ملاحظات وتعليقات على " بيان حول اتصالات النظام السوري مع بعض الإسلاميين " للشيخ سرور
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد .
فقد طالعتنا مجلة السنة في افتتاحية عددها الخامس والستون ببيان حول الصلح والاتصالات للنظام السوري مع بعض الإسلاميين، لكاتبه المجهول "همام الشامي"!!
ونحن إذا كنا لا نستطيع أن نجزم أن الشيخ محمد سرور هو الذي خط البيان بيده، إلا أننا نجزم وبيقين أن البيان نشر بعد أن نال الموافقة والرضى من الشيخ، وبعد دراسة دقيقة منه لكل كلمة وردت في البيان المذكور، لذا فإنه وكل من يتابعه يتحملون المسؤولية الكاملة عما ورد في البيان المذكور .
وبالتالي فإننا لا نلام لو وجهنا كلماتنا هذه لشخص الشيخ محمد سرور وليس لذلك الكاتب المجهول ..!
ومن دافع واجب النصح بين المؤمنين وبيان الحق وعدم كتمانه، نجد أنفسنا مضطرين لتسجيل هذه الملاحظات والتعليقات، إحقاقاً للحق، وإبطالاً للباطل، ونصحاً لمن تحدثه نفسه الأمارة بالسوء بالارتماء في أحضان الطواغيت الظالمين .. ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة .. والله تعالى المستعان .
قوله في البيان:"ربما أصبح النظام السوري مستعداً أن يبحث موضوع علاقته بالإخوان، وأن شيئاً ما يجري في هذا الصدد . ومن ذلك الإشارات التي وردت .. رسالة التعزية أرسلها الرئيس إلى أهل عبد الفتاح أبو غدة .. وكان النظام قد رد على التقولات التي فسرت هذه الخطوة بأنها تغير في موقفه من الإخوان، وجاء الرد على لسان مستشار الرئيس للشؤون الدينية بالتأكيد على أن لا تغير .. أو كما قال فضيلة المستشار " انتهى.
نقول للشيخ سرور : هداك الله وأصلح بالك.. أي رئيس تريد .. وهو رئيس على من .. أهو رئيسك أم رئيس الشعب المسلم في سورية .. أم ماذا ؟!!
ألا تعلم أن إجماع أهل العلم منعقد على أن مجرد الاعتراف بشرعية الكفر والرضى به، هو كفر وخروج من الملة ؟
أم أنك وبعد دراستك المستفيضة في الرد على أهل الغلو الذين يطالبون بالحكم بما أنزل الله .. خرجت بنتيجة أن النصيري الملحد حافظ الأسد لم يعد كافراً عندك ..؟!!
وبالتالي لا ضير عليك من الاعتراف به كرئيس أو أن تخاطبه كرئيس عليك وعلى غيرك..!!
ولوقلت: رئيس النصيرية .. أو رئيس الكفار .. أو النظام الكافر .. لكان قولك وكلامك مستساغا ً.. أما أن تطلق على الطاغوت الكافر بأنه رئيس من دون أن تبين هو رئيس على من .. فهذا لا يقبل منك يا شيخ سرور !!
والذي يزيدنا غرابة في الأمر أن الشيخ سرور كان يطلق على هذا الطاغوت اللعين - إذا ما مر ذكره في كتاباته السابقة في مجلته السنة وغيرها - الأوصاف المناسبة التي تليق به كطاغوت ظالم متأله على العباد كقوله عنه : الحاكم النصيري .. الطاغوت الكافر، وغير ذلك من الأوصاف التي يستحقها، وإذا به فجأة يتغير نحو هذا الطاغوت ليصفه بالرئيس من دون أن يضيف شيئاً من إطلاقاته السابقة عليه..؟!!
أم أنه عهد جديد من المغازلة والود والمداهنة قد بدأ بينكم - يا شيخ ! - وبين هذا الطاغوت اللعين .. ؟!!
نسأل الله تعالى الثبات وحسن الختام ..
قوله في البيان:" فالناس الذين طوردوا ولوحقوا ونكبوا ليسوا كلهم إخواناً، وكذلك الناس الذين فروا وشردوا من ديارهم، وانتشروا في أصقاع الدنيا، وذاقوا من جراء ذلك ما لا يعلم إلا الله من الذل والمعيشة الضنك والعسف والإهانات .."انتهى .
وهذا كذب وزور وبهتان، ومقابلة للنعم - التي من الله بها علينا في دار هجرتنا - بالكفر والجحود والنكران .. فأين هؤلاء السوريين المهاجرين الذين ذاقوا من الذل والمعيشة الضنك، والعسف والإهانات ما لا يعلم حدوده إلا الله .. ؟!!
خرجتم وغيركم - من مشايخ الإخوان - تتوجسون من القوم خيفة، لا تملكون الوثيقة التي تثبت شخصيتكم .. وها أنتم ببركات الهجرة تملكون الملايين من الدولارات، والبيوت والسيارات الفاخرة، وغير ذلك من نعم الدنيا التي لم تكونوا تحلمون بهها وأنتم في وطنكم الحبيب وفي ظل حكم الطاغوت ..!
ونحن نتحدى الشيخ سرور - ومعه الزمن الطويل - بأن يأتينا بعائلة سورية واحدة مهجرة - ومن جميع الأمصار التي انتشروا فيها - قد وقعت حقيقة فيما قد وصف به الناس من الذل والهوان، والمعيشة الضنك ..؟!
فالمعيشة الضنك - يا شيخ سرور - تصيب من يعرض عن ذكر الله ومنهجه، وليس المهاجر في سبيل الله، القاصد لمرضاة الله ورضوانه، كما قال تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى } . وقال تعالى : { ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعداً } . أما المهاجر في سبيل الله بحق فإنه تفتح له أبواب الخير كلها في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون }، وقال تعالى: { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة } . حتى أن الهجرة لا تكاد تذكر في الكتاب أو السنة إلا ويذكر معها الخير والرزق والسعة..
