محب الشهادة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

محب الشهادة

محب الشهادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشهادة في سبيل الله هي ((اكرم وسيلة لعبادة الله))


    ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 942
    نقاط : 2884
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 48
    الموقع : https://achahada-123.ahladalil.com

    ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار Empty ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 16, 2010 5:04 pm

    إفادة أسير...

    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، إله المرسلين، الذي أنزل الكتاب المبين على قلب نبيه ليكون نذيرا للعالمين، مالك يوم الدين، الذي له الحمد في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه ترجعون.

    ثم الصلاة على خير من بعث فأدى، وبلغ فأوفى، ورادوه المشركون للتنازل عن دينه فأبى، فصلوات الله وسلامه عليه تترى، حتى يتقبل ويرضى.

    أما بعد...

    نحن قوم كنا في جاهلية جهلاء، في وقت عطلت فيه أحكام الله المطهرة ونسي كتاب الله جانبا، واستبدل بشرائع شتى من اذهان وحثالات البشر، فأصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، وأشيعت الفاحشة بين الناس، وفشى الزنا في أشراف القوم وعامتهم، وأصبح الربا والخمر يسميان بغير أسميهما تغطية للحق وتجميلا لصورة الباطل.

    وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول في الحديث الصحيح: (يشرب اناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها).

    وقطعت الأرحام، واستبيحت الحرم، وأزهقت الأنفس، وسالت الدماء بغير حق، كل ذلك سببه غياب حكم الله عز وجل الذي فيه السعادة الأبدية، قال تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يؤمنون}.

    فمن الله علينا بأن أنار لنا طريق الهداية بعد ظلام دامس خيم عليه الشرك والفسوق والعصيان، وبصر أعيننا وأفئدتنا إلى الحق، في وقت أصبحت فيه عيون كثير من الناس مصابة بالعشى - فنسأل الله العافية - قال تعالى: {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}، وقال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء}.

    فنهضنا بفضل الله عز وجل ندعو الناس للرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وإلى متابعة أمره ونهيه والتحذير من عصيانه ومخالفة أمره، قال تعالى: {يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد * يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار}، فلا سبيل للرشاد إلا بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا يطاع غيره، ولا يعبد غيره، ولا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}، وقال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}.

    ولكن سنة الله ثابتة في أن الحق والباطل يصطرعان إلى يوم القيامة، فما راق لأصحاب الباطل أن يروا أصحاب الحق يدعون الناس إلى التوحيد، وما طاب لأهل الشرك والتنديد أو يروا أهل التوحيد يخرجون الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، قال تعالى: {وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون}.

    فرجوع الناس إلى ربهم معناه انتهاء جولة الباطل وانتهاء حكمهم وفقدانهم لملذاتهم وشهواتهم، فكيف يعيش رؤوس القوم سواسية مع المساكين والضعفاء، لهم ما للمساكين وعليهم ما على المساكين، قال تعالى: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم اراذلنا بادي الامر}، وقال تعالى: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يرديون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا}.

    روى الإمام أحمد وغيره في سبب نزول هذه الآية: أنه مر ملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعنده خباب بن الأرت وصهيب وبلال وعمار - فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء؟! أهؤلاء من الله عليهم من بيننا؟! لو طردت هؤلاء لاتبعناك!

    فارادوا أن يوقفوا هذا السيل الجارف للباطل، المطهر للأرض من الشرك، فعملوا على محاربتنا بشتى الوسائل، قال تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}.

    فهذه الدعوة نحملها لنزفها إلى الناس مبشرين بجنة عرضها السموات والأرض إن أطاعوا، ومحذريهم من عقاب الله إن خالفوا واتبعوا أهواءهم.

    أيها القاضي بغير ما أنزل الله:

    تعلم ان خلاصة دعوتنا متمثلة بقوله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، فإن أول وأهم ما افترض الله على عباده تعلمه والعمل به هو التوحيد - أي الكفر بالطاغوت والإيمان بالله - قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، قال المفسرون: أي ليوحدوني وحدي.

    وقد تظنون - أيها القضاة - أن العبادة إنما هي الصلاة والصيام والزكاة فقط، فتقولون: نحن نعبد الله، وهل ترانا نعبد غيره؟! فنصلي ونسجد ونصوم ونذبح لله!

    فأقول لكم: إن العبادة ليست كما تفهمونها بهذا الفهم الضيق، بل هي أوسع واشمل مما تظنون، فكلمة التوحيد التي خلق الله من اجلها الخلق وأرسل الرسل وانزلت عليهم الكتب هي؛ "لا إله إلا الله".

