باب إفشاء السلام من الإسلام وقال عمار ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والإنفاق من الإقتار
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( بَاب )
هُوَ مُنَوَّن .
وَقَوْله : ( السَّلَام مِنْ الْإِسْلَام )
زَادَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة " إِفْشَاء السَّلَام " وَالْمُرَاد بِإِفْشَائِهِ نَشْره سِرًّا أَوْ جَهْرًا , وَهُوَ مُطَابِق لِلْمَرْفُوعِ فِي قَوْله " عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف " . وَبَيَان كَوْنه مِنْ الْإِسْلَام تَقَدَّمَ فِي بَاب إِطْعَام الطَّعَام مَعَ بَقِيَّة فَوَائِده . وَغَايَرَ الْمُصَنِّف بَيْن شَيْخَيْهِ اللَّذَيْنِ حَدَّثَاهُ عَنْ اللَّيْث مُرَاعَاة لِلْإِتْيَانِ بِالْفَائِدَةِ الْإِسْنَادِيَّة وَهِيَ تَكْثِير الطُّرُق حَيْثُ يَحْتَاج إِلَى إِعَادَة الْمَتْن , فَإِنَّهُ لَا يُعِيد الْحَدِيث الْوَاحِد فِي مَوْضِعَيْنِ عَلَى صُورَة وَاحِدَة . فَإِنْ قِيلَ : كَانَ يُمْكِنهُ أَنْ يَجْمَع الْحُكْمَيْنِ فِي تَرْجَمَة وَاحِدَة وَيُخَرِّج الْحَدِيث عَنْ شَيْخَيْهِ مَعًا , أَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون كُلّ مِنْ شَيْخَيْهِ أَوْرَدَهُ فِي مَعْرِض غَيْر الْمَعْرِض الْآخَر , وَهَذَا لَيْسَ بِطَائِلٍ ; لِأَنَّهُ مُتَوَقِّف عَلَى ثُبُوت وُجُود تَصْنِيف مُبَوَّب لِكُلٍّ مِنْ شَيْخَيْهِ , وَالْأَصْل عَدَمه ; وَلِأَنَّ مَنْ اِعْتَنَى بِتَرْجَمَةِ كُلّ مِنْ قُتَيْبَة وَعَمْرو بْن خَالِد لَمْ يَذْكُر أَنَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَصْنِيفًا عَلَى الْأَبْوَاب ; وَلِأَنَّهُ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبُخَارِيّ يُقَلِّد فِي التَّرَاجِم , وَالْمَعْرُوف الشَّائِع عَنْهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَنْبِط الْأَحْكَام فِي الْأَحَادِيث وَيُتَرْجِم لَهَا وَيَتَفَنَّن فِي ذَلِكَ بِمَا لَا يُدْرِكهُ فِيهِ غَيْره ; وَلِأَنَّهُ يَبْقَى السُّؤَال بِحَالِهِ إِذْ لَا يَمْتَنِع مَعَهُ أَنْ يَجْمَعهُمَا الْمُصَنِّف , وَلَوْ كَانَ سَمِعَهُمَا مُفْتَرِقَيْنِ . وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْبُخَارِيّ أَنَّهُ يَقْصِد تَعْدِيد شُعَب الْإِيمَان كَمَا قَدَّمْنَاهُ , فَخَصَّ كُلّ شُعْبَة بِبَابٍ تَنْوِيهًا بِذِكْرِهَا , وَقَصْد التَّنْوِيه يَحْتَاج إِلَى التَّأْكِيد فَلِذَلِكَ غَايَرَ بَيْن التَّرْجَمَتَيْنِ .