وإن أصاب الناس شيء من الكرب وضيق الصدر والحرج، فهو من عند أنفسهم وبسبب ٍمن ذنوبهم ومعاصيهم التي أبعدتهم عن الله، وعلاجهم أن يقلعوا عن ذنوبهم ومعاصيهم، ويرجعوا إلى الله تعالى تائبين آيبين .. لا أن يركنوا إلى الطاغوت الكافر ليرتموا في أحضانه وناره ..!
ومهما بلغ سوء حال الناس خارج البلاد فإنه لن يوازي سوء حال الناس في داخل سورية الجريحة الذين يعيشون بحق كل معاني الكبت والقهر والذل، والعبودية للطاغوت، والحياة الضنك، وعلى حساب دينهم، وكرامتهم، وعرضهم، ومالهم وكل ما يملكون .. حيث يربيهم الطاغوت على مائدته البعثية النصيرية الإباحية بالطريقة التي يشاء، من غير حسيب ولا نكير .. ليستثمرهم لنفسه ومصلحته وقت يشاء .. فإي الفريقين أحق بالشكوى - إن جاز ذلك - الذين هم في خارج البلاد أم الذين في داخلها .. ؟!
أم أن حب الديار والوطن قد أعماكم يا شيخ سرور ..؟!
على الله يشح العطاء، ويكثر المنّ والبكاء على الجراح والأطلال، وما أصابنا من بلاء يسير في الله .. بينما في سبيل الطاغوت تجدنا أسخياء كرماء نضحي - بنفس طيبة - كل ما نملك من دين وعرض ومال وعزة وكرامة .. ومن دون بكاء أو أدنى اعتراض، فما نسترخصه في سبيل الطاغوت نستغليه في سبيل الله، ثم بكل وقاحة وقلة أدب وحياء ندعو الله ونستنصره على الأعداء !
ثم على افتراض أن الناس قد أصابهم شيء مما ذكرت، أترى من الحكمة ياشيخ سرور أن تشمت العدو بك وبإخوانك، وكأن لسان حالك يقول للطاغوت: انظر ما أصابنا من الذل والهوان والمعيشة الضنك وغير ذلك من عبارات الاستضعاف والاستعطاف، وكل ذلك بسبب خروجنا من الوطن ومعارضتنا لك أيها الرئيس .. أم أن حافظ الأسد لم يعد عدواً يستتر عنه ما ينبغي أن يستتر عن العدو ..؟!
أم أنك يا شيخ تظن أن الطاغية الذي أزهق دم شعب بكامله من أجل مجده وعرشه سيرق قلبه، وتدمع عينه عليك وعلى المسلمين لما أصابكم من هذا الضنك المزعوم ..؟!!
قوله في البيان :" فإن النظام يقول: الإخوان فعلوا ..الإخوان اعتقلوا ..الإخوان أطلق سراحهم .. فقوله هذا تبسيط مخل، واستخدام للألفاظ والأوصاف مجحف، فالناس الذين طوردوا ولوحقوا .. ليس كل أولئك إخواناً.. ففيهم الإخوان، وفيهم المشايخ المستقلون، والعلماء الذين لا يتبعون تنظيماً، والصوفية الذين لا يتعاطون السياسة، وفيهم السلفيون ! فكيف يختزَل هؤلاء وكثير غيرهم ويوضعون تحت لافتة واحدة - الإخوان - وهم حقيقة ليسوا كذلك والدولة تعلم علم اليقين ذلك ؟" انتهى.
هنا يستشرف سرور وجماعته ليقولوا للنظام الكافر: كما يوجد على الساحة الإخوان ، كذلك يوجد غيرهم ومنهم السلفيون، فكما أنك تمد إلى الإخوان حبال التفاوض والصلح، ينبغي عليك أن تفعل ذلك مع غيرهم من الجماعات والاتجاهات والتي منها سرور وجماعته السلفية..!
فمن الإجحاف والاختزال - أيها النظام ويا أيها الرئيس - أن تتعامل مع الجميع على أنهم من الإخوان وهم ليسوا كذلك، فما يشترطه الإخوان للصلح والنزول إلى الوطن الحبيب قد لا يشترطه غيرهم، وما وجدته من تنازلات وانبطاحات من الإخوان قد تجد أضعافه من غيرهم .. وليس عليك سوى أن تحاول وتجرب لتجد ما يسرك ويقر عينك أيها النظام ..!
ولعل قائلاً يقول: قد حملت الكلام ما لا يحتمل .. فأقول :ليس للكلام تفسير غير هذا التفسير، وإلا فما الفائدة والغاية من تنبيه النظام الكافر وتذكيره - وهو يعلم ذلك أكثر من سرور - بوجود جماعات على الساحة غير جماعة الإخوان، إذا لم يكن الغرض منه لفت نظر النظام إلى استعداد سرور وجماعته للصلح والتفاوض ..؟!
وبخاصة أن سرور يزن كلماته في هذه المسألة المستجدة الخطيرة بميزان من ذهب، كما يقول عن النظام النصيري :" إنه مقتصد جداً في الحديث عن هذه المسألة، والكلام فيها محسوب عنده بالحرف، وموزون بميزان الذهب " ، فالشيخ سرور إذاً يعرف ميزان الذهب، ويعرف كيف يزان حروفه فيه، وهو مريد لمعنى كل حرف سطره في بيانه هذا ..!
