نهاية المرحلة، وتصل إلي (6) كجم بعد خمسة أشهر، ويمكن للأم الوصول إلي أفضل مستوي للنمو الجسمي عن طريق التغذية الجيدة والنوم المنتظم، والوقاية من الأمراض وحرية الحركة .
النسب الجسمية: لا ينمو الجسم في هذه المرحلة دفعة واحدة، وفي كل الاتجاهات في وقت واحد، وإنما تحدث تغيرات في أبعاد الجسم ونسبه، ففي النصف الثاني من العام يلاحظ نمو الرأس وزيادة نمو الجذع والأطراف، وهذا عكس ما حدث في النصف الأول وتدريجيًا يزداد ضخامة حجم الرأس، ويزداد طول الذراعين واليدين خلال السنتين الأوليين
العضلات: تنمو العضلات بمعدلات مختلفة، ويلاحظ أن العضلات القريبة من الرأس والرقبة تنمو مبكرًا عن العضلات التي تتصل بالأطراف السفلي .
الفروق الفردية: تتضح الفروق الفردية خاصة في الحجم والطول والوزن. وكذلك البدايات المختلفة لمظاهر النمو مثل ظهور الأسنان والجلوس والحبو والمشي والكلام .
اليافوخ الخلفي والأمامي: يقفل اليافوخ الخلفي في سن أسبوعين، أما اليافوخ الأمامي فيقفل في سن يتراوح بين 12 - 18 شهرًا.
الفروق بين الجنسين: يظل الذكور أكبر حجمًا وأثقل وزنًا وأطول قليلا من الإناث، لكن الأسنان عند الإناث تظهر مبكرة عنها عند الذكور، حيث تتفوق البنات في نمو العظام والأسنان علي الذكور.
ويجب علي الأم إرضاع الطفل من صدرها طالما لا يوجد لديها موانع طبية تمنعها من ذلك، وعليها أن تعمل علي وقاية الطفل من الأمراض، وتنمية المناعة عنده، وذلك من خلال تحصينه وتطعيمه ضد الأمراض الشائعة وتغذيته بالغذاء المناسب؛ حتى ينمو نموّا سريعًا، كما يجب عليها الإكثار من الحديث معه، وعدم عزله عن الأطفال الآخرين.
النمو الحسي للرضيع:
البصر: يزداد الإدراك البصري تمايزًا ووضوحًا، ويستطيع الرضيع إدراك الألوان العادية في الشهر الثالث، إلا أن التمييز في الألوان يكون صعبًا ويستطيع أن يربط بين ما يراه وما تصل إليه يده. وفي الشهر التاسع يري الأشياء الدقيقة، ويمكنه التقاطها، وهو يستجيب للأضواء البرَّاقة والأشياء اللامعة، وينتشر طول البصر بين الرُّضَّع، ويستمر حتى فترة الالتحاق بالمدرسة .
السمع: في حوالي الشهر الثاني يستطيع الرضيع التمييز بين الأصوات، وتحديد مصدرها، وقد لوحظ أن الأصوات الجميلة الهادئة تؤدي إلي تهدئة الطفل وارتياحه. وتزداد دقة السمع في الرضيع، ويستدل علي ذلك من استجاباته المبكرة لسماع الصوت البشري، وفي نهاية الشهر الثاني يستجيب بنفس الجودة للأصوات من جميع الأنواع.
الشم: تظهر قدرة الرضيع -بالتدريج- علي الاستجابة للمثيرات الشمية المختلفة، ويظهر ذلك في ارتياحه لرائحة معينة، وانزعاجه من رائحة أخري.
التذوق: يظهر الرضيع القدرة علي التذوق، فيميز بين الحلو والمالح، والمر والحامض.
الإحساس: يستمر تطور إحساس الجلد باللمس، والضغط، والإحساس بالسخونة والبرودة. و يكون لدي الطفل إحساس بالتوازن والاتجاه، ويوجد بصورة مبكرة لدي الرضيع، ويظهر ذلك من خلال ارتياح الطفل عندما تهز الأم سريره، أو عند خوفه من السقوط . كما تنمو أعضاء الحس بسرعة ففي الشهر الثالث تزداد عضلات العين تآزرًا؛ حيث يصبح الطفل قادرًا علي رؤية الأشياء بوضوح ويزداد السمع دقة، كما أن التذوق والشم يزدادن نموًّا، ويكون الرضيع حساسًا جدًّا لجميع المثيرات الجلدية.
