محب الشهادة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

محب الشهادة

محب الشهادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشهادة في سبيل الله هي ((اكرم وسيلة لعبادة الله))


    وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 942
    نقاط : 2884
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 48
    الموقع : https://achahada-123.ahladalil.com

    وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة Empty وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة

    مُساهمة من طرف Admin الأحد مايو 16, 2010 5:09 pm

    بسم الله الرحمن الرحيم

    {ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}...

    الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دولاً بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه.

    أما بعد:

    فهاتيك عبرة جديدة أُرسلها عبر أثير الكلمات...
    وهاتيك خفقة حانية أُصدرها من صميم القلب وضلوع الجنبات...
    من جندي واقف على عتبات الحرب، وأزيز المعمعات...
    من أبي مصعب الزرقاوي إلى من يراه من أهل الأوقات والمروءات...

    لم تزل تكابدني آلام الأمة المحزونة، لم تزل تفارقني أشباح الأمة المطعونة، أمة المجد العظيم والشرف الكريم، سامتها أيدي الغدر ألوانا من الشر المهين؛ فتوسدت لحاف الذل والمهانة، وتجرعت كؤوس القهر والخيانة، وأُقعدت عن واجباتها ومهامها، وحجبت عن أحلامها آمالها.

    وبات المرض يعوث أركان الجسد، ثم طرح أرضاً وشدت أركانه إلى وتد، وتكالبت عليه وحوش الأرض مع الذئاب، وغدت أوصاله مقطعة بين المخالب والأنياب؛ فذاك قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه الإمام أحمد وأبو داود عن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن تداعى عليكم الأُمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها)، قال: قلنا يا رسول الله: أمن قلة بنا يومئذ؟! قال: (أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن)، قال: قلنا: ما الوهن؟! قال: (حب الحياة وكراهية الموت)، وفي رواية أخرى لأحمد: (وكراهيتكم القتال).

    فلتعلموا أهل الإسلام.. أن الابتلاء تاريخ وقصة طويلة منذ أن نزلت "لا إله إلا الله" على هذه الأرض، فابتلي الأنبياء والصادقون، وكذلك الأئمة الموحدون.

    فمن جرد نفسه لحمل كلمة "لا إله إلا الله" ونصرها وإقامتها في الأرض عليه أن يدفع تكاليف هذا التشريف من تعب ونصب وبلاء.

    فأين أنت... والطريق طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، وأضجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحي، وقاسى الضر أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم... وتزهى أنت باللهو واللعب؟!

    والله تعالى يبتلي بعض الخلق ببعض، ويبتلي المؤمن بالكافر، كما يبتلي الكافر بالمؤمن، وهذا النوع من الابتلاء هو قاسم مشترك بينهم جميعاً، قال تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شي قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور}.

    روى مسلم عن نبينا صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (إنما بعثتك لأبتليك وابتلي بك).

    والذي علمناه من القرآن والسنة أن من الأنبياء من قتله أعداؤه ومثلوا به كيحيى، ومنهم من هم قومه بقتله ففارقهم ناجياً بنفسه كإبراهيم الذي هاجر إلى الشام، وعيسى الذي رفع إلى السماء.

    ونجد من المؤمنين من يُسام سوء العذاب، وفيهم من يلقى في الأخدود، وفيهم من يستشهد، وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد... فأين وعد الله لهم بالنصر في الحياة الدنيا وقد طردوا أو قتلوا أو عُذبوا؟!

    الابتلاء هو قدر الله في جميع خلقه، ولكنه يزداد ويعظم في شدته على الأخيار الذين اجتبتهم عناية الله، وخاصة المجاهدين منهم لابد لهم من مدرسة الابتلاء.. لا بد لهم من دروس التمحيص والتهذيب والتربية.

    ثبت في الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: (الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، وما يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشى على الأرض وليس عليه خطيئة).

    وروى البيهقي في شعب الإيمان، والطبراني في المعجم الكبير، وابن سعد في الطبقات، عن عبدالله بن إياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يصح ولا يسقم؟)، قلنا: نحن يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مه؟!)، وعرفناها في وجهه، فقال: (أتحبون أن تكونوا كالحمير الصيّالة؟)، قال، قالوا: يا رسول الله لا، قال: (ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء وأصحاب كفارات؟)، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فوالله إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه، وإن له عنده منزلة ما يبلغها بشيء من عمله دون أن ينزل به من البلاء ما يبلغ به تلك المنزلة).

    وروى الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليودن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض مما يرون من ثواب أهل البلاء).

    وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه يؤتى يوم القيامة بأنعم الناس كان في الدنيا، فيقول الله عز وجل: اصبغوه في النار صبغة، ثم يؤتى به فيقول: يا ابن آدم هل أصبت نعيماً قط؟ هل رأيت قرة عين قط؟ هل أصبت سروراً قط؟ فيقول: لا وعزتك! ثم يقول: ردوه إلى النار. ثم يؤتى بأشد الناس كان بلاء في الدنيا، فيقول تبارك وتعالى: اصبغوه في الجنة صبغة ينصبغ فيها، ثم يؤتى يه فيقول: يا ابن آدم هل رأيت ما تكره قط؟ فيقول: لا وعزتك ما رأيت شيئا قط أكرهه).

    قال شقيق البلخي: (من يرى ثواب الشدة لا يشتهي الخروج منها).

    والله عز وجل شرع الجهاد تكملة لشرائع الدين ورفع منزلته عالياً حتى صار في ذروة التكليف الرباني، وجعل فيه شدة وبلاء تكرهه النفوس وتجبن عنده الطباع، ثم حببه وقربه من جوهر الإيمان ومكنون التوحيد، فلا يطلبه إلا صادق الإيمان قوي البرهان: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون}.