قوله في البيان : " كلما جاء ذكر الأحداث التي حدثت في سورية ، وموقف النظام من قضية الإنفراج الداخلي؛ برزت مشكلة حمل الإسلاميين السلاح وارتكابهم حوادث القتل والتفجير . والنظام يعلم أيضاً من أرشيفه الغني الذي راكمه عبر هذه السنوات العجاف أن الذين حملوا السلاح قلة قليلة جداً بالنسبة إلى الإسلاميين عموماً، ويعلم علماً مؤكداً أيضاً أن أكثر الإسلاميين ليس فقط لم يحملوا السلاح؛ بل هم غير راضين أصلاً عمن حمله؛ فكيف تربط هذه المسألة بهم بعامة، وتطفوا على سطح الحديث عند كل مناسبة يذكرون فيها .. ؟! إن من بدهيات الشرع الإسلامي أن لا تزر وازرة وزر أخرى . ومن مبادىء القانـون الوضعي الذي تدرّسه الدولة في كليات الحقوق ويقوم عليه نظامها القضائي أن لا جريمة ولا جزاء إلا بنص، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته .. " . انتهى .
نقول للشيخ سرور : هل كنت ستجرؤ أن تقول هذه الكلمات في الثمانينات يوم أن كان للجهاد شوكته في الشام .. يوم كنت تتكلف التأييد – نفاقاً – للجهاد والمجاهدين .. ؟ !
أم أنك نظرت فقدرت - فبئس ما قدرت - فوجدت الفرصة في هذه الأيام سانحة للتعبير عما في نفسك من أحقاد على الجهاد والمجاهدين ..؟!
ليتك يا شيخ تتبرأ من الطاغوت النصيري، كما تتبرأ من المجاهدين حملة السلاح ..؟!
ثم إننا نسأل: لو كانت الكفة - في هذه الأيام - لصالح المجاهدين في سبيل الله على أعدائهم، أكنت يا شيخ سرور ستجرؤ على إظهار سمومك وأحقادك هذه على الجهاد والمجاهدين، أم أنكم كنتم ستركبون موجة التأييد وربما الزعامة والمسؤولية - كغيركم - عسى أن ينالكم شيء من حظوظ الدنيا وحطامها الزائل الزائف .. ؟!
يصدق فيكم وفي أمثالكم قوله تعالى : { الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة } . وقال تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولون إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين }.
ثم كيف لك - يا شيخ سرور وأنت من أعرف الناس بالعقيدة وبنواقض الإسلام ! - أن تعتبر الخروج بالقوة على الطاغوت النصيري الكافر - وهو من الدين الذي أمر الله به - وزراً، وحتى تبرئ نفسك وأتباعك من تبعات هذا الوزر تستشهد بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى } ..؟!
أأصبح الجهاد وزراً عندك يا سرور..؟!
أم أنه فاتك - وأنت العالم - تضافر أدلة الكتاب والسنة على وجوب الخروج بالقوة على الحاكم الكافر كفراً بواحاً..؟!
أم أنك لا تعتبر الطاغوت النصيري قد كفر كفراً بواحاً ..؟!!
نعوذ بالله من النفاق والخذلان .. ونسأله تعالى الثبات وحسن الختام .
ثم تأمل - أيها القارئ - هذه المغازلة الخفية الظاهرة من الشيخ سرور للنظام الكافر عندما احتكم إلى قانونه الوضعي الذي تدرسه الدولة في كليات الحقوق، والمطابق لحكم الشريعة، وهو: أن لا جريمة ولا جزاء إلا بنص وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ..!
أرأيت المداهنة كيف تكون، وحبال الود كيف تُمد ..؟!
وأخيراً - وليس آخراً - نسأل الشيخ سرور: ماذا تريد من الناس وأنت تُجمِّع الجموع حولك، وتدعوهم لطريقتك المثلى .. ؟!
وأنت طريق الجهاد وإعداد القوة قد رفضته ونبذته وحاربته .. وطريق الديمقراطية والمشاركة النيابية لا تريده صراحة، وإنما تغازله وتجامله على استحياء وعن بعد .. فماذا تريد من الناس ومن شباب الصحوة بالذات .. ؟!!
لم يبق أمامك سوى خيار واحد - وهو خيارك المفضل والمحبب - وهو أن تسمن الشباب - باسم التربية المزعومة - كالنعاج السمينة لتنقض عليها كلاب الطاغوت المسعورة وقت تشاء، وبالطريقة التي تشاء ..!!
أفلهذا تدعوا الناس يا سرور .. وعلى هذا تجمع الجموع وتسمن الشباب لتكون فيما بعد لقمة سائغة سهلة للطاغوت ..؟!!
قوله في البيان :" إذا كان بعض الإسلاميين قد حمل السلاح ولجأ إلى العنف - وهذا واقع ومن الحماقة إنكاره أو تجاهله – ويطلب منهم النظام الاعتراف بذلك وتحمل المسؤولية عنه وإدانته، فينبغي أن يعترف النظام أنه هو أيضاً قد لجأ إلى عنف غير مسوغ من جهة ..وهكذا لا يصح ولا يستقيم توجيه اللوم كله إلى طرف دون الآخر في قضية اللجوء إلى العنف وحمل السلاح، فهي قضية سياسية على كل حال، وتواجه الأمم والدول مثلها دائماً، وتعالج بالطرق الحضارية المتوازنة المعروفة .." انتهى .
هنا يعتبر سرور الجهاد في سبيل الله الذي حصل في الشام هو عبارة عن عنف غير مسوغ..!
وكما أن الإسلاميين أخطأوا في استخدام العنف وحمل السلاح، كذلك بالمقابل فإن النظام قد لجأ إلى العنف الغير مسوغ .. فالخطأ حاصل من الطرفين ولا بد من الاعتراف المتبادل بذلك ..!!