وعلي الأم أن تعتني بحواس طفلها؛ لما لها من أهمية كبري في إدراكه العالم الخارجي، وتوفير البيئة المساعدة علي ذلك مثل الإضاءة الجيدة، والبعد عن الأصوات المزعجة، أو كل ما يضر الحواس.
النمو الحركي في مرحلة الرضاعة:
التطور الحركي: يتحكَّم الرضيع في حركة الرأس أولاً، ثم الجذع، ثم الأطراف، ثم يرفع الرضيع أجزاء جسمه ثم يلي ذلك الجلوس، ثم الوقوف، ويتبع ذلك الحبو، ثم المشي، ثم الجري. ونتيجة لهذا النمو الحركي المتزايد توصف مرحلة الرضاعة بأنها المرحلة التأسيسية لمعظم المهارات الحركية، وخاصة المهارات اليدوية، ومهارات استخدام الساقين، ويمكن تفصيل التطور الحركي في الآتي:
في الشهر الأول يستطيع الوليد أن يقبض علي شيء إذا وقع في كفه، وفي حوالي الشهر الثالث يمكن للرضيع أن يمسك برأسه مرفوعًا عندما يكون في وضع الجلوس، كما يمكنه أن يرفع رأسه والجزء الأعلى من صدره عندما يكون منبطحًا. ويمكن أن يتتبع ببصره كرة تتحرك رأسيًا . وفي سن ستة أشهر يستطيع أن يجلس مستندًا، وأن يرفس بقوة، وأن يمسك برجليه، ويمكن أن يقبض علي شيء بيديه ويحركه إلي فمه، ويقوم بمتصِّه . وفي سن تسعة أشهر يمكن للطفل أن يجلس بمفرده وأن يرفع نفسه لوضع الوقوف، وأن يبدأ في الحبو . وعندما يصل عمره إلي سنة يستطيع الرضيع أن يحبو، ويستطيع البعض المشي .وفي سن ثمانية عشر شهرًا يتعلم الأطفال صعود السلم وهبوطه مع المساعدة، ويمشون حاملين للأشياء الخفيفة .
تطور المهارات: يزداد التآزر الحسي الحركي، وتتطور قدرة الرضيع علي تناول الأشياء والقبض عليها. وعندما يصل الرضيع إلي الأسبوع الستين، نجد قبضته وإمساكه وتناوله للأشياء قريبة النسبة بما نجده عند الراشد، ويستطيع الطفل السيطرة علي الحركات، كالمسك والفتح واللعب بالمكعبات في السنة الثانية. ويفضل الطفل في هذه المرحلة استخدام إحدى اليدين أكثر من استخدام الأخرى في نشاطه الحركي، والغالبية العظمي من أطفال هذه المرحلة يفضلون استخدام اليد اليمني .
وعلي الأم أن تتيح حرية الحركة لطفلها، وتنمي لديه المهارات الحركية، ولكن عليها ألا تتعجل في إجبار طفلها علي المشي، كذلك عليها أن تشجعه علي تناول طعامه بنفسه وارتداء ملابسه .
النمو الفسيولوجي في مرحلة الرضاعة:
الجهاز العصبي: ينمو الجهاز العصبي بسرعة كبيرة؛ حيث يزداد حجم المخ ووزنه من (350)جرامًا في المتوسط إلي (1000) جرام في المتوسط، وذلك في نهاية السنة الثانية. ومعني ذلك أن حجمه ووزنه يصلان إلي حوالي ثلاثة أرباع وزنه عند الراشد .
الجهاز التنفسي: ينمو الجهاز التنفسي، ويزداد حجمه، وتزداد سعة الرئتين للهواء.
الجهاز الهضمي: يكون حجم المعدة صغيرًا، وعلي ذلك فإنها تأخذ كميات صغيرة من الغذاء .
الإخراج: قدرة الرضيع في هذه المرحلة علي ضبط عملية التبرُّز تسبق قدرته علي ضبط عملية التبول .
النوم: في بداية هذه المرحلة يكثر نوم الطفل، ثم تتناقص كمية النوم، وتطول فترة اليقظة بالتدريج .
وعلي الأم ألا تلجأ إلي الرضاعة الصناعية إلا في حالة الضرورة القصوي، وعليها ألا تستعجل الرضيع في ضبط عملية الإخراج قبل الوصول إلي مستوي النضج اللازم لذلك، ويجب تدريب الطفل علي عادات النوم الصحيحة.