    فحقيقة الجهاد؛ قائمة على صقل النفس وتجريدها لربها وخالقها بفعل أوامره، والإقدام على وعوده، وهذا لا يكون إلا إذا حُف هذا الطريق بالشدائد والمحن، ولهذا يقول الله عز وجل: {ولو يشاء الله لأنتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم}، ويقول: {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}.

    قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (أي لابد أن يعقد شيئا من المحنة يظهر فيه وليه، ويفضح فيه عدوه، يعرف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم، وثباتهم وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهتك به استار المنافقين فظهرت مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد، وخيانتهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم).

    وتأملوا يا عباد الله قوله سبحانه تعالى: {ومنهم من يعبد الله على حرف فإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة}.

    روى البغوي في التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن الرجل من الأعراب كان يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ولد له بعد الإسلام غلام وتناسل فيه وكثر ماله، قال: هذا دين حسن، هذا دين جيد، فآمن وثبت، أما إذا لم يولد له غلام ولم يتكاثر خيله، ولم يكثر ماله، وأصابه قحط أو جدب، قال: هذا دين سيئ، ثم خرج من دينه وتركه على كفره وعناده).

    يقول سيد رحمه الله: (فلا بد من تربية النفوس بالبلاء ومن امتحان التصميم على معركة الحق بالمخاوف والشدائد وبالجوع ونقص الأموال والأنفس الثمرات، لابد من هذا البلاء ليؤدي المؤمنون تكاليف العقيدة كي تقر على نفوسهم بمقدار ما أدوا في سبيلها من تكاليف لا يعُز عليهم التخلي عنها عند الصدمة الأولى، فالتكاليف هنا هي الثمن النفيس الذي تعز به العقيدة في نفوس أهلها قبل أن تَعُز في نفوس الآخرين، وكلما تألموا في سبيلها وكلما بذلوا من أجلها كانت أعز عليهم وكانوا أحق بها، كذلك لن يدرك الآخرون قيمتها إلا حين يرون ابتلاء أهلها وصبرهم على بلائها ولا بد من البلاء كذلك ليصلب عود أصحاب العقيدة ويقوى، فالشدائد تستجيش مكنون القوى، ومدخور الطاقة، وتفتح في القلوب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها المؤمن إلا تحت مطارق الشدائد) انتهى كلامه رحمه الله.

    سئل الشافعي رحمه الله؛ أيهما خير للمؤمن أن يبتلى أم يمكن؟ فقال: (ويحك! وهل يكون تمكين إلا بعد بلاء؟).

    وعن صفوان بن عمر أنه قال: كنت والياً على حمص فلقيت شيخاً كبيراً قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو، فقلت: يا عم لقد أعذر الله إليك، فرفع حاجبيه فقال: (يابن أخي استنفرنا الله خفافاً وثقالا).

    ألا من يحبه الله يبتليه.

    صبراً على شدة الأيام إن لها عقبى وما الصبر إلا عند ذي حسب
    سيفتح الله عن قربٍ يعقبه فيها لمثلك راحات من التعب

    ويقول سيد رحمه الله: (إن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى احتمال، فلا يكفي أن يقول الناس "آمنا" وهم يتركون لهذه الدعوى؛ حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم، خالصة قلوبهم؛ كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به، وهذا هو أصل الكلمة اللغوي، وله دلالته وظله وإيحائه، وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب، هذه الفتنة على الإيمان أصل ثابت وسنة جارية في ميزان الله سبحانه؛ {ولقد فتنا الذين من قبلكم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}

    وإن الإيمان أمانة الله في الأرض، لا يحملها إلا من هم لها أهل، وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص، وإلا الذين يؤثرون على الراحة والدعة وعلى الأمن والسلامة وعلى المتاع والإغراء، وإنها لأمانة الخلافة في الأرض، وقيادة الناس إلى طريق الله وتحقيق كلمته في عالم الحياة. فهي أمانة كريمة، وهي أمانة ثقيلة، وهي من أمر الله يضطلع بها الناس ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على الابتلاء) انتهى كلامه رحمه الله.

    فإن على الفئة المقاتلة التي سلكت طريق الجهاد في سبيل الله أن تعي طبيعة المعركة ومتطلباتها نحو هدفها المنشود وطريقها الذي لابد أن يعبد بدماء الصالحين من أبنائها، وأن تدرك أن هذا الطريق فيه فقد للأحباب والأصحاب، وترك للخلان والأوطان؛ كما قاسى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم خير الخلق بعد الأنبياء مرارة الهجرة وفقد المال والأهل والدار كله في سبيل الله... فأين نحن منهم؟!

    وما على هذه الفئة إلا ان تصبر في طريقها الذي سلكته، وأن تحتسب عند الله ما قد يقع لها من فقد بعض القيادات والأفراد، وأن تمضي على دربهم وتعلم أن هذه سنة الله عز وجل، وأن الله يصطفي من هذه الأمة من عباده الصالحين، وألا تتعجل النصر فإن وعد الله آت لا محالة.

    وينبغي أن يعلم المسلم؛ أن اتباع الحق والصبر عليه هو أقصر طريق إلى النصر وإن طال الطريق وكثرت عقباته وقل سالكوه، وأن الحَيدة عن الحق لا تأتي إلا بالخذلان وإن سهل طريقها وظن سالكه قرب الظفر فإنما هي أوهام.

    قال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}.

    هذا هو الجهاد... قمة... وثمرة... يأتي بعد صبر طويل ومكوث مديد في أرض المعركة انتظاراً لجلب الأعداء واصطباراً لشرورهم مكوث يستمر شهور وسنوات متتالية، وإن لم تتجرع هذه الآلام لن يفتح الله عليك بالنصر لأن النصر مع الصبر.

    وقد قال شيخ الإسلام: (إنما تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين).