    وتنقسم إلى شقين:

    شق النفي، وهو "لا إله"؛ أي لا معبود بحق سوى الله، فتنفي الإلوهية عن غير الله، فلا يعبد غيره في صيام ولا صلاة ولا حج ولا تشريع.

    والشق الآخر، الإثبات، وهو "إلا الله"؛ أي إثبات الإلوهية لله وحده، فلا يطاع غيره في كل كبيرة وصغيرة.

    فجاءت هذه الكلمة العظيمة - كلمة التوحيد - التي لا ينجو العبد من النار إلا بتحقيقها وبالإتيان بشروطها ومقتضياتها، فقول الله عز وجل: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها}، جاءت مفسرة لهذه الكلمة العظيمة، فقوله: {فمن يكفر بالطاغوت}، أي ينفي الإلوهية والعبودية عن غير الله، وقوله: {يؤمن بالله}، إقرار وإثبات لعبودية الله وحده.

    وقد ضمن الله لمن آمن به وحده وكفر بالطاغوت بأنه المتمسك بالعروة الوثقى، تلك العروة التي لا نجاة إلا بالتشبث بها، فالصلاة عروة، والزكاة عروة، والحج عروة، وأعمال البر عرى كلها، ولكن من تمسك بأي عروة من هذه العرى ولم يستمسك بعروة التوحيد لا شك أنها تنفصم ولن تنفعه عند الله، قال تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}، لأنها لم تؤسس على التوحيد الخالص، قال تعالى: {وجوه يؤمئذ خاشعة عاملة ناصبة}.

    مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بدير راهب، فناداه: (يا راهب)، فأشرف، فجعل عمر ينظر إليه ويبكي، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا؟! قال: (ذكرت قوله عز وجل: {عاملة ناصبة تصلى نارا حامية}، فذاك الذي أبكاني، عملت كثيرا ونصبت فيه، وصليت يوم القيامة نارا حامية).

    فلذلك أول ما يسأل العبد يوم القيامة عن توحيده، وتحقيقه لعبودية الله وحده.

    ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن أبن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن، قال: (إنك تقدم قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله - وفي رواية أن يوحدوا الله - فإن هم أجابوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم وترد على فقرائهم).

    فلم يدعوهم بداية إلى الصلاة والزكاة والحج وغيرها من شرائع الإسلام، ولكن أمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعوهم إلى عبادة الله وحده.

    قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}.

    والطاغوت - لغة - كل ما زاد عن حده، قال تعالى: {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية}، أي عندما زاد الماء عن حده حملناكم في السفينة.

    والطاغوت – اصطلاحا - هو كل ما عبد من دون الله، وهو راض بالعبادة.

    وتتنوع أشكال الطاغوت، فتارة يكون الطاغوت صنما، وتارة قبرا أو إنسانا أو قانونا، ولقد كانوا في الجاهلية الأولى يعبدون الأصنام ويذبحون عندها ويدعونها، وجاء بعدهم من عبد القبور فيذبحون لها ويتبركون بها ويتخذونها آلهة واربابا تعبد من دون الله، ولكن ابتلي الناس في هذا العصر باتخاذهم لونا آخر من الآلهة يعبدونها، وهي طاعة أشخاص تابعوهم بالتحريم والتحليل، فيشرعون لهم ما يوافق أهواءهم، فيحلون لهم الحرام ويحرمون عليهم الحلال، فمن تابعهم على ذلك اتخذهم أربابا من دون الله، قال تعالى: {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه}.

    روى الإمام أحمد وغيره عن عدي بن حاتم - كان نصرانيا ثم أسلم -: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قول الله عز وجل: {اتخذوا احبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}، فقال: يا رسول الله ما عبدوهم - وكان يظن أن العبادة إنما هي الركوع والسجود - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألم يكونوا يحلوا لهم الحرام ويحرموا عليهم الحلال فيتبعونهم؟)، قال: نعم، قال: (فتلك عبادتهم).

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، إن علموا أنهم بدلوا دين الله فتابعوهم على التبديل فهذا كفر، فقد جعله الله ورسوله شركا، وإن لم يكونوا يصلون ويسجدون لهم) أهـ.

    ويقول في موضع آخر: (ومتى ترك العلم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله، كان مرتدا كافرا يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة) اهـ.

    قال تعالى: {المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون}، ويقول تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلونكم وإن أطعتموهم إنكم إذا لمشركون}.