النمو الاجتماعي في مرحلة الرضاعة:
الاستجابة الاجتماعية: يبدأ الرضيع في الاستجابة الاجتماعية للمحيطين به، ويظهر اهتمامه بما يجري حوله، وذلك في النصف الأول من العام الأول، ويمرح إذا داعبه أحد .
العلاقات الاجتماعية: وعندما يصل الرضيع إلي نهاية السنة الأولي، تكون علاقاته الاجتماعية مع الكبار أكثر منها مع الصغار، ويبدأ الاتصال الاجتماعي بالأم، ثم الأب ثم الآخرين الموجودين بالبيت ثم خارجه.
وعندما يصل الرضيع إلي السنة الثانية يزداد اتساع البيئة الاجتماعية حوله، وتبدأ علاقته مع الأطفال.
الابتسام والبكاء: ولهما دلالة اجتماعية، حيث إن لبكاء الرضيع أثرًا في استدرار الاهتمام والعطف من الكبار، كما أن الابتسامة الاجتماعية تظهر في الشهر السادس للميلاد؛ حيث يبتسم الطفل لوجوه دون أخري.
التعلق: وهو مظهر آخر من مظاهر السلوك الاجتماعي عند الطفل، فالطفل تكون لديه رغبة في أن يكون قريبًا إلي حد الالتصاق من أفراد آخرين لهم مكانة معينة لديه، ويظهر هذا التعلق بشكل واضح قبيل نهاية السنة الأولي من عمر الطفل.
وعلي الأم في هذه الحالة أن تشجِّع طفلها الرضيع علي التفاعل الاجتماعي السليم، وأن تعمل علي أن تكون علاقته مع الأطفال قائمة علي الحب المُتبادَل.
النمو العقلي في مرحلة الرضاعة:
التصنيف: تظهر قدرة الطفل في هذه المرحلة من العمر علي ملاحظة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين الأشياء، ويتعلم بالتدريج تصنيفها في ذهنه، ثم القيام بذلك عمليًّا مع التقليد، فقد يحتار الطفل عندما يفكر: هل البرتقالة توضع مع الكرة، لأن كليهما مستديرة؟ أم البرتقالة توضع مع البسكويتة لأن كلتيهما تؤكل؟!!
الإدراك: يتزايد إدراك الرضيع للعالم المحيط به، لكن إدراك الزمن بالنسبة إليه يكون غامضًا، فهو لا يستطيع أن يفرِّق بين الماضي والحاضر والمستقبل.
التعلُّم: يبدأ الرضيع في التعلُّم من الخبرات البسيطة، ويقلِّد الكبار، خاصة الوالدين والإخوة، لكن التعلُّم يكون بطيئًا نسبيًّا، وينمو عن طريق المحاولة والخطأ .
التذكُّر: يشير علماء النفس إلي أنَّ الطفل يستطيع أن يتذكر الخبرات السارَّة التي حدثت له في هذه المرحلة، وينسي الخبرات المؤلمة .
وينسي الرضيع في السنة الأولي بسرعة، والدليل علي ذلك نسيانه لأبيه إذا غاب عنه، لكنه يستطيع من بداية السنة الثانية وحتى منتصفها أن يستدعي ذهنيًا صور الأشياء الغائبة عنه، بمعني أنه يمكنه تصور الشيء في حالة غيابه .
الذكاء الحركي: يكون الطفل مشغولا في هذه الفترة بالإحساسات التي تنتقل إليه عن طريق جهازه العصبي، وتنمو أنشطته الحركية، ولذلك ففي خلال هذه المرحلة يتعلم الطفل أن يتحكم في حركاته في الفراغ، وأن يكون فكره عن الأشياء أنها دائمة، ويتحقق من أنه شيء في الفراغ، وشيء من بين الأشياء. وكل هذه التحصيلات توفر له بدرجة كبيرة الإحساس بالثقة.
وعلي الأم أن تحرص علي إشباع ميل الرضيع إلي الاستكشاف وحب الاستطلاع، وأن تساعده علي اختبار قدراته والتعبير عن نفسه، وأن توفر له فرص التنوع في المثيرات اليومية، وكذلك مواد اللعب المناسبة التي تنمي قدرات طفلها.