هذا رأي سرور، وهذا اعتقاده، ونحن نسأله:
أيستوي عندك يا سرور الذين آمنوا وقاتلوا في سبيل الله، بالذين كفروا وقاتلوا في سبيل الطاغوت..؟!
أيستوي عندك يا سرور القتال انتصاراً للعقيدة والدين، وذوداً عن الحرمات والحقوق المنتهكة، بالإجرام والاعتداء على جميع الحرمات الذي مارسه النظام النصيري الكافر ضد جميع المسلمين ..؟!
المجاهد الذي قاتل دفاعاً عن عقيدته ودينه ونفسه أخطأ كما أخطأ النصيري الكافر الذي قاتل إمعاناً في الإجرام والانتقام من الإسلام والمسلمين ..؟!
أهذا الذي أوصلك إليه عدلك وإنصافك ..؟!
وهل أنت في حكمك الجائر هذا قد توخيت الحكم بما أنزل الله ..؟!
صدق الله العظيم حيث قال: { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار }، وقال تعالى: { أفنجعل المسلمين كالمجرمين .مالكم كيف تحكمون} .
ثم أن قتال الطاغوت الكافر - هو عند سرور ومن تابعه - مجرد قضية سياسية يمكن أن تحل أو تعالج بالطرق الحضارية المتوازنة المعروفة ..!!
فأي تلميح بل وتصريح يعلو هذا التصريح في دعوة النظام النصيري الكافر للتفاوض ، والجلوس معه على موائد المفاوضات .. بحسب الطرق الحضارية المتوازنة والمعروفة !!
ثم أين غيبت - يا سرور ! - المنطلق العقدي الديني في صراع المسلمين مع هذا الطاغوت الكافر، حين حكمت أن الصراع مع النظام النصيري عبارة عن قضية سياسية، وخلاف سياسي يمكن أن يُعالج بالطرق الحضارية المتوازنة ..؟!!
قوله في البيان :" وبناء على كل هذا فبأي حق عومل أغلب الإسلاميين في سورية - ولا زالوا - هذه المعاملة التي لا نستطيع تصنيفها تحت أي بند، فأقصوا عن وظائفهم، وعطلت مصالحهم .. فذاقوا الذل من كل الألوان .. وضاعت أوقاتهم وجهودهم في الرشاوى .. دع عنك تعطيل الطاقات الجبارة التي كان يمكن أن تعود على بلدهم بالخير والعمران " انتهى.
أهذا الذي يهمك ويعنيك ياسرور .. الوظائف .. وتعطيل المصالح والورشات .. وضياع الطاقات الجبارة التي كان من الممكن أن تعود بالخير على الطاغوت ونظامه النصيري الكافر ..؟!!
أين غيرتك - يا سرور - على العقيدة والتوحيد الذي تكاد تندرس معالمه في الشام ، بفعل سياسة الطغمة النصيرية الحاكمة ..؟!
أين غيرتك على دين الله الذي تنتهك حرماته - وعلى الملأ - صباح مساء ..؟!
أم أنه لم يبق بينك وبين النظام النصيري من مسائل تسوى سوى الوظائف، والمصالح والورشات، والطاقات الجبارة التي يمكن أن تخدم النظام، وتعود على الطاغوت بالخير والعافية ..!!
ثم لماذا هذا العزف من جديد على وتر الذل بكل ألوانه، أهو كفران النعم التي غمركم الله بها في ديار المهجر، أم هي البشارة السارة التي تدخل بها السرور على قلب الطاغوت اللعين ..؟!
قوله في البيان :" وأمر آخر لا بد من التنويه به وهو أن الجو الرهيب الذي ساد بسبب هذه الملاحقات، وفَّر بيئة صالحة لضعاف النفوس الملتصقين بالنظام - ومن المألوف وجود هؤلاء في مثل هذه الظروف في أي نظام - فاستغلوا ظروف المحنة أبشع استغلال، وأثروا مثل تجـار الحروب - ثراء غير مشروع باستثمار آلام الكثيرين .." انتهى.
وهنا يريد أن يقول لنا سرور: أن علة النظام فيمن يلتصق به من العناصر الفاسدة المرتزقة، الذين يتسنحون الفرص لمص دماء الناس، وتحقيق الثراء السريع .. وليس العلة في النظام ذاته .. فالنظام بريء ونظيف، وإنما علته في المرتزقة المنتسبين إليه، وهم في الحقيقة ليسوا منه، ولا يمثلونه، بدليل أن هذا يحصل لأي نظام في العالم يمر بما مر به النظام النصيري من ظروف ..!!
أرأيتم كيف تكون المداهنة والمغازلة، وكيف أن سرور يزن كلماته بميزان من ذهب ..!!
إنه عهد جديد من الإنحراف والتذلل للطواغيت، قد فاجأت به الجميع يا شيخ سرور..!!
قوله في البيان:" إن المسلم لا يمكن إلا أن يكون وطنياً إذا كانت الوطنية حب البلد ، والتضحية من أجل تقدمه ورفعته، ولا يجوز شرعاً ولا منقطاً ولا عرفاً أن يشكك أحد مهما كان ومن كان بوطنية المسلم الذي يعتز بالإسلام . وهذا تاريخنا القريب والبعيد يشهد بأن المسلم لم يكن في يوم من الأيام غير وفي للأرض التي درج عليها، وأنه لا يتركها إلا مضطراً غير مختار ، متأسياً بنيه صلى الله عليه وسلم حين قال عن بلده ! مكة : " ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني، منك ما سكنت غيرك ". ونشير هنا إلى الذين يلوكون هذا الاتهام بعدم الوطنية، أو بضعفها عند الإسلاميين، ويتملحون بهذا الافتراء السمج السخيف حيث يدللون على أن الإسلامي، لا يمكن أن يكون وطنياً .. " انتهى .