    روى الطبراني عن ابن عباس؛ لما نزلت هذه الآية أرسلت فارس إلى قريش ان خاصموا محمدا، وقولوا له: تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال، وما ذبح الله عز وجل فهو حرام؟!

    أيها القاضي بغير ما أنزل الله:

    إذا عرفت هذا، وظهر لك أن الكفر البواح والشرك الصراح إتخاذ غير الله مشرعا - سواء كان هذا المشرع عالما أو حاكما أو نائبا أو شيخ عشيرة - وعلمتم أن الله قد حكم على الشرك في كتابه، فقال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.

    ثم علمتم أن المادة "26" من دستوركم الوضعي تنص على: (أ/ السلطة التشريعية تناط بالملك واعضاء مجلس الامة. ب/ تمارس السلطة التشريعية وغيرها صلاحياتها ومهامها وفقا لمواد الدستور).

    عرفتم أن كل من قبل بهذا الدين المحدث والكفر البواح المناقض لدين الله تعالى وتوحيده؛ أنه قد اتخذ هؤلاء المشرعين اربابا من دون الله تعالى، يشركهم مع الله في عبادته.

    قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى - وكان قاضي المحاكم الشرعية في بداية تحكيم مصر للقوانين الوضعية -: (هذه القوانين التي فرضها على المسلمين اعداء الإسلام هي في حقيقتها دين آخر جعلوه دينا للمسلمين بدلا من دينهم السامي النقي، لانهم اوجبوا عليهم طاعتها وغرسوا في قلوبهم حبها وتقديسها والعصبية لها... حتى جرى على الألسنة والأقلام - كثيرا - كلمات "تقديس القانون" و "قدسية القانون" و "حرمة المحكمة" وأمثال ذلك من الكلمات التي يأبون أن توصف بها الشريعة الإسلامية واراء الفقهاء، بل حينئذ يصفونها بـ "الرجعية" و "الجمود" و "شريعة الغاب" إلى أمثال ما ترى في الصحف والمجلات والكتب المدرسية التي يكتبها اتباع أولئك الوثنيين...).

    ثم بين كيف تدرج الأمر بالمسلمين فصاروا يطلقون على هذه القوانين ودراستها "الفقه" و "الفقيه" و "التشريع" و "المشرع" وما إلى ذلك من الكلمات التي تطلق على الشريعة وعلمائها.

    ثم بين كيف وصل الحال بهم إلى الدرك الأسفل، فنفوا شريعتهم الإسلامية عن كل شيء، وصرح كثير منهم في كثير من أحكامها القطعية الثبوت والدلالة بأنها لا تناسب هذا العصر، وإنما شرعت لقوم بدائيين غير متمدنين، فلا تصلح لهذا العصر الإفرنجي الوثني خصوصا في الحدود المنصوصة في الكتاب، والعقوبات الثابتة في السنة.

    إلى أن قال: (ولقد ربى لنا المستعمرون من هذا النوع طبقات ارضعوهم لبان هذه القوانين حتى صار منهم فئات عالية الثقافة واسعة المعرفة بهذا اللون من الدين الجديد الذين نسخوا به شريعتهم، ونبغت فيه نوابغ يفخرون بها على رجال القانون في أوربا، فصار المسلمون من أئمة الكفر ما لم يبتل به الإسلام بأي زمن آخر...).

    وانتهى بقوله: (وصار هذا الدين الجديد والقواعد الأساسية التي يتحاكم إليها المسلمون في أكثر بلاد الإسلام فسواء منها ما وافق في بعض احكامه شيئا من أحكام الشريعة أو ما خالفها) اهـ.

    وأنظروا إلى مشرعيكم أمثال محمد فاضل والسنهوري أين هم الآن؟ إنهم تحت أطباق الثرى... يالله ويا للعجب! مشرعيكم يموتون! ولكن ربنا ومشرعنا وحاكمنا حي لا يموت.

    قال تعالى: {افحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون}.

    قال ابن كثير: (ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الاراء والأهواء والإصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير).

    أيها القاضي بغير ما انزل الله:

    من أجل هذا عادانا قومنا، ورمونا عن قوس واحدة، وظاهرونا بالعداء الصريح، وبذلوا الغالي والرخيص من اجل القضاء على هذه الدعوة العظيمة، ولكن انى لهم؟ والله جل ذكره يقول: {يريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}، وقال تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا}.

