محب الشهادة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

محب الشهادة

محب الشهادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشهادة في سبيل الله هي ((اكرم وسيلة لعبادة الله))


    عندما ينزل البلاء بالمجاهدين

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 942
    نقاط : 2884
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 48
    الموقع : https://achahada-123.ahladalil.com

    عندما ينزل البلاء بالمجاهدين Empty عندما ينزل البلاء بالمجاهدين

    مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 15, 2010 3:55 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

    وبعد...

    عندما ينزل البلاء بالمجاهدين لا ينبغي أن يقتصر الحديث وحسب على التوصيف أو التمجيد أو الرثاء، كما هو شائع وملموس، وإنما يجب أن يمتد ليشمل عملية التقييم والمحاسبة والمساءلة الجادة والجريئة للنفس والمواقف والأفعال، والنظر في جميع الأسباب التي أدت لنزول هذا البلاء، لتفاديها، ولكي لا تتكرر الأخطاء فيتكرر البلاء، ويتكرر المصاب!

    عندما تفشل جماعة من الجماعات الجهادية المعاصرة في تحقيق أهدافها أو بعض أهدافها، لا يجوز أن نرد ذلك الفشل إلى مبدأ الجهاد الذي شرعه الله تعالى وأمر به، وإلى انتهاج طريق الجهاد، كما يفعل ذلك بعض الذين لا يفقهون، وإنما يجب على الجماعة حينئذٍ أن تتهم نفسها، وتراجع مواقفها وسياستها، وسلوكها بكل تجرد وإخلاص، لتقف على الأخطاء فتتوب منها وتتفاداها، وعلى الحسنات، فتحمد الله عليها، وتعمل على تنميتها وزيادتها.

    لا بد من أن نملك الجرأة الكافية لمحاسبة النفس على كل تقصير، وإجراء عملية التقييم الواعية بعد كل عمل، هذا إذا كنا جادين في المسير من أجل نصرة هذا الدين.

    لا بد من أن نملك الجرأة على أن نقول للمخطئ - أياً كان - أخطأت، وللمحسن المصيب - أياً كان - أحسنت وأصبت، وهذا من تمام النصح والعدل والإنصاف.

    والقرآن الكريم قد دلنا على هذا المعنى؛ ففي موقعة أحد لم يتناول وحسب ما للشهداء من أجر وثواب، بل تعدى ذلك ليبين أسباب الهزيمة، والأسباب التي أدت لنزول البلاء بالمسلمين المجاهدين، ليتم اجتنابها وعدم تكرارها، فقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} آل عمران: 165.

    قال ابن كثير: (قال محمد بن إسحاق، وابن جريج، والربيع بن أنس، والسدي: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} أي بسبب عصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم؛ يعني بذلك الرماة) اهـ.

    فقُتل من خيرة الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - بسبب هذه المخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعون رجلاً!

    وفي موقعة حنين كذلك لما أعجبتهم كثرتهم، وغفلوا للحظات أن النصر من عند الله تعالى وحده، لا بكثرة الجند، فكانت النتيجة أن هُزموا في أول المعركة وولوا مدبرين إلا النبيّ صلى الله عليه وسلم وقليلاً ممن ثبت معه من خيار الصحابة، فقال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} التوبة: 25.

    وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} الشورى: 30.

    وفي الحديث، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال: (كان إذا صلى همس، فقال صلى الله عليه وسلم: أفطنتم لذلك؟ إني ذكرت نبياً من الأنبياء أعطي جنوداً من قومه، فقال: من يكافئ هؤلاء، أو من يقاتل هؤلاء؟ أو كلمة شبهها، فأوحى الله إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث: أن أسلط عليهم عدوهم، أو الجوع، أو الموت، فاستشار قومه في ذلك؟ فقالوا: نكل ذلك إليك، أنت نبي الله، فقال: فصلى، وكانوا إذا فزعوا، فزعوا إلى الصلاة، فقال: يا رب أما الجوع أو العدو، فلا، ولكن الموت، فسلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً، فهمسي الذي ترون أني أقول: اللهم بك أقاتل، وبك أصاول، ولا حول ولا قوة إلا بالله) .