قَوْله : ( وَقَالَ عَمَّار )
هُوَ اِبْن يَاسِر , أَحَد السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ , وَأَثَره هَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي كِتَاب الْإِيمَان مِنْ طَرِيق سُفْيَان الثَّوْرِيّ , وَرَوَاهُ يَعْقُوب بْن شَيْبَة فِي مُسْنَده مِنْ طَرِيق شُعْبَة وَزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة وَغَيْرهمَا كُلّهمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاق السُّبَيْعِيّ عَنْ صِلَة بْن زُفَر عَنْ عَمَّار , وَلَفْظ شُعْبَة " ثَلَاث مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان " وَهُوَ بِالْمَعْنَى , وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي جَامِع مَعْمَر عَنْ أَبِي إِسْحَاق . وَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ مَعْمَر , وَحَدَّثَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق بِآخِرَة فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّار فِي مُسْنَده وَابْن أَبِي حَاتِم فِي الْعِلَل كِلَاهُمَا عَنْ الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه الْكُوفِيّ , وَكَذَا رَوَاهُ الْبَغَوِيِّ فِي شَرْح السُّنَّة مِنْ طَرِيق أَحْمَد بْن كَعْب الْوَاسِطِيِّ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ فِي مُعْجَمه عَنْ مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح الصَّنْعَانِيِّ ثَلَاثَتهمْ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق مَرْفُوعًا . وَاسْتَغْرَبَهُ الْبَزَّار , وَقَالَ أَبُو زُرْعَة : هُوَ خَطَأ . قُلْت : وَهُوَ مَعْلُول مِنْ حَيْثُ صِنَاعَة الْإِسْنَاد ; لِأَنَّ عَبْد الرَّزَّاق تَغَيَّرَ بِآخِرَة , وَسَمَاع هَؤُلَاءِ مِنْهُ فِي حَال تَغَيُّره , إِلَّا أَنَّ مِثْله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فَهُوَ فِي حُكْم الْمَرْفُوع , وَقَدْ رُوِّينَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَمَّار أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده ضَعْف , وَلَهُ شَوَاهِد أُخْرَى بَيَّنْتهَا فِي " تَعْلِيق التَّعْلِيق " .
قَوْله ( ثَلَاث )
أَيْ : ثَلَاث خِصَال , وَإِعْرَابه نَظِير مَا مَرَّ فِي قَوْله " ثَلَاث مَنْ كُنَّ فِيهِ " وَالْعَالَم بِفَتْحِ اللَّام وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا جَمِيع النَّاس , وَالْإِقْتَار الْقِلَّة وَقِيلَ الِافْتِقَار , وَعَلَى الثَّانِي فَمِنْ فِي قَوْله " مِنْ الْإِقْتَار " بِمَعْنَى مَعَ , أَوْ بِمَعْنَى عِنْد . قَالَ أَبُو الزِّنَاد بْن سِرَاج وَغَيْره : إِنَّمَا كَانَ مَنْ جَمَعَ الثَّلَاث مُسْتَكْمِلًا لِلْإِيمَانِ لِأَنَّ مَدَاره عَلَيْهَا ; لِأَنَّ الْعَبْد إِذَا اِتَّصَفَ بِالْإِنْصَافِ لَمْ يَتْرُك لِمَوْلَاهُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ إِلَّا أَدَّاهُ , وَلَمْ يَتْرُك شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ إِلَّا اِجْتَنَبَهُ , وَهَذَا يَجْمَع أَرْكَان الْإِيمَان . وَبَذْل السَّلَام يَتَضَمَّن مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالتَّوَاضُع وَعَدَم الِاحْتِقَار , وَيَحْصُل بِهِ التَّآلُف وَالتَّحَابُب , وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار يَتَضَمَّن غَايَة الْكَرَم لِأَنَّهُ إِذَا أَنْفَقَ مِنْ الِاحْتِيَاج كَانَ مَعَ التَّوَسُّع أَكْثَر إِنْفَاقًا , وَالنَّفَقَة أَعَمّ مِنْ أَنْ تَكُون عَلَى الْعِيَال وَاجِبَة وَمَنْدُوبَة , أَوْ عَلَى الضَّيْف وَالزَّائِر , وَكَوْنه مِنْ الْإِقْتَار يَسْتَلْزِم الْوُثُوق بِاَللَّهِ وَالزُّهْد فِي الدُّنْيَا وَقِصَر الْأَمَل وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ مُهِمَّات الْآخِرَة . وَهَذَا التَّقْرِير يُقَوِّي أَنْ يَكُون الْحَدِيث مَرْفُوعًا ; لِأَنَّهُ يُشْبِه أَنْ يَكُون كَلَام مَنْ أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلِم . وَاَللَّه أَعْلَم .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( بَاب )
هُوَ مُنَوَّن .