النمو اللغوي في مرحلة الرضاعة:
المناغاة: بعد مضي شهر إلي شهر ونصف تقريبًا يستطيع الرضيع إصدار أصوات مسترخية تصدر من خلف الفم، وتعبر عن الارتياح والاسترخاء، يطلق عليها: أصوات المناغاة Babbing وتعتبر المواد الخام التي تتكون منها لغة الطفل فيما بعد.
إدراك الأصوات: يستطيع طفل عمره ثلاثة أشهر أن يميز بين الأصوات الكلامية من الفئات الصوتية المختلفة أي التي تصدر من أماكن مختلفة من الأجهزة الصوتية .
اللعب الكلامي: فيما بين الشهر الثالث والسادس تقريبًا يبدأ الرضيع في تشكيل مقاطع مكونة من حرفين أو أكثر مثل ماما، بابا، وهذه المقاطع هي الوحدات الصوتية التي تتكون منها الكلمات في اللغات المختلفة .
اللغة الإشارية: في أواخر السنة الأولي يبدأ الأطفال في استعمال بعض الإشارات لجذب انتباه الكبار لما يريدون الحصول عليه، وقد تكون هذه الإشارات شبيهة بالهمهمة .
مرحلة الكلام: ويبدأ الطفل في نطق كلماته الأولي في مدي الستة أشهر التالية للسنة الأولي من حياته، وتعبر كلماته الأولي عن اهتماماته المباشرة، وعما يجذب انتباهه من الأشياء التي تقع في محيط بيئته . وتزداد مفردات الطفل علي مدي السنة الثانية إلي حوالي خمسين كلمة .
الفروق الفردية: أظهرت الدراسات أن هناك فروقًا فردية في السرعة والقدرة علي اكتساب اللغة فقد وجد أن البنات أسرع في اكتساب اللغة عن البنين .
وعلي الأم أن تشجع طفلها علي النطق، فلا تجيب مطالبه بمجرد الإشارة، وأن تعمل علي تجنيبه عيوب النطق والكلام قدر الإمكان، وأن تعمل علي استخدام النماذج السمعية السليمة، وأن تكثر من التحدث إلي الطفل، وتعمل علي تعزيز الكلمات التي ينطق بها، حيث إن الرضيع يحتفظ بالكلمات التي تُعَزِّز، ويميل إلي نسيان تلك التي لا ينالها التعزيز.
نوم الرضيع:
يلاحَظ أن الطفل الصغير ينام كثيرًا جدّا، فقد لا يستيقظ بعض صغار الأطفال إلا للغذاء، ولكن مدة النوم عند الأطفال تقل تدريجيا إلي أن تصل إلي حدها الأدني عند البالغين .
وهناك بعض القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها لنوم الطفل:
* يُستحسَن أن يتعود الطفل منذ الصغر النوم علي شقه الأيمن، كما يوصي رسولنا (، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن النوم علي الشق الأيمن أكثر فائدة للجسم .
* تحاول الأم - قدر الإمكان - أن تجعل من عملية النوم عملية سارة، فعند نومه تلاعبه وتُقبِّله قبيل نومه، وُتسمعه كلمات من أسماء الله الحسني، وتردد علي مسامعه كلمات الحمد والتسبيح والتكبير والتهليل، والطفل يسمع هذه الجمل الجميلة ولا يفهم معني الألفاظ، ولكن ترديدها علي مسامعه سيجعله مطمئنَّا مرتاحًا ساكنًا، ينام في هدوء، كما أنَّ الغناء للطفل وتحريكه بلطف في مهده أو هدهدته.. كل ذلك يجعله يقبل علي نوم هادئ خالٍ من المخاوف والاضطرابات، و يملؤه الاطمئنان والراحة.
وتاريخنا الإسلامي حافل بهذا اللون من الأغاني، ومن ذلك قول الشيماء-أخت النبي ( من الرضاعة- وهي تغني له في طفولته وتلاعبه:
يا ربنا أبق لنا محمدًا حتى أراه يافعًا وأمردَا
ثم أراه سيدًا مسودًا وأعطه عزا يدوم أبدَا
وكان الزبير بن عبد المطلب يلاعب رسول الله ( وهو طفل فيقول له:
محمد بن عبـدم عشت عَيْش أنعـــم
ودولــة ومنعــم في فرع عز أسنـــم
مكـرم معظــــم
وكانت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله ( تلاعب الحسين بن علي قائلة له: إن بُني شبه النبي.. ليس شبيهًا بعلي.