    فتأملوا، هذا نبي من أنبياء الله قال كلمة على وجه الإعجاب بجنده ومقاتليه، قد نقول نحن في أنفسنا وإخواننا أضعافها ولا نبالي، كانت كفارتها أن "سلط عليهم الموت ثلاثة أيام، فمات منهم سبعون ألفاً"!!

    لذا أعود فأقول:

    أيما مصاب أو بلاء ينزل بساحة المجاهدين، ينبغي أن ينفروا - على وجه السرعة - إلى أنفسهم ليحاسبوها ويتهموها، قبل أن يتهموا أحداً غيرهم، ولينظروا ماذا بدر منهم من تقصير وهم يدرون أو لا يدرون؛ هل تخلفوا عن سبب من أسباب النصر وهم يقدرون عليه ثم لم يفعلوا، هل عصوا الله ورسوله في شيء وهم يدرون أو لا يدرون، هل فرطوا ببعض الفرائض والواجبات، هل تركوا سنة السواك التي كانت سبباً في تأخر نصر المسلمين في إحدى المعارك في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه، هل وقعوا بنوع إسراف في القتل بغير وجه حق، هل وقعوا بنوع غدر وهم يدرون أو لا يدرون، هل آذوا المسلمين في جهادهم وكانوا يستطيعون أن يتفادوا هذا النوع من الأذى ثم لم يفعلوا، هل وسعوا دائرة المعركة والمواجهة أكثر من طاقتهم وإمكانياتهم، هل ما أصابهم كان بسبب أنهم بدءوا بقتال الأفعى من جهة ذيلها ووسطها بدلاً من أن يُقاتلوها من جهة الرأس، فانشغلوا بالصعاليك وبمن لا زبر له عن أئمة الكفر والطغيان، هل هو بسبب استخفافهم بقوة العدو وقدراته وعدم تشخيصهم الدقيق لحجم قواته، هل بينهم عصاة أو من فيه بعض خصال وأخلاق الخوارج الغلاة وهم يدرون أو لا يدرون، هل بينهم ممن هم في شك وتردد من أحقية وشرعية مواجهة الطاغوت ونظامه وعصابته، هل هو الاستعجال في قطف الثمار قبل نضجها وحلول أوان قطافها، هل لوقوعهم بشيء من الرياء، والإعجاب والغرور الذي يُنسي فضل الله على عبده وجنده، وبخاصة أننا نلحظ في الفترة الأخيرة انتشار الفلاشات والصور عبر مواقع الإنترنت والتي تصور المجاهدين بصور شتى قد تؤثر على الإخلاص؛ فتُبطل العمل، وترفع عنهم نصر الله تعالى ومدده، فالله تعالى أغنى الأغنياء عن الشرك؛ فمن عمل لله عملاً أشرك فيه غير الله فالله منه بريء، وعمله للذي أشرك، فالله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه سبحانه وتعالى، ومن سمَّع الناس بعمله سمَّع الله به وصغره وحقَّره كما ورد ذلك في الحديث، وغيرها كثير من الأسئلة ينبغي أن يوجهوها لأنفسهم، ويُحسنوا الإجابة عنها بكل جرأة وصراحة وتجرد وإخلاص، عسى أن ينكشف لهم مكمن الداء، وسبب نزول البلاء أو المصاب، فيعملوا على إزالته والتخلص منه.

    لا ينبغي أن نُعطل العمل بواجب النصيحة الهادفة الراشدة - التي يجب أن تُعطى لجميع المسلمين خاصتهم وعامتهم - بحجة أن المجاهدين هم أعلم من على الأرض، وأنهم يَنصحون ولا يُنصحون، ولا يُخطئون، وأنهم لا يحتاجون إلى نصيحة الآخرين!

    فالدين كله النصيحة، فمن لا ينصح لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، فلا دين له، كما أن الناس كلهم في خسر، {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} العصر: 3.