وَقَوْله : ( السَّلَام مِنْ الْإِسْلَام )
زَادَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة " إِفْشَاء السَّلَام " وَالْمُرَاد بِإِفْشَائِهِ نَشْره سِرًّا أَوْ جَهْرًا , وَهُوَ مُطَابِق لِلْمَرْفُوعِ فِي قَوْله " عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف " . وَبَيَان كَوْنه مِنْ الْإِسْلَام تَقَدَّمَ فِي بَاب إِطْعَام الطَّعَام مَعَ بَقِيَّة فَوَائِده . وَغَايَرَ الْمُصَنِّف بَيْن شَيْخَيْهِ اللَّذَيْنِ حَدَّثَاهُ عَنْ اللَّيْث مُرَاعَاة لِلْإِتْيَانِ بِالْفَائِدَةِ الْإِسْنَادِيَّة وَهِيَ تَكْثِير الطُّرُق حَيْثُ يَحْتَاج إِلَى إِعَادَة الْمَتْن , فَإِنَّهُ لَا يُعِيد الْحَدِيث الْوَاحِد فِي مَوْضِعَيْنِ عَلَى صُورَة وَاحِدَة . فَإِنْ قِيلَ : كَانَ يُمْكِنهُ أَنْ يَجْمَع الْحُكْمَيْنِ فِي تَرْجَمَة وَاحِدَة وَيُخَرِّج الْحَدِيث عَنْ شَيْخَيْهِ مَعًا , أَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون كُلّ مِنْ شَيْخَيْهِ أَوْرَدَهُ فِي مَعْرِض غَيْر الْمَعْرِض الْآخَر , وَهَذَا لَيْسَ بِطَائِلٍ ; لِأَنَّهُ مُتَوَقِّف عَلَى ثُبُوت وُجُود تَصْنِيف مُبَوَّب لِكُلٍّ مِنْ شَيْخَيْهِ , وَالْأَصْل عَدَمه ; وَلِأَنَّ مَنْ اِعْتَنَى بِتَرْجَمَةِ كُلّ مِنْ قُتَيْبَة وَعَمْرو بْن خَالِد لَمْ يَذْكُر أَنَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَصْنِيفًا عَلَى الْأَبْوَاب ; وَلِأَنَّهُ لَزِمَ مِنْهُ أَنَّ الْبُخَارِيّ يُقَلِّد فِي التَّرَاجِم , وَالْمَعْرُوف الشَّائِع عَنْهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَنْبِط الْأَحْكَام فِي الْأَحَادِيث وَيُتَرْجِم لَهَا وَيَتَفَنَّن فِي ذَلِكَ بِمَا لَا يُدْرِكهُ فِيهِ غَيْره ; وَلِأَنَّهُ يَبْقَى السُّؤَال بِحَالِهِ إِذْ لَا يَمْتَنِع مَعَهُ أَنْ يَجْمَعهُمَا الْمُصَنِّف , وَلَوْ كَانَ سَمِعَهُمَا مُفْتَرِقَيْنِ . وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْبُخَارِيّ أَنَّهُ يَقْصِد تَعْدِيد شُعَب الْإِيمَان كَمَا قَدَّمْنَاهُ , فَخَصَّ كُلّ شُعْبَة بِبَابٍ تَنْوِيهًا بِذِكْرِهَا , وَقَصْد التَّنْوِيه يَحْتَاج إِلَى التَّأْكِيد فَلِذَلِكَ غَايَرَ بَيْن التَّرْجَمَتَيْنِ .