ولم تكن هذه الأغنيات الرقيقة في مداعبة الأطفال السعداء بين أيدي الأمهات والآباء قاصرة علي الأبناء دون البنات، فيرَوي أن أعرابية علي عهد معاوية كانت تلاعب ابنتها، فتقول في سرورها بها:
وما هناك أن تكون جارية تصلح بيتي وترد العارية
حتى إذا ما بلغت ثمانية زوجتها مروان أو معاوية
فهذه الأغاني الرقيقة بإيقاعاتها الجميلة الهادئة، تجعل الطفل هادئًا غير منفعل، وتهيئ الطفل للنوم وهو سعيد قرير العين.
ومن الأساليب التي تساعد الطفل علي التهيؤ للنوم اقترانه بنشاط معين يوحي للطفل بانتهاء النشاط اليومي، والاستعداد للذهاب إلي الفراش، فالأم إذا قامت بمساعدة الطفل علي التبول، وعملت علي تنظيف جسمه وتغيير ملابسه، وإلباسه ملابس النوم بصورة تتسم بالثبات والاستقرار،فإنها تشعره باقتراب النوم حيث ترتبط هذه الأنشطة تدريجيًّا عند الطفل بموعد النوم .
والوضع السليم للطفل أثناء نومه أن تكون رأسه أعلي من بقية جسمه، وذلك بوضع وسادة صغيرة تحت رأسه؛ لأن ذلك يمنع رجوع اللبن والقيء.
والأم عليها دور كبير في تكوين عادة صحيحة للطفل، وذلك فيما يتعلق بالنوم عن طريق التشجيع واقتران السلوك المرغوب فيه بكل ما هو محبب، وليس بكل ما هو مؤلم أو مخيف.
إخراج الرضيع:
التدريب علي ضبط الإخراج عملية صعبة، وهناك أمور يجب علي الأم مراعاتها في ذلك، منها: ألا تسرع في البدء في تدريب الطفل علي التحكم في الإخراج ؛ فلن تستطيع الأم أن تحُرِز أي نجاح ما لم يكن الطفل مستعدًّا لهذا من الناحيتين الجسمية والإدراكية، وهو لا يكون لديه هذا الاستعداد إلا فيما بين السنة والنصف والسنتين من عمره .
ويمكن أن يستجيب الطفل للتدريب علي عملية الإخراج إذا روعي في عملية التدريب ما يلي:
- أن يكون الوعاء الخاص لهذا الغرض مريحًا للجلوس عليه، ثابتًا لا يتحرك، سهل التنظيف .
- يمكن تقدير وقت إخراج الطفل قبل أن تتم العملية بفترة كافية، وذلك عن طريق بعض العلامات التي تستطيع الأم التعرف عليها بمرور الوقت .
- إذا رفض الطفل الجلوس علي الوعاء، فلا ينبغي الإلحاح عليه، وإنما ينبغي الانتظار قليلا حتى يهدأ .
- والطفل يتبول عدة مرات في اليوم علي عكس التبرز، فعلي الأم أن تكون مُتفهمة ورقيقة مع طفلها إلي أقصي الحدود، حتى لا يشعر بالضيق والإحباط، وتتأكد أن طفلها بمجرد تدريبه علي التحكُّم في التبرز سوف يشعر بنفسه بالضيق وعدم الارتياح إذا ما بلَّل نفسه، ولا داعي لأن تزيد لديه هذا الشعور .
والتربية الإسلامية تنظر إلي مسألة الإخراج علي أنها أمر عادي لا يستوجب الاهتمام الزائد، أو التأفُّف والاشمئزاز أمام الطفل بقصد أو بغير قصد .
فعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: بال الحسين بن علي في حجر النبي (، فقلت: يا رسول الله، أعطني ثوبك والبس ثوبًا غيره؛ حتى أغسله. فقال: (إنما يغسل من بول الأنثي، وينضح من بول الذكر) [أحمد، وأبو داود، وابن ماجه] .
فرسول الله ( لم يغضب من الحسين -رضي الله عنه- ولم يَقْسُ عليه، أو يبادره بالعقاب؛ لأنه لم يضبط نفسه حين بال عليه . كذلك الحال فيما ترويه أم قيس بنت مِحْصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلي رسول الله ( فبال علي ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه، ولم يغسله . ولايصح الانزعاج من التبول اللاإرادي ليلا قبل بلوغ الطفل السنة الرابعة من عمره.. فهو حالة طبيعية.