وهذا الكلام باطل من وجوه :
منها : قوله عن الوطنية، وأن المسلم وطني ..!! ، هو قول محدث غريب عن الإسلام وقاموسه لفظاً ومعناً، ولو تتبعنا آيات القرآن الكريم وجميع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث، فإننا لن نجد هذا التعبير بهذا اللفظ ولا بمعناه، فهو جملة وتفصيلاً محدث غريب " ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد".
ومنها : أن التضحية بجميع معانيها يجب أن تكون في سبيل الله وحده، ومن أجل إعلاء كلمته سبحانه .. حيث يوجد فرق بين التضحية ذوداً عن شيء من الحرمات في سبيل الله، طاعة لله تعالى وإعلاءً لكلمته، وبين التضحية من أجل هذا الشيء لذاته وفي سبيله .. فالأول عبادة الله، وهو من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى ، والثاني شرك بالله تعالى.. وعليه فالدفاع عن أوطان المسلمين في سبيل الله واجب وعبادة، بينما الدفاع عن الوطن في سبيل الوطن ولذاته هو شرك ووثنية حديثة ..
ومنها: أن الوطنية مصطلح يراد به عند أربابه وأصحابه، تغييب عقيدة الولاء والبراء في الله، وتغييب عقيدة الانتماء للعقيدة والدين، وإبدالها بالعقيدة الوطنية التي تقوم على أساس الانتماء إلى الوطن والإقليم والتراب، والتي على أساسه تقسم الحقوق والواجبات بين العباد، وتعطى الموالاة والمعاداة بغض النظر عن اعتبار الدين والتقوى والعمل الصلاح .. فالوطنية مصطلح استورده العلمانيون من الغرب الصليبي إثر سقوط الخلافة العثمانية الجامعة لجميع المسلمين ليجعلوا منه العقيدة البديلة التي تصرفهم عن مجتمعهم الإسلامي الكبير المتمثل في الخلافة الإسلامية وقت ذاك، وليستبدلوا به الأخوة الإسلامية الواسعة بالأخوة الوطنية الضيقة التي تقوم على عقيدة التراب والأرض بدلاً من الأخوة التي تقوم على رابطة العقيدة والدين ..!
فهو إذاً - أي مصطلح الوطنية - إلى جانب كونه غريباً محدثاً ومستورداً، فهو مصطلح ينطوي على معان غير شرعية تتنافى مع عقيدة الإسلام وروحه وتعاليمه.
ومنها: أن الوطنية الإقليمية التي يتكلم عنها سرور هي في حقيقتها تكريس لحالة الفرقة والتشرذم التي خلفها الاستعمار الكافر للأقطار والبلدان المتعددة، التي كان يجب أن تكون دولة واحدة في ظل حكم الإسلام ..
فالوطنية التي يريدها الشيخ سرور من كلامه الآنف الذكر هي الوطنية السورية بحدودها الجغرافية الضيقة، وليس الوطنية بمعنى الانتماء إلى أرض الإسلام مهما اتسعت بقاعها وحدودها ..
ومنها: أن وطن المسلم - في نظر الإسلام - الذي يقاتل دونه ويذود عنه إذا ما داهمته الخطوب، هو الوطن الذي يحكمه الإسلام، وتعلوه راية التوحيد والعقيدة، أياً كان هذا الوطن، فالبلدان والأوطان - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - كالأشخاص، تتغير حالها وأحكامها سلماً وحرباً، ومعاداة وموالاة، كتغير الموقف من الأشخاص الذين يتغير حالهم من الإسلام إلى الكفر أو من الكفر إلى الإسلام ..
فنحن - في الإسلام - لا يوجد عندنا وطن يوالى لذاته تجب موالاته على الإطلاق وإن علاه الكفر والإلحاد، وأصبح داراً للكافرين، ومأوى للمارقين المحاربين، كما لا يوجد عندنا شخص يوالى لذاته على الإطلاق ، وإن وقع في الكفر والردة ..!
ومنها: أن من جملة المآخذ على كلام سرور المذكور أعلاه تحاكمه إلى المنطق والعرف، إضافة إلى الشرع، وهذا يتنافى مع كمال التوحيد الذي يجب التزامه .. وإذا كان من الممكن التهاون مع العامة في حال استخدامهم لمثل هذا المصطلحات والاطلاقات إلا أنه لا يمكن التهاون مع الشيخ سرور وأمثاله من الخواص إن وقعوا في ذلك ..
ومنها: أن سرورا يزعم أنه يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في حب الوطن! فهل تأسى سرور وغيره ممن يستشرفون الارتماء في نار الطاغوت وأحضانه، بعزة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عندما عادوا إلى مكة مسقط الرأس أسياداً وحكاماً عليها ..؟!
فهل عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة لتحكمه شريعة الطواغيت والأوثان ويرضى بها .. ؟!
أما أنتم - يا سرور ومن تابعكم - فقد رضيتم أن تعودوا إلى سورية لتحكمكم شريعة الطواغيت والأوثان، وأنتم أذلاء عبيد لأرباب النصيرية والبعث .. فأين أنتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..؟!
وما نسبتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حبه لمكة فهي كلمة حق أريد بها باطل، وضعت في غير موضعها الصحيح ..!
قوله في البيان :" سورية منذ الفتح الإسلامي لم تعرف لها هوية غير العروبة !! التي تحمل الإسلام رسالة إلى العالمين، ولم يعتز أهلها - على اختلاف مشاربهم - اعتزازاً حقيقياً بعيداً عن أجواء القهر والقسر بغير الإسلام "انتهى.