    إن مفاهيم الحق وصدق العقيدة والتوحيد تبقى دُمى في عالم الأشباح لا تجري فيها روح الحياة إلا إذا حملها أناس صادقون صابرون يتحملون تبعات هذا الطريق ولأوائه ويستعذبون العذاب ويستحلون النصب ولا يرضون إلا بالموت من أجل إحياء هذه المفاهيم على أرض الواقع تطبيقاً عملياً، لا كما يتمنى البعض هذه المفاهيم ويزركشونها ضمن قوالب نظرية فلسفية، وخطب رنانّة بعيدة عن روح العمل والصدق والتنفيذ.

    وإن الإسلام اليوم بأمس الحاجة إلى رجال صادقين صابرين ينزعون إلى الجد ويستعذبون التعب ويرتاحون بالنصب، فيترجمون بصمت متطلبات المرحلة... رجال النفوس الصادقة والهمم العالية والعزائم القويّة، التي لا تعرف إلا سمت التلقي للتنفيذ فتأبى أن يعقدها الكلل، أو يدركها الملل، أو تنفق آمالها في المرا والجدال.

    فشمر عن ساعد الجد والعمل واصبر على لأواء الطريق ووعورته، فقد قيل: (قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا، ولكل نعمة شكرا، ومن لم يعلم أن مع العسر يسرا).

    يا ويح نفسي وما ارتفعت بنا همم إلى الجنان وتالي القوم أوابُ
    إلى كواعب للأطراف قاصرة وظل طوبى وعطر الشدو ينسابُ
    إلى قناديل ذهب علقت شرفاً بعرش ربي لمن قتلوا وما غابوا

    يقول تعالى: {ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون}.

    روى الطبري عن قتادة في تفسير هذه الآية قوله: (ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعداً، إلا ازدادوا من الله قرباً).

    فالأمر لله من قبل ومن بعد، ولسنا سوى عبيد له سبحانه، نسعى لتحقيق عبوديته، ومن كمال العبودية؛ أن نعلم ونوقن يقيناً جازماً لاشك فيه؛ أن وعد الله متحقق لا محالة، ولكننا قد لا ندرك حقيقة الأمر لحكمة يعلمها الله، وقد يتأخر النصر ابتلاءً وامتحاناً، وصدق الله العظيم: {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين}.

    وقد وعد سبحانه عباده الموحدين بالنصر، وجعل التمكين للصابرين وأخبر أن ما حل للأمم السالفة من الظفر والثبات والتمكين على الأرض كان لجميع صبرهم وتوكلهم عليه، كما قال سبحانه: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون}.

    وجعل الله تعالى ما حصل لنبيه يوسف من العزة والتمكين في الأرض بعد الغربة وماجرى له في قصر العزيز إنما هو بصبره وتقواه؛ {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.

    وعلق سبحانه الفلاح بالصبر، لقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}.

    وذكر سبحانه أن حسن العاقبة في الدنيا هي للصابرين الأتقياء؛ {فاصبر إن العاقبة للمتقين}.

    نحن نعلم يقيناً أن وعد الله لا يتخلف أبداً ومنشأ السؤال والإشكال، أننا قصرنا النظر على نوع واحد من أنواعه؛ وهو النصر الظاهر، ولا يلزم أن يكون هذا هو النصر الذي وعد به أنبيائه ورسله وعباده المؤمنين يتجلى في صور أخرى لا تلمحها النفوس المهزوزة الضعيفة.

    ومن بعض هذه الصور:

    أن قبائل قريش قد أجمعت قديماً على محاصرة المؤمين ومقاطعتهم في شعب أبي طالب ومعهم بنو هاشم، ثلاث سنوات لا يبيعونهم ولا يشترون منهم؛ حتى لم يجدوا ما يأكلونه إلا ما يلتقطونه من خشاش الأرض، وأوشك المؤمنون على الهلاك لولا أن رحمة الله أدركتهم.

    وأصحاب الأخدود يلقون في النار ولا يقبلون المساومة على دينهم، ويفضلون الموت في سبيل الله، ثم يحفر الطاغوت أخاديده، ويوقد نيرانه، ويأمر زبانيته وجنوده بإلقاء المؤمنين في النار، وتأتي المفاجاة المذهلة؛ بدل أن يضعف من يضعف، ويهرب من يهرب، لا تسجل الرواية أن احداً منهم تراجع أو جبن أو هرب، بل نجد الإقدام والشجاعة وذلك بالتدافع إلى النار، وكأن الغلام قد بث فيهم الشجاعة والثبات، وهاهم يجدون في اللحاق به وكانهم يتلذذون في تقديم أرواحهم فداء لدينهم؛ فكانوا هم المنتصرين، بل سماه الله عز وجل {فوزاً كبيرا}؛ {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير}.

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غاب عمي أنس بن النظر عن قتال بدر، فقال: (يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع)، فلما كان يوم أحد وأنكشف المسلمون فقال: (اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين -)، ثم تقدم فأستقبله سعد بن معاذ، فقال: (يا سعد بن معاذ؛ الجنة ورب النظر.. الجنة ورب النظر.. إني أجد ريحها دون أحد)، قال سعد: فما استطعت يارسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بسيف أو طعنة برمج أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل، وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، فقال أنس: كنا نرى أو نظن، أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}.

    ونجد هذا المعنى من معاني الانتصار في الحديث الذي رواه خباب عندما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: (ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعوا لنا؟)، قال: (كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب ما يصده ذلك عن دينه).

    ومن أنواع النصر الخفي الذي لا يراه إلا المؤمنون:

    أن عدو الحق مهما كان متجبراً مسرفاً في معاملة خصمه إلا أنه يتجرع ألواناً من الأذى المعنوي والعذاب النفسي قبل أن يقدم على إيذاء خصمه. بل وأحياناً بعد أن يفعل فعلته فإنه لا يجد للراحة مكاناً، ولا للسعادة طعماً.

    ولذا؛ فإن الحجاج بن يوسف عندما قتل سعيد بن جبير ذاق ألوان العذاب النفسي، حتى كان لا يهنأ بنوم، ويقوم من فراشه فزعاً ويقول: (مالي ولسعيد؟) حتى مات وهو في همه وغمه.