    لا يمكن أن نتعامل مع النصيحة الراشدة المخلصة أياً كان صاحبها - وإن خالفت أهواءنا - باستعلاء، واستخفاف، واحتقار، فالكبر - الذي يمقته الله ويمقت أهله - هو رد الحق واحتقار الخلق، وهذا خُلق شنيع بغيض، يمحق كل بركة، أعيذ نفسي وإخواني من أن نتخلق به!

    عندما تدنو الخطوب، وينزل البلاء، لا بد للعقل من أن يُعطى فرصة للكلام والنظر، وأن لا يُمارَس عليه الإرهاب والتحجير، كما لا بد للحكمة من أن تدلي بدلوها بكل حرية ومن دون أدنى خوف، فإذا حُظِرَ على العقل ومُنع من الكلام ورُمي عند كل أول حديث له بالخذلان، والحكمة كلما تنفست وأدلت بدلوها رُميت بالجبن والتخاذل، فعلى المجاهدين حينئذٍ السلام!

    في كثير من الأحيان يكون الرأي السديد الموفق، والقرار الحكيم الجريء، أنفع للمجاهد وجهاده مما يحمله من عتاد وسلاح!

    الحماس مطلوب، لكن الزائد منه يضر، كذلك الأناة والروية، ودراسة مضاعفات كل حدث، مطلوبة، لكن الزائد منها يضر، ويُشل العمل ويوقفه!

    كثير من الحركات الجهادية المعاصرة أوتيت من جهة الحماسة الزائدة، وممارسة الإرهاب الفكري على العقل، وعلى كل صوت يُعاكس تلك الحماسة الزائدة!

    لا أزال أذكر تلك المجموعة من خيرة شباب الإسلام والجهاد في زماننا المعاصر، وكان تعدادهم يزيد عن السبعين مجاهد، بقيادة الأخ الشيخ المجاهد عدنان عقلة - فك الله أسره وأسر إخوانه - عندما أرادوا أن يتجاوزوا الحدود السورية ليستأنفوا جهادهم ضد الطاغوت ونظامه الطائفي الفاسد، حيث كان الأخ ينزل ظاناً أن الذين سيستقبلونه من جهة الأراضي السورية هم من الأخوة المجاهدين، ولكن في حقيقة الأمر كانوا الذين يستقبلونه هم من جند الطاغوت ومخابراته بعد أن تصنعوا أنهم من الأخوة والمجاهدين، ليأخذوه مباشرة إلى سجون الطاغوت، ليعيش فتنتها ومحنتها، وكنا في الخارج نعلم ذلك، ولكن لم نكن نجرؤ أن نوقف استمرار نزول الإخوان، أو إيقاف هذه المجزرة البشعة بحق هؤلاء الصفوة من المجاهدين، والذي كان منا يُحاول أن يفعل أو يتكلم، كان مباشرة يُرمى - من قبل أولئك المزاودين من المتحمسين، والمشبوهين من ذوي الصوت العالي - بالجبن والتخاذل، وأنه ضد الجهاد والمجاهدين!!

    وبعد أن تم الذي تم، وحصل الذي حصل، واعتقل الأخ عدنان ومن معه من أولئك الشباب المجاهد، وانتعش النظام الطاغي وتنفس الصعداء بعد اعتقالهم، فما كان من هؤلاء المزاودين في حماسهم، الذين كمموا الأفواه، وأرهبوا كل صوت يُخالفهم، سوى أن ينزلوا بإرادتهم مستسلمين ومبايعين للنظام النصيري البعثي، وكعملاء رخاص، ومنهم - لكونه يُحسن المزاودة والصياح في كل شيء حتى في العمالة والخيانة - من جُعل من المقربين من الطاغوت ونظامه؛ فأصبح عضواً في مجلس الشعب السوري!

    القصص كثيرة، وكثير من فصولها تتكرر في أكثر من مكان، وزمان، ولكن أين الذين يعتبرون، الذين يقرؤون تجارب الغير ويستفيدون منها، فلا يُلدغون من نفس الجحر الذي لدغ منه إخوانهم ممن سبقوهم في الجهاد؟!

    30/5/1425 هـ

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:14 pm