محب الشهادة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

محب الشهادة

محب الشهادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشهادة في سبيل الله هي ((اكرم وسيلة لعبادة الله))


    حتى لا يفقد العلماء دورهم

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 942
    نقاط : 2884
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 48
    الموقع : https://achahada-123.ahladalil.com

    حتى لا يفقد العلماء دورهم Empty حتى لا يفقد العلماء دورهم

    مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 15, 2010 7:28 am

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

    وبعد؛

    فإن العلماء ورثة الأنبياء في العلم والعمل، والبذل والعطاء والجهاد.

    هم محطة ثقة الناس وآمالهم.. إذا ما داهمتهم الخطوب الجسام.

    هم الذين يُصلحون إذا فسد الناس.. ويتصدون للتيارات الهدامة الباطلة الجارفة بالناس نحو الهاوية والهلاك!

    هم القادة والمصلحون الذين يقودون العباد والبلاد إلى بر السلامة والأمان والنجاة.

    هم الطليعة الذين يتقدمون الشعوب نحو كل خير، لذا أمر الله تعالى بطاعتهم، وخصهم بالذكر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء: 59. وفي قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} النحل: 43. وفي قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً} النساء: 83. فمن أولي الأمر الذين يعلمونه ويستنبطونه.. الذين تجب طاعتهم بالمعروف.. هم العلماء العاملون.

    هذا هو دور العلماء.. وهكذا كانوا.. وهكذا يجب أن يكونوا!

    ولكن عندما يرضى العالِم لنفسه خلاف ذلك؛ يرضى أن يكون بوقاً للطواغيت الظالمين.. يبرر ظلمهم وكفرهم ويزينه في أعين الناس.. ويصبغ عليهم وعلى نظامهم الشرعية بعبارات الإطراء والولاء والفداء.. ويمنع من جهادهم والإنكار عليهم.. فإنه مباشرة يفقد دوره الريادي القيادي المناط به، ليصبح من التبع الذين ضلوا وأضلوا.. ويكون مثله في ذلك مثل سحرة فرعون قبل أن يقولوا {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}.

    عندما يرضى لنفسه أن يعمل - عند الطاغوت - كشاهد زورٍ.. فكل ما يصدر عن الطاغوت.. وكل ما يصب في خدمته وخدمة نظامه وأمنه.. فهو زين وحق.. وكل ما خالف هوى الطاغوت.. وخالف سياسته ونظامه.. وكان فيه خطر عليه وعلى نظامه وأمنه.. فهو شين وباطل.. عندما يكون العالم كذلك فإنه مباشرة ينسلخ من علمه ومن صفة ومسمى العلماء الناصحين.. ويفقد دوره - المناط به - في قيادة البلاد والعباد.. ليصبح مثله - في أعين الناس وعند الرب عز وجل - مثل الكلب {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}.

    عندما يسخِّر العالِم علمه وما يحفظ من نصوص شرعية لإحقاق باطل أو إبطال حق قربة للطواغيت الظالمين.. طمعاً بالفتات الذي بين أيديهم.. فإنه مباشرة يفقد دوره الريادي - المناط به - في قيادة البلاد والعباد الذي يجب أن يكون.

    عندما يرضى العالِم لنفسه أن يكون الأداة التي يؤدب بها الطاغوت مخالفيه ومعترضيه.. أو أن يكون عبارة عن كاسحة ألغام تزيل كل عقبة تعترض الطاغوت وتعترض نظامه.. فإنه حينئذٍ مباشرة يفقد دوره الريادي - المناط به - في قيادة البلاد والعباد.

    عندما يتحول العالم إلى عقبة كأداء تمنع الشعوب من التغيير إلى الأفضل.. ومن العمل والانطلاق من أجل حياة أفضل.. لتحيل بينهم وبين أن يستأنفوا حياة إسلامية راشدة على منهاج النبوة.. فإنه حينئذٍ مباشرة يفقد دوره الريادي - المناط به - في قيادة البلاد والعباد.

    أعجب من شيوخ يحفظون قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما لم تروا منهم كفراً بواحا)، ويدرسونه تلاميذهم ثم هم يمنعون من الخروج على طواغيت اجتمعت فيهم جميع نواقض الإيمان وخصال الكفر والمروق.. ويجرمون ويبدعون كل من يفكر بالخروج عليهم!

    وهؤلاء في حقيقتهم يُجرمون ويُبدعون الرسول صلى الله عليه وسلم.. سواء علموا بذلك أم لم يعلموا!

    الذي يجرم ويُخطِّئ من يعمل بسنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم لكونه يعمل بهذه السنة، ويعمل على إحيائها.. فهو في حقيقته - علم أم جهل - يُجرم ويُخطئ النبي صلى الله عليه وسلم صاحب هذه السنة.. فليتنبه هؤلاء الشيوخ - دعاة السنة زعموا - فإنهم يلعبون بالنار وهم يدرون أو لا يدرون!!

    عندما تقتصر همم العالم ووظائفه على الوعظ والإفتاء بعيداً عن واقع الأمة وآلامها ومشاكلها.. وتنحصر حركته ونشاطاته في المسجد وزواياه وحسب.. فإنه بذلك يُصبح - شاء أم أبى - عالمي العقيدة.. علمانياً في واقعه وعمله وحياته.. وهو بذلك لا شك أنه يفقد دوره الريادي - المناط به - في قيادة البلاد والعباد.