    هذا ما نستيقنه في حربنا مع حامل لواء الصليب الطاغوت الأمريكي المتبجح.. فمع بطشه وتجبره بالعتاد والسلاح؛ إلا أنه يلقى من الهوان النفسي والكسر المعنوي ما لو صب على الجبال لتصدعت.

    وقد جاء القرآن معبراً عن هذه الحقيقة كما في سورة آل عمران، فقال سبحانه: {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيض قل موتوا بغيضكم إن الله عليم بذات الصدور * إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط}، وقال سبحانه: {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً}.

    ومن الصور التي تخفى على مطموسي البصائر:

    ترقب الحياة الكاملة التي أعدها الله لأوليائه وأصفيائه، قال تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون}.

    من لم يمت بالسيف مات بغيره تنوعت الأسباب والموت واحدُ

    ومن خلال ماسبق يتضح لنا المفهوم الشامل للانتصار، وأنه لا يجوز لنا أن نحدد نوع الانتصار الذي نريده.

    وإن من دواعي الثبات والاستبسال - كما رأيناه على أرض الفلوجة - أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن من علامات انتصار دين الإسلام أنه لن تستطيع قوة في الأرض أن تهلك جميع المؤمنين، كما كان يخشى في عهد نوح أو في أول الرسالة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن الجهاد سيبقى قائماً عاملاً في الأرض، كما ورد في الحديث الصحيح: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

    إن النصر ومصير هذا الدين بيد الله سبحانه، فقد تكفل به ووعد به فإن شاء نصره وأظهره وإن شاء أجله وأخره، فهو الحكيم الخبير بشؤونه، فإن أبطأ فبحكمة مقدرة فيها الخير للإيمان وأهله، وليس بأحد بأغير على الحق وأهله من الله، {يومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

    لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

    فإن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته وعزت عظمته يمن على المؤمنين بالنصر أحيانا ويبتليهم منه أحياناً أخرى فيحرمهم من هذه النعمة ويذيقهم طعم الابتلاء لحكم يقدرها ويعلمها.

    قد ينعم الله في البلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعمِ

    وقد عدّ ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد نُبذاً من هذه الحكم، فقال:

    (منها: أن هذا من أعلام الرسل كما قال هرقل لأبي سفيان: هل قاتلتموه؟ قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال يدال علينا مرة وندال عليه أخرى، قال: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة.

    ومنها: أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر وطار لهم الصيت، دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم باطنا، فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبب لعباده محنة ميزت بين المسلم والمنافق، فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة وتكلموا بما كانوا يكتمونه، وظهرت مخابتهم، وعاد تلويحهم تصريحا، وأنقسم الناس إلى كافر ومؤمن ومنافق انقساماً ظاهراً، وعرف المؤمنون أن لهم عدواً في نفس دورهم وهو معهم، لا يفارقونهم، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم.

    ومنها: لو نصر الله سبحانه وتعالى المؤمنين دائماً وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبداً، لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت، فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط، فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته، إنه بهم خبير بصير.

    ومنها: استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء فيما يحبون وفيما يكرهون، وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم، فإذا ثبتوا على الطاعة العبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقاً، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.

    ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا، فاستوجبوا منه العزة والنصر، فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والإنكسار، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة}، وقال: {ويوم حنين إذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا}، فهو سبحانه إذا اراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولاً، ويكون جبره له وانكساره له ونصره على مقدار ذله وانكساره.

    ومنها: أن الله سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.

    ومنها: أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغياناً وركوناً إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة، لاستخراج الأدواء منه ولو تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه.

    ومنها: أن الشهادة عند الله من أعلى مراتب أولياؤه، الشهداء هم خواصه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصدّيقيّة إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء، تراق دمائهم في محبته ورضائه، ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسلط العدو). انتهى كلامه رحمه الله.

    يقول الله عز وجل: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

    قال الإمام ابن القيم في الفوائد: (في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه؛ لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة لعدم علمه بالعواقب، فإن الله يعلم منها ما لا يعلمه العبد، أوجب له ذلك أمورا.

    منها: أنه لا أنفع له من امتثال الأمر وإن شق عليه في الابتداء، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات ولذات وأفراح، وإن كرهته نفسه فهو خير لها وأنفع، وكذلك لا شي أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هويته نفسه ومالت إليه، فإن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصائب، وخاصية العقل تحمل الألم اليسير لما يعقبه من اللذة العظيمة والخير الكثير، واجتناب اللذة اليسيرة لما يعقبها من الألم العظيم والشر الطويل.

    ومن أسرار هذه الآية: أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور والرضى بما يختاره له ويقضيه لما يرجو فيه من حسن العاقبة.

    ومنها: أنه لا يقترح على ربه ولا يختار عليه ولا يسأله ما ليس له به علم، فلعل مضرته وهلاكه فيه وهو لا يعلم، فلا يختار على ربه شيئاَ، بل يسأله حسن الاختيار له وأن يرضيه بما يختاره، فلا أنفع له من ذلك.

    ومنها: أنه إذا فوض أمره إلى ربه ورضي بما يختاره له، أمده فيما يختاره له بالقوة عليه والعزيمة والصبر، وصرف عنه الآفات التي هي عرضة اختيار العبد لنفسه، وأراه من حسن عواقب اختياره له مالم يكن ليصل إلى بعضه بما يختاره هو لنفسه.

    ومنها: أنه يريحه من الأفكار المتعبة في أنواع الاختيارات، ويفرغ قلبه من التقديرات والتدبيرات التي يصعد منها في عقبة وينزل في أخرى ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه، فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به فيه، وإلا جرى عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به فيه، لأنه مع اخياره لنفسه، ومتى صح تفويضه ورضاه اكتنفه المقدور مع العطف عليه واللطف به فيصير بين عطفه ولطفه، فعطفه يقيه ما يحذره، ولطفه يهون عليه ما قدره. إذا نفذ القدر في العبد كان من أعظم أسباب نفوذه تحيله في رده، فلا أنفع له من الاستسلام وإلقاء نفسه بين يدي القدر طريحاً كالميتة؛ فإن السبع لا يرضى بأكل الجيف) انتهى كلامه رحمه الله.