وهذا كذب وزور ووطنية زائدة من الشيخ سرور، فسورية فيها النصيري والرافضي، وفيها النصارى واليهود، وفيها الشيوعي الملحد، والبعثي العلماني وغير ذلك من ملل الكفر والنفاق والزندقة، التي زُرعت بأيدي النظام النصيري .. فكل هؤلاء يا سرور يعتزون بالإسلام..؟!! لا والله!
ثم لماذا هذا الضرب على وتر ونغمة العروبة التي لها نفس دلالات القومية .. فهي نغمة لم نألفها من قبل على الشيخ سرور، ولا في كتاباته ومقالاته السلفية .. فما الذي جعل باطل الأمس حقاً اليوم، وحق الأمس باطلاً اليوم .. ؟!!
من قبل أظهرتم اعتزازكم بالوطنية وبتمسككم بها، وهاأنتم من جديد تتماجدون بالقومية والعروبة وتعلنونها عصبية جاهلية .. أم أنها ضريبة الركون للطاغوت تستدعي منك هذه التنازلات والمداهنات، والوطنيات، والقوميات، والنعرات ..؟!!
ومن حيث دلالات كلمة " العروبة " وأبعادها الفكرية والتاريخية، فما قلناه في الوطنية من قبل يمكن أن يقال في العروبة أو القومية العربية لا فرق .. والغريب أن يفوت كل ذلك على الشيخ سرور العالم بفقه الواقع وبمذاهبه الباطلة .. ؟!
قوله في البيان :" والآن بعد هذه اللمحة عن بعض ما وقع على أصحاب الاتجاهات الإسلامية من مظالم، قد يسأل سائل: ماذا تريدون من ذلك، وهل تطمحون إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ؟ والجواب : إن الناس الذين شردوا من أهل بلدنا ينشدون العودة دون أخذ عهود ومواثيق مذلة، أو إعلان توبة عن ذنوب وهمية تلتصق بأكثرنا دون مبررات، ولا يريدون لأنفسهم ولأبنائهم أن يعيشوا غرباء عن أوطانهم، ولكنهم في الوقت نفسه لا يستطيعون التنازل عن كرامتهم ومعتقداتهم والتعبير - بكل حرية - عن آرائهم التي يؤمنون بها " انتهى .
فهذا كل ما يريده سرور وجماعته من القرمطي حافظ السد ونظامه الكافر، وهو أن يسمح
لهم بالعودة - في ظل حكمه ورعايته وعطفه - إلى الوطن الحبيب، مسالمين مستسلمين للإرادة النصيرية في البلد .. بشرط أن يكونوا كرماء أعزاء !!
ينشد سرور وجماعته الكرامة والعزة عند الطاغوت، وفي الركون إلى الطاغوت .. والله تعالى يقول: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون }، وقال تعالى: {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً} ، وقال تعالى: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً} .
فإن كنت - يا سرور - تريد العزة بحق فاطلبها من الله تعالى، اطلبها بالاستعصام بحبله، واللجوء إليه وحده، وليس بالركون إلى الطواغيت واسترضائهم ..!
أما قول سرور:" أو إعلان توبة عن ذنوب وهمية تلتصق بأكثرنا دون مبررات " فهي طامة الطامات؛ فإن حافظ الأسد يعتبر الخروج عليه وتكفيره، وعدم موالاته وطاعته ذنباً كبيراً يحاسب عليه ويقتل، ويسجن .. فهل هذا ذنب وهمي ملتصق بك وبجماعتك من دون مبرر..؟!!!
نعوذ بالله من الكفر والخذلان والنفاق .. سائلينه تعالى الثبات وحسن الختام.
وفي الختام إتماماً للفائدة وإبراءً للذمة نذكر بالنقاط التالية الهامة:
1ـ من لم يُكَفِّر النصيري القرمطي الملحد حافظ الأسد ونظامه وطائفته، أو شك في كفرهم فهو كافر مرتد، لا تنفعه صلاة ولا صوم، ولا شيء من العبادات والطاعات .. لأنه جعل الكفر البواح إيماناً، والكافر الكفر الصراح مؤمناً ..
2ـ من ينزل إلى سورية حراً مختاراً، ثم يُكره في الداخل على أن يُظهر الموالاة أو الرضى بالطاغية الكافر وحزبه ودينه، فهو كافر مرتد مثلهم لقوله تعالى: { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } أي كافر مثلهم، ولأن الرضى بالكفر كفر بلا خلاف .. وهذا النوع من الإكراه غير معتبر في الشرع لأنه حصل بإرادة صاحبه ورغبته ..!
3ـ من يعتذر عن شيء من الدين - على أنه باطل - وهو حق؛ كالجهاد في سبيل الله، أو يتبرأ منه، ويعتبره خطأً أو إجراماً إرضاءً للطاغوت من غير إكراه ملزم فهو كافر مرتد؛ لأنه في حقيقته يخطئ الله تعالى الذي ارتضى هذا الدين لعباده ..
4ـ النظام النصيري البعثي - كما أبان أكثر من مرة – لا يسمح لأي شخص من المعارضة خارج القطر بأن يعود إلى سورية إلا بشرطين: أن يُجرِّم نفسه ويعتذر عن مواقفه السابقة ضد النظام، وأن يدخل في موالاة وطاعة القيادة السياسية للقطر .. أو بمعنى آخر أن يعتذر عن دينه السابق الذي جاهد من أجله، ويتبرأ منه، ويدخل في دين وحزب الطاغوت ..!!
قالوا كما قال الكافرون لرسلهم من قبل، كما قال تعالى عنهم: { وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين }. فتشابهت قلوبهم وأقوالهم .
وعليه فإننا نقول محذرين وناصحين: من أجاب القوم على شروطهم الآنفة الذكر فقد خرج من ملة الإسلام كلياً، وقد حَبُط عمله، ودخل في ملة الطاغوت وفي عبادته .. وإن تسمى بأسماء المسلمين وتزي بزيهم، فإن ذلك لا ينفعه في شيء !