    فالقضية ليست قضية "قنابل وسلاح ومتفجرات"، وإنما قضية دعوة توحيد ودين... فلقد طوردنا منذ مدة طويلة، وكان السبب لأن اخواننا بدأوا ينشرون هذه الدعوة الكريمة - دعوة الأنبياء - بين الناس، وقاموا بعقد حلقات الدروس في المساجد والبيوت، من اجل إخراج الناس من الشرك إلى التوحيد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن الجور والظلم إلى العدل والأمن، ومن نار جهنم إلى جنات عدن، قال تعالى: {يا قومنا اجيبوا داعي الله وآمنوا به يغقر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم}، وقد كنا سمعنا وقرأنا عما يفعله زبانية المخابرات في ساحات التعذيب، وما اقترفوه بحق إخوان لنا سموا بـ "قضية مؤتة"، وما فعله زبانية المخابرات من تعذيب جسدي ومحاولة إهانة وتدنيس لكرامة هؤلاء الفتية.

    وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله أرايت إن جاء رجل يريد أن يأخذ مالي، أفأعطيه؟ قال: (لا، لا تعطيه)، قال: أفرأيت إن قاتلني، أفأقتله؟ قال: (نعم)، قال: أفرأيت إن قتلته؟ قال: (هو في النار)، قال: أفرأيت إن قتلني؟ قال: (أنت شهيد).

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (والعدو الصائل الذي يفسد الدين ليس أوجب بعد الإيمان من دفعه).

    ونحن بفضل الله أصحاب دعوة عظيمة، حملها قبلنا الأنبياء والصالحون، فلا بد لحامل هذه الدعوة أن يكون صاحب انفة وعزة وكرامة، فوالله إن الموت أحب إلينا من أن يدنس عرض أحدنا، والموت أحب إلينا من أن يداهم جنود الطاغوت بيوتنا فيقودونا من بين أهالينا وأطفالنا.

    نحن - أيها القاضي - لا نقول هذا حتى نعلمك بحالنا، ولكن نقول هذا من باب قول الله عز وجل: {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}، فنحن نعلم - بفضل الله - ما هي تكاليف هذه الدعوة العظيمة وما يتبعها من أذى بجميع اشكاله، قال تعالى: {لتبلون في اموالكم وانفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}.

    فنبين لك - ولا يخفى عليك - مناداتكم بالديمقراطية - ذلك الدين الكفري المحدث - فتقتلون الناس باسم الديمقراطية، وتبيحوا الخمر والزنا والفساد باسم الديمقراطية، وتزعق أبواقكم الإعلامية بشتى وسائلها تزين صورة هذا الدين المحدث وتصفه بالعدل والإتزان، وحرية الفرد وكرامة المواطن - وما قتل محمود العوالمة إلا دليل على كرامة المواطن عندكم - فها أنتم تزجون باسم الديمقراطية الكافرة الناس في غياهب السجون أسرابا إثر أسراب، تهمهم شتى، ما أنزل الله بها من سلطان.

    ومنها التهمة المضحكة المسماة "إطالة اللسان"، فكل إنسان يقف في وجوهكم ليصدع بكلمة الحق تعاقبونه لأنه أطال اللسان على النظام وطواغيته! فما هي إطالة اللسان في شرعكم وقانونكم الوضعي؟!

    يقول الله عز وجل في كتابه: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}.

    يقول الحافظ ابن كثير في تفسيره هذه الآية: (فالسب المجرد في ديننا إن كان يترتب عليه مفسدة أعظم ينهى عنه).

    ولكن هذه الدعوة العظيمة التي فصلناها لكم والتي تسمونها أنتم في شرعكم "إطالة لسان"، هي في شرعنا المطهر حق وواجب.

    كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله).

    فقول الحق وتعرية الباطل مطلوب في شرعنا.

    قال الصحابي في الحديث الصحيح: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وأن نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم).

    قال تعالى مادحا هؤلاء: {الذين يبلغون رسالات ربهم ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا}، فعندما يقف الموحد يتكلم بما يعتقد من كتاب الله وسنة نبيه، داعيا الناس إلى التوحيد، محذرا إياهم من الشرك والمشركين ومن متابعتهم، موضحا ذلك بالدليل النقلي من كتاب الله وسنة نبيه، والعقلي مما جبلت عليه فطرة المؤمن، كقول الله عز وجل: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، فمن يقف ينكر أن من لم يحكم بما انزل الله، معطلا لشرعه، مستبدلا لحكمه، غير كافر؟!

    فهل تبيين ما في كتاب الله عن الذي يحكم بغير ما أنزل الله، يعتبر في شرعكم الوضعي إطالة لسان؟!

    ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك الزمان فلا يكون لهم جابيا ولا عريفا ولا شرطيا).