    كثير من الناس اقتنعوا بفصل الدين عن الدولة والسياسة والحياة.. وبصواب ما تقوم عليه العلمانية من مبادئ باطلة.. عندما رأوا كثيراً من دعاة المسلمين وشيوخهم.. يفصلون في واقع حياتهم واهتماماتهم ونشاطاتهم.. وبلسان حالهم.. بين الدين وبين السياسة وشؤون الحكم والحياة.. واقتنعوا بأن العمل القيادي - في جميع ميادين الحياة - ليس من اختصاصهم ولا خصائصهم.. وإنما هو من خصائص ووظائف غيرهم من الطواغيت الظالمين!

    لو تحريت عن طموح أحدهم من وراء دراسته للشريعة والعلوم الإسلامية لوجدتها تنحصر في أن يُصبح إماماً في مسجدٍ يؤم فيه المسلمين في صلاتهم.. أو نائب إمام.. أو ليصبح خطيب جمعة يُكرر ما يُملى عليه ويُطلب منه.. أما الذي يؤم الناس خارج المسجد في جميع مجالات الحياة وميادينها وساحاتها الأخرى: السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والعسكرية وغيرها من مجالات الحياة.. فهو الطاغوت.. وقساوسة الطاغوت!!

    بزعم الزهد من الإمارة زهدوا من القيادة ومهامها.. وهذا من تلبيسات إبليس عليهم وإغوائه لهم!

    فالعالِم إن وسعه الزهد بالإمارة فإن المهام الثقال الملقاة على عاتقه تمنعه من أن يزهد بالقيادة.. فكل عالم رباني - وإن لم يكن أميراً - فهو قائد للجميع، وناصح للجميع، ومعلم للجميع، ومرشد للجميع، وشاهد على الجميع.. لا يجوز له أن يرضى بأقل من ذلك!

    العز بن عبد السلام لم يكن أميراً.. ولكنه كان قائداً يبيع الأمراء في سوق العبيد ليصبحوا أحراراً!

    الإمام أحمد بن حنبل لم يكن أميراً.. ولكنه كان بمفرده الجماعة التي يُلتزم غرسها.. وكان القائد الذي تهابه الملوك والأمراء.. أكثر مما تهاب جيوش الأعداء!

    شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن أميراً.. ولا رجل دولة بعينها.. بل قضى كثيراً من أيامه في غياهب سجون أمراء الظلم.. ومع ذلك كان القائد الذي يرعى الأمة بكاملها.. ويوجه الأمة بكاملها.. بشعور المسؤول عن كل فردٍ من أفرادها!

    أيها العلماء..
    من قبل راجت مقولة خبيثة بين الناس تقول أن " الدين أفيون الشعوب " بسبب بعض الممارسات الخاطئة ممن ينتسبون لهذا الدين من المتصوفة وغيرهم.. وهاهم اليوم بسبب ما يرونه من خذلان لهذا الدين ولأمة هذا الدين من قبل بعض الدعاة والشيوخ.. الذين يباركون واقع الطواغيت.. ويأبون التغيير.. يقول كثير من الناس: إن الشيوخ يخدرون الشعوب.. وهم أفيون الشعوب.. كلما ظهرت بازغة خير وصحوة وجهاد هنا وهناك.. تعاونوا - مع الطاغوت - على وأدها.. وعلى تجريمها.. وتجريم أصحابها في أعين الناس!

    كلما بزغت بازغة خير وجهاد.. قالوا للناس: هذه فتنة.. نحن لا نحتاج إلى هذا.. بلادنا بخير.. وحكامنا بخير.. ولا ندري أي خير يعنون ويقصدون!!

    أيها العلماء..
    إني أعيذكم من أن تتخلقوا بهذه الأخلاق.. فموطن التخذيل والتثبيط.. والرضى بواقع الطواغيت الظالمين ليس موطنكم.. ولا المكان الذي يليق بأقل المسلمين شأناً فضلاً عن أن يليق بكم!

    أيها العلماء..
    الشعوب سئمت كفر وفجور وظلم وتبذير وعمالة طواغيت الحكم الجاثمين على صدر الأمة ومقدراتها.. وهي تريد التغيير وتسعى له.. وهي ماضية فيه لا محالة.. فالمرجو منكم أن تكونوا القادة لأي عملية تغيير تُقدم عليها الأمة.. لا أن تقفوا عقبة كأداء في طريقها!

    أيها العلماء..
    إن خذلتم شعوبكم وكذبتموهم.. وأبيتم قيادتهم في الشدة وهم في طريقهم نحو التغيير المنشود.. فإن الشعوب ستتجاوزكم.. وتلعنكم.. وقد تبحث عن قادة غيركم.. يتكلمون بألسنتنا لكنهم على غير ملتنا.. والمسؤول حينئذٍ أنتم!

    أيها العلماء..
    قد فسد حكامنا.. فلا يُضاف إلى فسادهم وطغيانهم فساد العلماء.. فتهلك حينئذٍ البلاد والعباد.. وتغرق السفينة بمن فيها من الصالحين والطالحين.. فيقع الندم، ولات حين مندم!

    رحم الله ابن المبارك القائل:

    وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ وأحبارُ سُوءٍ ورُهبانُهَا

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    [6/6/1424هـ]

    

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء نوفمبر 26, 2024 4:56 am