اللعب:
فطر الله تعالي الطفل علي حب اللعب وكثرة الحركة؛ لأن ذلك وسيلة للتعبير عما بداخله من طاقات طفولية متوقدة. ولعب الطفل تلقائي غير مخطط ولا منظم، وهو في العادة لعب فردي.
ويجب علي الأم في هذه الحالة مداعبة طفلها، ما دام ذلك يجلب له السعادة، ويكون سببًا في راحته النفسية، لذلك فإن أي طفل تبدأ الأم في ملاعبته علي الفور يسارع بالاستجابة، ويطلب المزيد.
وإذا كانت الأم لا تزال تنظر إلي اللعب علي أنه مجرد وسيلة لملء وقت الفراغ فعليها أن تغير وجهة نظرها هذه، بل عليها أن تعتبر اللعب عملا.
إن اللعب هو الذي يسعد الطفل ويساعده علي النمو من جميع النواحي، فهو الفرصة المثلي التي يجد فيها الطفل مجالا لا يعوض لاكتساب كل ما يعز عليه اكتسابه في مجال الجد.
وعلي الأم أن تلاعب وليدها؛ ففي خلال الستة أشهر الأولي يحب الطفل أن يلعب معها طوال فترة يقظته، فيجب أن تقضي معه أوقاتًا ممتعة بقدر الاستطاعة، وتعلم أن الأساس المتين الذي يمكن أن يبني عليه شعور الطفل بالثقة والأمان مستقبلا هو مقدار تقبلها له ولعبها معه.
وعلي الأم محاولة التوفيق بين نوع اللعب وحالة الطفل النفسية، فإذا كان الطفل يشعر أنه قوي، فإن اللعب العنيف إلي حد ما سوف يوافق مزاجه، أما إذا كان الطفل يشعر بالتعب والمرض فإن مثل هذه الألعاب تشعره بالإحباط والمضايقة، وفي هذه الفترة من عمر الطفل يمكن مساعدته علي القيام بكثير من الأشياء والحركات مما لا يستطيع أن يقوم بها بمفرده.
وللأم دورها في انتقاء اللعبة المناسبة لقدرات طفلها، وذلك حتى تؤدي اللعبة الغرض منها. والطفل في هذه المرحلة يحتاج إلي لُعَب مُصمَّمة بطريقة آمنة، ومُلونة ويسهل الإمساك بها، وأفضل أدوات اللعب هي التي تمد الطفل بخبرات متعددة، وتكوين أشكال وأوزان وملابس مختلفة، ويمكن للأم أن تمد الطفل بالأشياء الموجودة في المنزل بشرط ألا تكون ضارة، فلا تجرحه أو تسبب له أية إصابة. وفي هذه المرحلة يحتاج الطفل إلي مكان متسع، خال من قطع الأثاث، ذي أرضية ناعمة، سهلة التنظيف، وذلك حتى ُتتاح للطفل حرية الحركة.
الفطام:
الفطام يعني انتقال الطفل من الرضاعة إلي الاعتماد علي تناول الطعام، لذلك يجب أن تتم عملية الفطام بصورة تدريجية غير مفاجئة؛ حتى لا تسبب صدمة نفسية وعاطفية للطفل، ويمكن أن يبدأ ذلك بعد الشهر الأول بإعطائه العصائر الطازجة، وفي الشهر الرابع من عمر الطفل يتم تقديم اللبن المطبوخ (المهلبية) أو الزبادي مكان إحدي الرضعات، وفي الشهر الخامس حساء (شوربة) الخضروات برضعة أخري، حتى إذا ما جاء الشهر التاسع، تكون الفترة بين الأكلات قد زادت إلي أربع ساعات، ويكون عددها قد صار خمسًا بدلا من ست. وهكذا يزداد تدريجيا عدد الوجبات التي تحل محل الرضعات بزيادة عمر الطفل،حتى تبقي رضعة في الصباح، ورضعة في المساء مثلا، ثم رضعة المساء فقط، وهكذا .
وتستمر الأم في هذا الفطام الجزئي دون التنازل عن إعطاء لبنها لوليدها، كما أمر الله - جل شأنه: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: 233]. وعند بلوغ السنتين تقريبًا يكون الطفل قد أصبح مستعدّا تمامًا لتقبل عادات جديدة في تناول الطعام بالمضغ والشرب بدلا من المص .