    وهذا حديث صحيح إذا ذكرناه نصحا لكم، قلتم: "إطالة لسان"، وهذا زمان انقلب فيه الحق باطلا والباطل حقا.

    فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقبله الأنبياء - يعرون أصنام القوم وألهتهم المدعاة، ويسفهون أحلامهم، قال تعالى ذاكرا إبراهيم: {قال اتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون}.

    وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله صناديد قريش وطواغيتهم: أأنت الذي تسب ألهتنا وتسفه أحلامنا؟ قال: (نعم)، مع أن دعوته لم يكن فيها شتم ولا سب ولا فحش.

    فهذه سنة انبيائنا عليهم السلام وعلى خطاهم نسير - إن شاء الله تعالى -

    بينما الذي يسب خالق كل شيء يحاكم - في شرعكم - بايام قليلة، أقل ممن يسب حاكمكم! بالله عليك - أيها القاضي بغير ما أنزل الله - من هو ربكم إذا؟!

    انتم تقولون في شعاراتكم: "الله، الوطن، الملك"، فالله كتابه مقدم على الوطن والملك، ثم عقوبة من "أطال لسانه" على الملك أكبر من عقوبة من أطل اللسان على الله عز وجل، فمن هو الإله الحق في شرعكم؟!

    أيها القاضي بغير ما أنزل الله:

    قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا * ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا}، ولا يكون الحق إلا في كتاب الله.

    أذكركم أيها القضاة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة، قاضيان في النار وقاض في الجنة، اما القاضيان اللذان في النار، فقاض علم الحق وحكم بغيره فذلك في النار، وقاض جاهل لم يعرف الحق وحكم بغيره فذلك ايضا في النار، وقاض عرف الحق وحكم به فذلك في الجنة)، والحق ما وافق الشرع وحده.

    فوالله إننا على هدايتكم لحريصون، وإنها والله أيام قلائل وتنقضي هذه الحياة الدنيا، فربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر، فإنكم ما تقضون على أحد من قضاء إلا وسيقضي عليكم يوم القيامة قضاء أدهى وأمر - عندما تقبلون على الله فرادى - قال تعالى: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعائكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون}، عندها - والله - لن تجدوا لكم من دون الله وليا ولا نصيرا، فهذه النياشين والرتب والبزات العسكرية الناعمة لن تنفعكم عند الله.

    ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا)، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله النساء والرجال ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال: (يا عائشة الامر أشد من ان يهمهم هذا).

    وأما القاضيان الذين عن شمالك ويمينك معتمدا عليهما في قضائك، وهما لك كالجناحين للطائر، فلن يغنوا عنك من الله شيئا، وستاتي يوم القيامة بدونهما، قال تعالى: {وكلهم اتيه يوم القيامة فردا}.

    فنحن - بفضل الله - لن يهمنا ما دبرتموه في الخفاء مكرا بنا، فالامر أمر الله، والقضاء قضاء الله، قال تعالى: {والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء}، فقضاؤكم إنما يكون في هذه الأرض، قال عز وجل مخبرا عن سحرة فرعون - لما آمنوا -: {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما انت قاض غنما تقضي هذه الحياة الدنيا}، وما سجونكم بالتي تثنينا عن عزمنا بمواصلة دعوتنا إلى الله وحده، فأنتم - والله – السجناء.

    كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى، والمأسور من أسره هواه).

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الناس يعلوهم كل شيء من الصغار، حتى يدخلوا سجنا في جهنم يقال له "بولس"، تعلوه نار الأنيار، يسقون من طين الخبال وعصارة أهل النار).

    فهذا هو السجن الأبدي السرمدي، لا كسجنكم هذا.

    هذا؛ بفضل الله وكرمه، وسع الله علينا سجونكم بذكر الله فأمست مدارس للدعوة وتعليم كتاب الله، قال تعالى: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون من دون الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم من أمركم مرفقا}.

    فأنتم تعقدون في محاكماتكم هذه المسرحيات لمحاكمتنا بقانونكم الوضعي، ولكن اعلموا - أيها القضاة - بأنكم إن متم على ما أنتم عليه؛ عندها سنلتقي هناك في محكمة العدل عند مليك مقتدر، وستجدون هذا كله في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

    اللهم هل بلغت... اللهم فأشهد...

    إفادة الأسير
    أحمد فضيل نزال الخلايلة
    سجن سواقة / الأردن
    ألقيت أمام المحكمة العسكرية

    

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:51 pm