5 - من شروط صحة الإيمان الكفر بالطاغوت، والبراء منه ومن حزبه وجنده ودينه، كما قال تعالى: { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها }. مفهوم الآية أن من لا يكفر بالطاغوت لا يكون مؤمناً، ولا ممن يستمسكون بالعروة الوثقى التي هي " لا إله إلا الله " .
وقال تعالى: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده } .أي حتى تعبدوا الله وحده وتكفروا بعبادة ما سواه من الطواغيت ..
ومن أظهر الطواغيت التي تعبد في زماننا من دون الله تعالى حافظ الأسد وحزبه ..
{ أُفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون } .
6ـ يجب أن نعلم ونعتقد أن الله تعالى أغنى وأعز، وأجل وأحب إلى نفوسنا من الوطن، والديار، والأهل، والأبناء، والوظائف وكل ما نملك .. ولا يكون المؤمن مؤمناً إلا بذلك، كما أن المؤمن ليس له أن يحط رحاله ويقيم إلا حيث تكمن سلامة العبادة والدين .. كما قال تعالى: { وقل لعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } . وقال تعالى: { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } .
هذا ما أردت التذكير به، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة .
{ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب }
وصلى الله على سيدنا وقائدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم .
[عبد المنعم مصطفى حليمة : أبو بصير | 21/1/1418 هـ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد .
فقد طالعتنا مجلة السنة في افتتاحية عددها الخامس والستون ببيان حول الصلح والاتصالات للنظام السوري مع بعض الإسلاميين، لكاتبه المجهول "همام الشامي"!!
ونحن إذا كنا لا نستطيع أن نجزم أن الشيخ محمد سرور هو الذي خط البيان بيده، إلا أننا نجزم وبيقين أن البيان نشر بعد أن نال الموافقة والرضى من الشيخ، وبعد دراسة دقيقة منه لكل كلمة وردت في البيان المذكور، لذا فإنه وكل من يتابعه يتحملون المسؤولية الكاملة عما ورد في البيان المذكور .
وبالتالي فإننا لا نلام لو وجهنا كلماتنا هذه لشخص الشيخ محمد سرور وليس لذلك الكاتب المجهول ..!
ومن دافع واجب النصح بين المؤمنين وبيان الحق وعدم كتمانه، نجد أنفسنا مضطرين لتسجيل هذه الملاحظات والتعليقات، إحقاقاً للحق، وإبطالاً للباطل، ونصحاً لمن تحدثه نفسه الأمارة بالسوء بالارتماء في أحضان الطواغيت الظالمين .. ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة .. والله تعالى المستعان .
قوله في البيان:"ربما أصبح النظام السوري مستعداً أن يبحث موضوع علاقته بالإخوان، وأن شيئاً ما يجري في هذا الصدد . ومن ذلك الإشارات التي وردت .. رسالة التعزية أرسلها الرئيس إلى أهل عبد الفتاح أبو غدة .. وكان النظام قد رد على التقولات التي فسرت هذه الخطوة بأنها تغير في موقفه من الإخوان، وجاء الرد على لسان مستشار الرئيس للشؤون الدينية بالتأكيد على أن لا تغير .. أو كما قال فضيلة المستشار " انتهى.
نقول للشيخ سرور : هداك الله وأصلح بالك.. أي رئيس تريد .. وهو رئيس على من .. أهو رئيسك أم رئيس الشعب المسلم في سورية .. أم ماذا ؟!!
ألا تعلم أن إجماع أهل العلم منعقد على أن مجرد الاعتراف بشرعية الكفر والرضى به، هو كفر وخروج من الملة ؟
أم أنك وبعد دراستك المستفيضة في الرد على أهل الغلو الذين يطالبون بالحكم بما أنزل الله .. خرجت بنتيجة أن النصيري الملحد حافظ الأسد لم يعد كافراً عندك ..؟!!
وبالتالي لا ضير عليك من الاعتراف به كرئيس أو أن تخاطبه كرئيس عليك وعلى غيرك..!!
ولوقلت: رئيس النصيرية .. أو رئيس الكفار .. أو النظام الكافر .. لكان قولك وكلامك مستساغا ً.. أما أن تطلق على الطاغوت الكافر بأنه رئيس من دون أن تبين هو رئيس على من .. فهذا لا يقبل منك يا شيخ سرور !!
والذي يزيدنا غرابة في الأمر أن الشيخ سرور كان يطلق على هذا الطاغوت اللعين - إذا ما مر ذكره في كتاباته السابقة في مجلته السنة وغيرها - الأوصاف المناسبة التي تليق به كطاغوت ظالم متأله على العباد كقوله عنه : الحاكم النصيري .. الطاغوت الكافر، وغير ذلك من الأوصاف التي يستحقها، وإذا به فجأة يتغير نحو هذا الطاغوت ليصفه بالرئيس من دون أن يضيف شيئاً من إطلاقاته السابقة عليه..؟!!
أم أنه عهد جديد من المغازلة والود والمداهنة قد بدأ بينكم - يا شيخ ! - وبين هذا الطاغوت اللعين .. ؟!!
نسأل الله تعالى الثبات وحسن الختام ..
قوله في البيان:" فالناس الذين طوردوا ولوحقوا ونكبوا ليسوا كلهم إخواناً، وكذلك الناس الذين فروا وشردوا من ديارهم، وانتشروا في أصقاع الدنيا، وذاقوا من جراء ذلك ما لا يعلم إلا الله من الذل والمعيشة الضنك والعسف والإهانات .."انتهى .