    باتت تذكرني بالله قاعدة والدمع يهطل من شأنيهما ما سبلا
    يا بنت عمي كتاب الله أخرجني كرهاً وهل أمنعن الله ما فعلا
    فإن رجعت فرب الخلق أرجعني وإن لحقت بربي فابتغي بدلا
    ما كنت أعرج أو أعمى فيعذرني أو ضارعاً من ضنا لم يستطع حولا

    روى الطبري في تاريخه عن ابن اسحاق: أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (شهدت أُحداً مع رسول الله صلى الله عيه أنا وأخ لي فرجعنا جريحين، فلما أذّن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو، قلت لأخي - أو قال لي -: أتفوتنا غزوة مع رسول الله لى الله عليه وسلم؟ والله مالنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أيسر جرحا، فكان إذا غلب حملته عقبة.. ومشى عقبة.. حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون).

    قال أبو الدردا: (ذروة سنام الإيمان؛ الصبر للحكم والرضى بالقدر).

    وبهذا الدواء نستشفي من جراحنا المنبعثة هنا وهناك.

    فبعد تفهم هذه الحقائق؛ ندرك المعنى المطلوب من وراء تشييد معركة الفلوجة وثباتها وانتصابها بكل ما أوتيت من قوة، لأنها اليوم هي المعركة الوحيدة على ثغر الإسلام الأول، والثبات فيها والرباط على خطوطها يعني الحفاظ على الثغر الأول الذي نطاعن منه الكفر والعدوان.

    ولا يعني أن نرى العدو قد دخل إلى العمق وتجول في ساحات المدينة وتمركز على الأطراف أنه قد حقق أهدافه في الانتصار، فمعركتنا مع العدو هي حرب شوارع ومدن تتنوع في تكتيكاتها وأساليبها الدفاعية والهجومية، والحروب الضارية لا تحسم نتائجها من أيام ولا أسابيع بل تأخذ وقتها ريثما يحين موعد إعلان الفوز لأحد الطرفين.

    ويكفينا قبل حسم النتيجة أن قرت عيوننا برؤية أبناء الإسلام يثبتون كالجبال الرواسي على خطوط الفلوجة المباركة، ويلقنون الأمة دروساً جديدة في الجلد والصبر واليقين.

    ولعلنا نلقي نظرة حول بعض من هذه الدروس والنتائج العظام التي تمخضت عن تلك المعركة الشامخة، فأقول:

    أولاُ: أحيت المعركة من جديد معاني العزة والكرامة والإباء: وأيقنت الأمة أن هناك ثلة من أبنائها قادرين على مواجهة الأخطار الكالحة بكل جرأة وثبات وعزيمة، وأن هذه الثلة صدقت مع أمتها في خططها ومشاريعها التي أعدتها لانبعاث الأمة من جديد وبذلت من أجل ذلك كثيراً دماء أبنائها وقادتها.

    ثانيا: تعلمت الأمة - وهي في ذلتها وانكسارها - أنها تستطيع أن تواجه وترابط وتعارك أسياد الأرض وطغاتها بعصابة قليلة من أبنائها، وبعتاد خفيف من السلاح.. تستطيع بذلك أن تلحق بالعدو خسائر جسيمة أليمة وتجبره على تجرع كأس الهزيمة المر.

    ثالثا: فتحت الفلوجة أرض المعركة على مصراعيها، فألهبت همم أبناء الإسلام داخل العراق وخارجه، ودفعت بدمائها الطاهرة التي أريقت على أرضها بالكثير من أبناء الإسلام لينهضوا بتكاليف الجهاد وينفروا للتصدي للحملة الصليبية العالمية، فاشتعلت المعارك والملاحم في أنحاء متفرقة من أرض العراق وتشكلت الكتائب والمجاميع وانبرى المجاهدون يتلقفون أرتال العدو ويصطادون دورياته ويغيرون على مواقعه، وقد شهدنا بفضل الله خسائره الكثيرة التي تكبدها على أرض العراق كلها، فكان من مفاخر هذا الفتح أن تعظم نفوس أبناء الجهاد وتنهار أمامها أساطير الآلات الحربية الحديثة فهممهم الآن قد تحررت من أوهام العجز والخوف وانطلقت إلى ميادين الجد والعمل.

    رابعا: أحرزت معركة الفلوجة نصراً عسكرياً استرتيجياً مهما، فالجميع على دراية بتفوق الآلة العسكرية الأمريكية وتطور جيوشها ونظامها الحربي الذي يعتمد على ضرب الأهداف عن بعد دون التحام واشتباك، والذي يفترض أن يؤمن سلامة الجندي الأمريكي دون أن يستهلك في معارك خطرة تكلفه روحه، ولكن الفلوجة استدرجت هذه الآلة الضخمة - وفق خطة مدبرة - استدرجتها إلى حرب شوارع قاسية غير منتظمة تستنزف جهدها وطاقتها وعتادها، وأصبح الجندي الأمريكي يواجه الموت والهلاك من حيث لا يحتسب، وأرغم الأمريكان على النزول إلى الأزقة والشورع والدخول إلى البيوت والأبنية، فانكشف العدو لنيران المجاهدين وكمائنهم وفاجأته قدرتهم على المناورة والكر والفر، واضطر لخوض معارك قريبة لم يعهدها، تكبد فيها خسائر عظيمة في الأرواح والآليات تزيد على المئات والعشرات.