قَوْله : ( وَقَالَ عَمَّار )
هُوَ اِبْن يَاسِر , أَحَد السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ , وَأَثَره هَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل فِي كِتَاب الْإِيمَان مِنْ طَرِيق سُفْيَان الثَّوْرِيّ , وَرَوَاهُ يَعْقُوب بْن شَيْبَة فِي مُسْنَده مِنْ طَرِيق شُعْبَة وَزُهَيْر بْن مُعَاوِيَة وَغَيْرهمَا كُلّهمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاق السُّبَيْعِيّ عَنْ صِلَة بْن زُفَر عَنْ عَمَّار , وَلَفْظ شُعْبَة " ثَلَاث مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان " وَهُوَ بِالْمَعْنَى , وَهَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي جَامِع مَعْمَر عَنْ أَبِي إِسْحَاق . وَكَذَا حَدَّثَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ مَعْمَر , وَحَدَّثَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق بِآخِرَة فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّار فِي مُسْنَده وَابْن أَبِي حَاتِم فِي الْعِلَل كِلَاهُمَا عَنْ الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه الْكُوفِيّ , وَكَذَا رَوَاهُ الْبَغَوِيِّ فِي شَرْح السُّنَّة مِنْ طَرِيق أَحْمَد بْن كَعْب الْوَاسِطِيِّ , وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن الْأَعْرَابِيّ فِي مُعْجَمه عَنْ مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح الصَّنْعَانِيِّ ثَلَاثَتهمْ عَنْ عَبْد الرَّزَّاق مَرْفُوعًا . وَاسْتَغْرَبَهُ الْبَزَّار , وَقَالَ أَبُو زُرْعَة : هُوَ خَطَأ . قُلْت : وَهُوَ مَعْلُول مِنْ حَيْثُ صِنَاعَة الْإِسْنَاد ; لِأَنَّ عَبْد الرَّزَّاق تَغَيَّرَ بِآخِرَة , وَسَمَاع هَؤُلَاءِ مِنْهُ فِي حَال تَغَيُّره , إِلَّا أَنَّ مِثْله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فَهُوَ فِي حُكْم الْمَرْفُوع , وَقَدْ رُوِّينَاهُ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَمَّار أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِير وَفِي إِسْنَاده ضَعْف , وَلَهُ شَوَاهِد أُخْرَى بَيَّنْتهَا فِي " تَعْلِيق التَّعْلِيق " .
قَوْله ( ثَلَاث )
أَيْ : ثَلَاث خِصَال , وَإِعْرَابه نَظِير مَا مَرَّ فِي قَوْله " ثَلَاث مَنْ كُنَّ فِيهِ " وَالْعَالَم بِفَتْحِ اللَّام وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا جَمِيع النَّاس , وَالْإِقْتَار الْقِلَّة وَقِيلَ الِافْتِقَار , وَعَلَى الثَّانِي فَمِنْ فِي قَوْله " مِنْ الْإِقْتَار " بِمَعْنَى مَعَ , أَوْ بِمَعْنَى عِنْد . قَالَ أَبُو الزِّنَاد بْن سِرَاج وَغَيْره : إِنَّمَا كَانَ مَنْ جَمَعَ الثَّلَاث مُسْتَكْمِلًا لِلْإِيمَانِ لِأَنَّ مَدَاره عَلَيْهَا ; لِأَنَّ الْعَبْد إِذَا اِتَّصَفَ بِالْإِنْصَافِ لَمْ يَتْرُك لِمَوْلَاهُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ إِلَّا أَدَّاهُ , وَلَمْ يَتْرُك شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ إِلَّا اِجْتَنَبَهُ , وَهَذَا يَجْمَع أَرْكَان الْإِيمَان . وَبَذْل السَّلَام يَتَضَمَّن مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالتَّوَاضُع وَعَدَم الِاحْتِقَار , وَيَحْصُل بِهِ التَّآلُف وَالتَّحَابُب , وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار يَتَضَمَّن غَايَة الْكَرَم لِأَنَّهُ إِذَا أَنْفَقَ مِنْ الِاحْتِيَاج كَانَ مَعَ التَّوَسُّع أَكْثَر إِنْفَاقًا , وَالنَّفَقَة أَعَمّ مِنْ أَنْ تَكُون عَلَى الْعِيَال وَاجِبَة وَمَنْدُوبَة , أَوْ عَلَى الضَّيْف وَالزَّائِر , وَكَوْنه مِنْ الْإِقْتَار يَسْتَلْزِم الْوُثُوق بِاَللَّهِ وَالزُّهْد فِي الدُّنْيَا وَقِصَر الْأَمَل وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ مُهِمَّات الْآخِرَة . وَهَذَا التَّقْرِير يُقَوِّي أَنْ يَكُون الْحَدِيث مَرْفُوعًا ; لِأَنَّهُ يُشْبِه أَنْ يَكُون كَلَام مَنْ أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلِم . وَاَللَّه أَعْلَم .