وتتطلب هذه المرحلة من الأم التدرُّج والصبر والحلم، وأن تضع في اعتبارها أن عملية الفطام قد يصاحبها اضطراب انفعالي، وهذا يتطلب منها أن تتعود الهدوء والاتزان خلال هذه العملية .
الحركة:
وقد يبدأ الطفل في الجلوس من الشهر الرابع إلي السادس، ويمكن أن يبدأ الطفل حبوه في الشهر السادس حتى السنة الأولي من العمر، ومهما كانت طريقة الطفل في الحبو فيترك وشأنه ولا يحاول أحد تعليمه كيف يحبو. وتخطئ كثير من الأمهات حينما يحاولن مساعدة أطفالهن علي الجلوس أو الوقوف، وقد يتسرعن في شراء المعدات اللاتي يعتقدن أنها تساعد الطفل علي المشي أو الوقوف، وهذا لا فائدة منه بتاتًا؛ فقد أثبتت التجارب أن الطفل يمشي أو يقف عندما يتمكن من ذلك، فالتعجل في مشي الطفل؛ يسبب تقوس رجليه، بل الأفضل أن يترك للتطور الطبيعي. فالحبو أمر طبيعي ويفيد عضلات الطفل، ويجب أن يأخذ وقته حتى يتهيأ للوقوف ثم المشي.
التسنين:
يختلف وقت التسنين كثيرًا بين الأطفال، إلا أن بدايته تبدأ غالبًا في الشهر السادس من عمر الطفل.. مع الإشارة إلي أنه قد يحدث بعض الشذوذ في تاريخ ظهور الأسنان، ولكن ينبغي ألا يسبب ذلك قلقًا أو توترًا للأم، لأن ذلك لا يعد مؤشرًا علي حدوث مرض للطفل.
الشهر: التغيرات الملحوظة فيه.
السادس: ظهور القاطعين الأوسطين (السنتين الأماميتين) في الفك السفلي للفم.
الثامن: ظهور القاطعين العلويين (السنتين الأماميتين في الفك العلوي).
العاشر: ظهور القاطعين الوحشين العلوين.
الثاني عشر: ظهور القاطعين الوحشين السفلين (ويكون للطفل بذلك ثماني أسنان في نهاية السنة الأولي من العمر).
سنة ونصف: ظهور الضروس الأمامية في الفكين، وتظهر الضروس السفلي قبل العليا عادة.
سنتين: ظهور الأنياب في الفكين، وتظهر الأنياب السفلي قبل العليا.
سنتين ونصف: ظهور الضروس الخلفية في الفكين، وتظهر الضروس السفلي قبل العليا (وبذلك تكتمل الأسنان اللبنية وعددها 20 سنة، عشر في كل صف).
5 - 6 سنوات: تبدأ أسنان الطفل اللبنية في السقوط، حيث يظهر مكان السن الحليبي سن دائمة لا تتغير وملازمة للطفل مدي الحياة.
6 - 7 سنوات: ظهور الطواحن الأولي الخلفية.
7 - 8 سنوات: ظهور القواطع المركزية.
8 - 9 سنوات: ظهور القواطع الجانبية.
10- 12 سنة: ظهور الطواحن الأولي الأمامية، والطواحن الثانية الأمامية.
12 - 14 سنة: ظهور الأنياب.
والواجب علي الأم:
- أن تعمل علي نظافة أسنان طفلها، وأن تجنبه الإكثار من أكل الحلوي والسكريات.
- أن تقدم للطفل غذاء متوازنًا محتويًا علي البروتينات، والسكريات والدهون، والأملاح المعدنية، والفيتامينات وخاصة فيتامين (د) الذي يساعد في تكوين العظام والأسنان.
- أن تعرضه بين الحين والآخر لأشعة الشمس حيث إنَّ لها دورًا أساسيا في تكوين الأسنان، وذلك لأن الأشعة فوق البنفسجية تسهل إنتاج فيتامين (د)، وبالتالي عمليات دخول الكالسيوم والفسفور في العظام والأسنان.
- أن تعلم أنه ليس للتسنين أية علاقة بالمتاعب التي تحدث للطفل في هذه الفترة، مثل: الإسهال أو فقدان الوزن أو الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، وأن هذه الأمراض التي تصيب الطفل ترجع نتيجة لإصابته ببعض الجراثيم التي تنتقل لجسمه عن طريق عض الطفل للأشياء الملوثة.