    خامسا: تجرعت الإدارة العسكرية الأمريكية الهزيمة النفية الكبرى؛ فقد بدى واضحاً لعرابي هذه الحرب ومخططيها؛ أن المجاهدين لا يوقفهم أي نوع من أنواع الردع، ولو كلف ذلك خوض حرب إبادة شاملة يستأصلون فيها جميعاً، فالعقلية الجهادية أصبحت المعضلة الكبرى أمام خطط الحرب الأمريكية والعالمية، وما حدث في الفلوجة من مفاخر والثبات أوهن نفوس قادة العدو وجلب لهم الكآبة والضجر النفسي والإرباك المعنوي، وما ينتظرهم أدهى وأمر بعون الله تعالى.

    سادسا: أسهمت الفلوجة بثباتها ورباطة جأشها بكشف اللثام عن وجوه الردة والنفاق والعمالة، وخلعت ثوب الدجل الذي تسربلت به حكومة علاوي المرتدة، وكشفت الزيف الذي تردده من أنها تريد مصلحة العراقيين وتقوم على حقن دمائهم وتجنيبهم الحروب والويلات وتشقى في كسب رضاهم، ثم يراها الناس كلهم وهي تسارع في إنفاذ قرار الحرب على الفلوجة وتغمس يديها في دماء أبناء المدينة الطاهرة، وتقتل الآلاف منهم وتشرد عشرات الألوف وتشرف على عمليات التدمير والتخريب وهتك الأعراض وسلب الأموال تحت اسم محاربة الإرهاب والمصلحة الوطنية.

    سابعا: أسقطت المعركة القناع الزائف عن قبائح السحنة الرافضية الهالكة، فقد أوغلوا بحقدهم في هذه المعركة، وبلؤم ظاهر شاركوا في الحملة العسكرية على الفلوجة بمباركة من إمام الكفر والزندقة السيستاني، وكان لهم طول كبير في عمليات القتل والنهب والتخريب، واستباحة أرواح العزل من الأطفال والنساء والشيوخ، بل استزلتهم نفوسهم الكريهة إلى جرائم عظام، فجعلوا يقتحمون بيوت الله الآمنة ويدنسونها، ويعمدوا إلى تعليق صور شيطانهم السيستاني على الجدران ويخطون عليها بحقد: (اليوم أرضكم وغداً عرضكم).

    وللعلم؛ فإن 90% من الحرس الوثني هم من الروافض الحاقدين و10% هم من قوات البشمرقة الكردية.

    وصدق من قال من العلماء في الرافضة: (أنهم بذرة نصرانية، غرستها اليهودية، في أرض مجوسية).

    ثامنا: انكشاف الخطوط الخفية لأعداء الجهاد في هذه المعركة، فقد برز فيها مشاركات عسكرية عدة لصفوف خلفية معادية؛ فقد اتضح مشاركة 800 جندي إسرائيلي في المعركة، وقد رافقهم 18 حاخاماَ قضى الكثير منهم كما تناقلت ذلك صحفهم ووسائل إعلامهم. كما ظهرت مشاركة أردنية عسكرية من قبل ضباط أردنيين شاركوا في التخطيط والاقتحام العسكري للمدينة. وذلك يدل على تحقق الجميع من أن الفلوجة هي قاعدة جهادية تؤرق ليل أعداء الدين من الكفار والمرتدين.

    تاسعا: من نتائج المعركة الشامخة؛ تجدد الدماء في عروق أبناء الجهاد، وتزايد حرصهم على الارتقاء بالعمل الجهادي نحو أهدافه المنشودة وخططه الموعودة، فقد أفرزت المعركة جيلا من القادة والطاقات والخبرات التي تعتبر بالأحداث، وتتأمل في التجارب والممارسات والمكتسبات وتمعن بعزم في الطريق المرسوم وقد صقلتها شدائد المعركة، وأخرجتها في قالب قوي متين.

    يقول سيد رحمه الله في "الظلال": (ففي معاناة الجهاد في سبيل الله والتعرض للموت في كل جولة ما يعود النفس الاستهانة بهذا الخطر المخوف الذي يكلف الناس كثيراً من نفوسهم وأخلاقهم وموازينهم وقيمهم ليتقوه، وهو هين هين عند من يعتاد ملاقاته سواء سلم منه أو لاقاه والتوجه به لله في كل مرة يفعل في النفس في لحظات الخطر شيئا يقربه للتصور فعل الكهرباء بالأجسام وكأنه صياغة جديدة للقلوب والأرواح على صفاء ونقاء وصلاح، ثم هي الأسباب الظاهرة لإصلاح الجماعة البشرية كلها.. عن طريق قيادتها بأيدي المجاهدين الذين فرغت نفوسهم من كل أعراض الدنيا وكل زخارفها، وهانت عليهم الحياة وهم يخوضون غمار الموت في سبيل الله ولم يعد في قلوبهم ما يشغلهم عن الله والتطلع إلى رضاه.

    وحين تكون القيادة في مثل هذه الأيدي تصلح الأرض كلها ويصلح العباد ويصبح عزيزاً على هذه الأيدي أن تسلم راية القيادة للكفر والضلال والفساد وهي قد اشترتها بالدماء والأرواح وكل عزيز وغال أرخصته لتتسلم هذه الراية لا لنفسها ولكن لله.

    ثم هو بعد هذا كله تيسير الوسيلة لمن يريد الله بهم الحسن لينالوا رضاه وجزاؤه بغير حساب وتيسير الوسيلة لمن يريد الله بهم السوء ليكسبوا ما يستحقون عليه غضبه وفق ما يعلمه من سره ودخيلته) انتهى كلامه رحمه الله.

    عاشرا: شهادة الاصطفاء؛ فقد تشرفت هذه العصابة من المؤمنين أن يكون طريقها مرسوماً بدماء أبنائها من الشهداء، وأن يكون كبار قادتها وكوادرها على الخط الأول، فإن دل ذلك على شيء دل على صدق أبناء هذا الجهاد وتجرد هممهم وعزائمهم لتحقيق مطالب التوحيد والعقيدة والتوحيد بتفان وإخلاص، وبشارتهم الأخرى أن الله اصطفى أخيارهم ونجبائهم للقائه وموعده، فكتب لهم الشهادة والفوز بالرضوان على ما كانوا يرجون ويطلبون، فحقق لهم الوعد وأنجز لهم السؤال.

