الردة هي الرجوع عن الشىء إلى غيره، وفي الشرع هى: رجوع المسلم البالغ العاقل عن الإسلام للكفر دون إكراه من أهله. والردة هى رجوع المسلم عن إسلامه. والمرتد هو من رجع عن إسلامه.
متى يكون المسلم مرتداًّ ؟
يكون المسلم مرتدّا إذا أنكر بعض أمور الدين؛ كالصلاة أو الصيام، أو أباح المحرمات التي أجمع على تحريمها علماء الإسلام، كأن يقول بإباحة الزنى أو الخمر أو غير ذلك. أو أن يحرم ما أجمع العلماء على تحليله، أو يقول: إن الشريعة لم تعد صالحة للعمل بها، أو يسب الدين، أو يشكك في القرآن، أو يسب النبى (.
أو أن يهزأ بأسماء الله أو بأمر من أوامره أو نهى من نواهيه، أو أن يدعى النبوة، أو أن يلقى القرآن في النجاسة، استهزاء به إلى غير ذلك من الأمور.
شروط المرتد:
لا يحكم على إنسان يفعل أى أمر من هذه الأمور بالكفر أو بالردة إلا إذا كان عاقلا بالغًا مختارًا، فإن كان مجنونًا أو صبيًا صغيرًا أو مكرهًا على النطق بكلمة الكفر فلا يعد مرتدًا، ولا يقام عليه حد الردة؛ فقد أكره عمار بن ياسر على سب النبي ( حيث قام المشركون بتعذيبه عذابًا شديدًا، وهددوه بالقتل إن لم يسب الرسول (، فلما اشتد به العذاب فعل ما أرادوا، فتركوه. فذهب للنبى ( وقص عليه ما حدث. فقال له النبى (: (كيف تجد قلبك؟) قال: مطمئن بالإيمان. فقال (: (إن عادوا فعد) أى: إن عادوا إلى إكراهك على السب فافعل. ونزل فيه قول الله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} [النحل: 106].
فالعذاب العظيم لمن نطق بالكفر واطمئن به وملأ قلبه، أما من أكره على ذلك فلا شىء عليه.
حد المرتد: حد المرتد هو القتل، قال (: "من بدَّل دينه فاقتلوه" [متفق عليه]. وقال (: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس" [متفق عليه].
ولا يقام الحد علـى المرتد بمجرد العلم بارتداده، وإنما يمهل فترة من الوقت حددها بعض الفقهاء بثلاثة أيام لعله يتوب، فإن تاب فلا يقام عليه الحد، وإن أصر على الردة يقتل.
من الذى يقيم حد الردة:
إقامة حد الردة -مثله مثل باقى الحدود- من اختصاص الحاكم أو من ينوب عنه، فلا يحل لأى إنسان أن يقتل إنسانًا مدعيا أنه يقيم حد الردة عليه، وإن أقامه؛ عذر، لتعديه على اختصاص الحاكم أو نائبه، ولكن لا يقبل به.
لا يجوز تكفير مسلم لذنب ارتكبه:
ولا يعد كل إنسان قصَّر في دينه بارتكابه المعاصى مرتدَّا عن الإسلام، بل إن الإنسان لا يعد مرتدَّا، وإن فعل فعلا يدل ظاهره على الكفر دون أن يقصد الكفر.
فالمسلم لا يجوز اتهامه بالردة مهما بلغ من الآثام، ومهما اقترف من ذنوب مادام يشهد أن لا إله إلا الله، ولا ينكر أمور الدين كالصلاة وغيرها. وإنما المرتد من نطق بالكفر واستمر الكفر في قلبه واطمأن به، قال (: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا، فقد حُرِّمَتْ علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) [البخارى].
عدم رمى المسلم بالكفر:
حذَّر النبى ( أن يرمى المسلم أخاه المسلم بالكفر فقال (: (إذا كفَّر الرجل أخاه، فقد باء بها أحدهما) [مسلم]. أى أصبح أحدهما كافرًا. فإن لم يكن من اتُهِمَ بالكفر كافرًا حقيقة، رُدَّ الكفر على المتهم. كذلك لا يدخل في الردة الوساوس التي تساور نفس الإنسان، فإنها مما لا يؤاخذ الله عليه. فقد قال (: (إن الله -عز وجل- تجاوز لأمتى عما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم به) [مسلم].
أحكام المرتد:
والمرتد الذى ثبت كفره وثبت ارتداده عن الإسلام يترتب على ارتداده أمور غير إقامة الحد عليه، هذه الأمور هى:
- يفرق بينه وبين زوجته، فإن كان المرتد امرأة فرق بينها وبين زوجها، فإن تاب المرتد وعاد للإسلام وأراد الرجوع لزوجته لزمه مهر وعقد جديدان.
- لا يكون له حق الولاية على غيره، فلا يجوز له أن يكون ولى ابنته في الزواج مثلا.
- لا يرث المرتد من مات من أقاربه، فإن مات هو ورثه أقاربه: إذا مات المرتد أو قتل، فإن كان قد ترك ميراثًا، فإنه يسد من دينه أولا، وضمان جنايته، ونفقة زوجته وقريبه، فهى حقوق لا يجوز تعطيلها، وما يتبقى من ماله، فهو فيء لجماعة المسلمين يجعل في بيت المال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم) [أحمد والترمذي وأبو داود].
وقال أبو حنيفة: إذا مات المرتد أو قتل، أو لحق بدار الحرب وترك ماله في ديار المسلمين، انتقل ما اكتسبه في إسلامه إلى ورثته، وما اكتسبه وقت الردة، فهو فيء للمسلمين، لأن الميراث له أثر رجعى عتيد إلي الماضى.
ويرى البعض أن كل مال المرتد لورثته؛ لأن ملكيته لإرثه لم تزل بردته.
ويعرض الإسلام على المرتد استحبابًا عند الأحناف، ويعرض وجوبًا عن الجمهور، فإن كانت له شبهة كشفت له، لأن الظاهر أنه ارتد بسبب شبهة، فيحبس ثلاثة أيام ندبًا عند الحنفية، ويعرض عليه الإسلام كل يوم، فإن أسلم، فلاشىء عليه، وإن أصر على الكفر؛ قتل لقوله ( :"من بدل دينه فاقتلوه" [البخارى].
ولا يقتل المرتدَّ إلا الإمام ونائبه: فإن قتله أحد بدون إذن الإمام ونائبه عذر، إلا أن يلحق المرتد بدار حرب، فلكل مسلم قتله.
حكم الزنديق حكم المرتد: والزنديق هو القائل ببقاء الدهر.