    فتلك أحوال سلفهم الصالح يحرصون على الموت كحرص خلفهم على الحياة، فقد كانت الشهادة أغلى أمانيهم وكانوا يسارعون إلى الميدان حباً في القتل في سبيل الله، فقد بلغت نسبة الشهداء من الصحابة في مجموع الحروب 80%.

    وكان شهداء المهاجرين والأنصار أكثر من نصف الشهداء في معركة اليمامة، فقد استشهد منهم من سكان المدينة المنورة يومئذ 360 ومن المهاجرين من غير أهل المدينة 300، وكان شهداء المهاجرين والأنصار وشهداء التابعين لهم بإحسان - الذين كانوا 300 شهيد تابعي في تلك المعركة -80% من مجموع الشهداء، إذ يبلغ عدد شهداء المهاجرين والأنصار والتابعين 960 شهيداً من مجموع 1200 شهيد. ويكفينا أن نذكر أن عدد الشهداء من القراء، حاملي القرآن وعلماء المسلمين حين ذاك - في معركة اليمامة - 300 شهيد، وفي رواية 500، أي أن نسبة القراء من الشهداء في معركة واحدة فقط 25% في رواية، و 45% في رواية أخرى، وهي نسبة عالية جداً.

    والذين يبحثون في مصادر الصحابة رضي الله عنهم؛ يجدون واحداً من كل خمسة منهم مات على فراشه وأربعة استشهدوا في ميادين الجهاد، فلا تعجب من سرعة الفتوح المذهلة في القرن الأول الهجري وثباتها ودوامها.

    ويجدر بنا في هذا المقام أن نشيد بثبات مجاهدينا الأبطال، وأن نذكر طرفاً بسيطاً من نعم الله عز وجل عليهم من الكرامات واللطائف الربانيّة التي حفتهم في معركتهم مع الأمريكان وأعوانهم في الفلوجة، فكانت تثبيتاً لهم وجبراً لحالهم.

    ومنها: أنه في اليوم الثالث من المعركة وبعد قصف شديد وعنيف لأحياء الفلوجة، استيقظ المجاهدون من ليلهم فرأوا الآليات والدبابات الأمريكية في الشوارع والطرق والأفرع، فبرز لهم سادات أهل الإسلام في المعمعة، بقيادة الأخ أبي عزام وعمر حديد و أبو ناصر الليبي وأبو الحارث؛ محمد جاسم العيساوي... وغيرهم وغيرهم من الأبطال، فطردوا الغزاة إلى أطراف الفلوجة، وكان سلاحهم في المعركة البيكا والكلاشنكوف.

    وقد حصل للأمريكان مقتلة عظيمة كبيرة، حتى أن كثيراً منهم كانوا قد فروا من المعركة واختبئوا في بعض بيوتات المسلمين، وكان المجاهدون يتحرجون بداية من اقتحام تلك البيوت خوفاً على أذى المسلمين، ولما تأكدوا من وجود الجنود الأمريكان دخلوها فوجدوهم خانسون مختبؤون، فجعلوا يقتلونهم قتل الخنافس والذباب، ولله الفضل والمنة.

    وبعد أيام من المعركة؛ عرض أحد القادة على للأخ عمر حديد والأخ أبي الحارث جاسم العيساوي أن يحلقوا لحاهم ويخرجوا من الفلوجة بعد أن يسر لهم طريقا آمنا للنجاة ويبدأون بالعمل من الخارج، فرفض البطلان وقالا: (والله لا نخرج مادام في المدينة مهاجر واحد ثابت)، فقاتلا حتى اسشهدا رحمهما الله تعالى وتقبلهما في عباده الشهداء.

    ومنها: أن بعض الأخوة قد قاسوا الجوع أياماً عديدة، وبعد رجاء وحسن يقين بالله عز وجل عثروا على بطيخة كبيرة، فلما فتحوها إذا بها حمراء كأحسن ما تكون، فأكلوا منها أياماً يشبعون ويحمدون ويتعجبون، حتى جزموا أنهم لم يتذوقوا طيب مأكلها في الدنيا، ومعلوم أن البطيخ ليس هذا أوانه ومكانه الذي يعرف به.

    ومنها أيضاً: أن الإخوة قد عانوا الكثير من مأكلهم ومشربهم، حتى أنهم فقدوا مياه الشرب وشحت لديهم شحاً عظيماً، فأخذت الفطور تنبت على أفواههم وشفاههم، ولما هموا بالبحث عن بضع قطرات من الماء تروي شيئاً من أجوافهم العطشة دخلوا بيتاً فوجدوا فيه ثلاث قرب من الماء قد اصطفت بجانب بعضها على نمط غريب، فلما رأوها تعجبوا إذ لم يعهد في الفلوجة ولا في العراق أن يرى الماء موضوعاً في مثل هذه القراب الجميلة الغريبة، فلما تذوقوا الماء علموا أنه ليس من ماء الدنيا، فشربوا حتى ارتووا، ويقسموا بعدها أنهم لم يشربوا مثله في هذه الحياة الدنيا.

    ومنها أيضاً: أن أخاً من جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم قد أصيب في دماغه بطلقة قناص فدخلت من جبهته وخرجت من قفاه، فتناثرت أشلاء دماغه على كتفه الأيمن، فهرع إخوانه إليه وأخذوا ما تناثر من الأشلاء وضموها إلى مكانها ثم ربطوا مكان إصابته وتركوه، وقد تعافى بعدها بأيام، وهو حي الآن ما به من بأس إلا أن لسانه صار به بعض الثقل، نسأل الله أن يتقبل منه ومن إخوانه.

    وأما عن روائح المسك.. وما أدراك ما روائح المسك؟! فقد أبصحت من قبيل النقل المتواتر عند جمهور المجاهدين، فقد حدث الكثير من إخواننا عن الروائح الطيبة التي تنبعث من الشهداء والجرحى تقبلهم الله جميعاً.

    ومن ذلك ما جرى للأخ البطل أبي طلحة البيحاني؛ فقد أصيب رحمه الله إصابة بليغة وجعلت رائحته الطيبة تفوح في كل مكان، حتى انتشرت ببعض الطرقات واشتمها كثير من الإخوة ثم قضى شهيداً - نحسبه والله حسيبه ولا نزكيه على الله -

    ومما يبعث على الثبات والطمأنينة؛ ما رواه كثير ممن حضر تلك الملحمة من أنهم سمعوا صهيل الخيول وصليل السيوف تشتبك عند احتدام المعارك واشتدادها، فتعجب الإخوة من ذلك مراراً، وراحوا يسألون إخوانهم الأنصار إن كان هناك خيول قريبة من الفلوجة، فجزم الأنصار بالنفي وأكدوا أن المنطقة لا يوجد فيها مثل هذه الخيول، فلله الحمد أولاً وآخراً.

    روى أحمد في المسند والحاكم في المستدرك عن أبي بردة بن قيس أخي أبي موسى قال: قال رسول الله عليه وسلم: (اللهم اجعل فناء أمتي قتلاً في سبيلك بالطعن والطاعون).

    قال تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.

    عش ملكاً أو مت كريما فإن تمت وسيفك مشهور بسيفك تعذرُ

    هذه لمحة سريعة توجز ثمار ونتائج الثبات والصمود على أرض الفلوجة المباركة، والإنجازات الحاصلة كثيرة المنافع جليلة التوابع، يدركها ويفهمها المنصف المتأمل في الأحداث والمواضع.

    ويا أُمة الإسلام:

    قد توالت عليك الجراح والطعنات، وأمراضك وأدوائك المقعدات لا تداوى إلا بالتوحيد المعقود على ألوية الجهاد.

    فمتى تقرري قرارك الصحيح بالنفير والإنفكاك من الجلّاد، ومعارك اليوم لا هدأة لها ولا سكون، وقد أحب نبينا صلى الله عليه وسلم ألا يقعد خلاف سرية تغزو في سبيل الله بل كان من فعله أن يديم الغزو والجهاد على مدار الأوقات.

    وأذكركم بحديث جبريل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب الذي يرويه البخاري قال: فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يكن إلا أن وضع سلاحه فجائه جبريل فقال: (أوضعت السلاح؟! والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها بعد، فانهض بمن معك إلى بني قريضة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب)، فسار جبريل في موكبه من الملائكة ورسول صلى الله عليه وسلم على إثره في موكبه المهاجرين والأنصار.

    كيف هان عليكم يا مسلمون أن ترون إخوانكم من أبناء دينكم وقد نزل بهم ألوان من العذاب والقتل والدمار وأنتم آمنون في دياركم سالمون في أهليكم وأموالكم... كيف ذاك؟!

    مزجنا دمانا بالدموعا السواجمِ فلم يبق منا عرضة للمراجمِ
    وشر سلاح المر دمع يريقه إذا الحرب شبت نارها بالصوارمِ
    فإيهاً بني الإسلام إن ورائكم وقائع يلحقن الذرى بالمناسمِ
    وكيف تنام العين ملء جفونها على هفوات أيقظت كل نائمِ
    وإخوانكم بـ "العراق" أضحى مقيلهم ظهور المذاكي أو بطون القشاعمِ
    يسومهم الروم الهوان وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالمِ

    ولا أنسى في هذا المقام أن أرسل سلامي إلى؛

    شيخنا وأميرنا الشيخ المجاهد أبي عبد الله أسامة بن لادن حفظه الله ورعاه، فنحن على العهد ماضون - بعون الله - لا نقيل ولا نستقيل، نسيح في أرض الله بسيوف الجهاد، نطاعن أعداء الملة ونناجز عباد الصليب، وإنكم لن تؤتوا من قبلنا وفينا عين تطرف - بإذن الله - فأرم بنا أينما شئت؛ فلن تجد منا إلا المسارعة في تلبية النداء والمصابرة على مجالدة الأعداء، فأبشر بما يسرك - بعون الله - فوالله لئن ندخل السرور على قلبك أحب إلينا من الدنيا وما فيها، فسر على بركة الله ونحن معك.

    أنا معْ أسامة حيث آل مآله ما دام يحمل في الثغور لواءِ
    أنا معْ أسامة نال نصراً عاجلاً أو نال منزلة مع الشهداء

    وسلامي أيضاً؛ إلى الإخوة المجاهدين في أفغانستان، وعلى رأسهم الملا محمد عمر حفظه الله، والشيخ المجاهد الدكتور أيمن الظواهري، والشيخ الحبيب أبي الليث القاسمي، وإلى باقي الإخوة الذين لم أذكرهم.

    وسلامي إلى الأسود في جزيرة محمد صلى الله عيه وسلم، نسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم، فقلوبنا تخفق بكم وألسنتنا تلهج بالدعاء لكم.

    وسلامي إلى الإخوة في الشيشان؛ أبي حفص والسيف وإخوانهم.

    وإلى الإخوة الصادقين الموحدين في أرض الإسراء والمعراج.

    وإلى المجاهدين في الجماعة السلفية للدعوة والقتال؛ وعلى رأسهم الأخ الحبيب أبي مصعب عبد الودود.

    وسلامي إلى باقي المجاهدين في أراضي المسلمين.

    تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير، وليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه في هذا العيد.

    فليس العيد لمن لبس الجديد... ولكن العيد لمن صدع بالتوحيد...
    فليس العيد لمن لبس الجديد... ولكن العيد لمن كفر بالشرك والتنديد...
    فليس العيد لمن لبس الجديد... ولكن العيد لمن جاهد أولياء الشرك والتنديد...

    {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}

    والحمد لله رب العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 6:09 pm