وهذا كذب وزور وبهتان، ومقابلة للنعم - التي من الله بها علينا في دار هجرتنا - بالكفر والجحود والنكران .. فأين هؤلاء السوريين المهاجرين الذين ذاقوا من الذل والمعيشة الضنك، والعسف والإهانات ما لا يعلم حدوده إلا الله .. ؟!!
خرجتم وغيركم - من مشايخ الإخوان - تتوجسون من القوم خيفة، لا تملكون الوثيقة التي تثبت شخصيتكم .. وها أنتم ببركات الهجرة تملكون الملايين من الدولارات، والبيوت والسيارات الفاخرة، وغير ذلك من نعم الدنيا التي لم تكونوا تحلمون بهها وأنتم في وطنكم الحبيب وفي ظل حكم الطاغوت ..!
ونحن نتحدى الشيخ سرور - ومعه الزمن الطويل - بأن يأتينا بعائلة سورية واحدة مهجرة - ومن جميع الأمصار التي انتشروا فيها - قد وقعت حقيقة فيما قد وصف به الناس من الذل والهوان، والمعيشة الضنك ..؟!
فالمعيشة الضنك - يا شيخ سرور - تصيب من يعرض عن ذكر الله ومنهجه، وليس المهاجر في سبيل الله، القاصد لمرضاة الله ورضوانه، كما قال تعالى : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى } . وقال تعالى : { ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعداً } . أما المهاجر في سبيل الله بحق فإنه تفتح له أبواب الخير كلها في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون }، وقال تعالى: { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة } . حتى أن الهجرة لا تكاد تذكر في الكتاب أو السنة إلا ويذكر معها الخير والرزق والسعة..
وإن أصاب الناس شيء من الكرب وضيق الصدر والحرج، فهو من عند أنفسهم وبسبب ٍمن ذنوبهم ومعاصيهم التي أبعدتهم عن الله، وعلاجهم أن يقلعوا عن ذنوبهم ومعاصيهم، ويرجعوا إلى الله تعالى تائبين آيبين .. لا أن يركنوا إلى الطاغوت الكافر ليرتموا في أحضانه وناره ..!
ومهما بلغ سوء حال الناس خارج البلاد فإنه لن يوازي سوء حال الناس في داخل سورية الجريحة الذين يعيشون بحق كل معاني الكبت والقهر والذل، والعبودية للطاغوت، والحياة الضنك، وعلى حساب دينهم، وكرامتهم، وعرضهم، ومالهم وكل ما يملكون .. حيث يربيهم الطاغوت على مائدته البعثية النصيرية الإباحية بالطريقة التي يشاء، من غير حسيب ولا نكير .. ليستثمرهم لنفسه ومصلحته وقت يشاء .. فإي الفريقين أحق بالشكوى - إن جاز ذلك - الذين هم في خارج البلاد أم الذين في داخلها .. ؟!
أم أن حب الديار والوطن قد أعماكم يا شيخ سرور ..؟!
على الله يشح العطاء، ويكثر المنّ والبكاء على الجراح والأطلال، وما أصابنا من بلاء يسير في الله .. بينما في سبيل الطاغوت تجدنا أسخياء كرماء نضحي - بنفس طيبة - كل ما نملك من دين وعرض ومال وعزة وكرامة .. ومن دون بكاء أو أدنى اعتراض، فما نسترخصه في سبيل الطاغوت نستغليه في سبيل الله، ثم بكل وقاحة وقلة أدب وحياء ندعو الله ونستنصره على الأعداء !
ثم على افتراض أن الناس قد أصابهم شيء مما ذكرت، أترى من الحكمة ياشيخ سرور أن تشمت العدو بك وبإخوانك، وكأن لسان حالك يقول للطاغوت: انظر ما أصابنا من الذل والهوان والمعيشة الضنك وغير ذلك من عبارات الاستضعاف والاستعطاف، وكل ذلك بسبب خروجنا من الوطن ومعارضتنا لك أيها الرئيس .. أم أن حافظ الأسد لم يعد عدواً يستتر عنه ما ينبغي أن يستتر عن العدو ..؟!
أم أنك يا شيخ تظن أن الطاغية الذي أزهق دم شعب بكامله من أجل مجده وعرشه سيرق قلبه، وتدمع عينه عليك وعلى المسلمين لما أصابكم من هذا الضنك المزعوم ..؟!!
قوله في البيان :" فإن النظام يقول: الإخوان فعلوا ..الإخوان اعتقلوا ..الإخوان أطلق سراحهم .. فقوله هذا تبسيط مخل، واستخدام للألفاظ والأوصاف مجحف، فالناس الذين طوردوا ولوحقوا .. ليس كل أولئك إخواناً.. ففيهم الإخوان، وفيهم المشايخ المستقلون، والعلماء الذين لا يتبعون تنظيماً، والصوفية الذين لا يتعاطون السياسة، وفيهم السلفيون ! فكيف يختزَل هؤلاء وكثير غيرهم ويوضعون تحت لافتة واحدة - الإخوان - وهم حقيقة ليسوا كذلك والدولة تعلم علم اليقين ذلك ؟" انتهى.
هنا يستشرف سرور وجماعته ليقولوا للنظام الكافر: كما يوجد على الساحة الإخوان ، كذلك يوجد غيرهم ومنهم السلفيون، فكما أنك تمد إلى الإخوان حبال التفاوض والصلح، ينبغي عليك أن تفعل ذلك مع غيرهم من الجماعات والاتجاهات والتي منها سرور وجماعته السلفية..!
فمن الإجحاف والاختزال - أيها النظام ويا أيها الرئيس - أن تتعامل مع الجميع على أنهم من الإخوان وهم ليسوا كذلك، فما يشترطه الإخوان للصلح والنزول إلى الوطن الحبيب قد لا يشترطه غيرهم، وما وجدته من تنازلات وانبطاحات من الإخوان قد تجد أضعافه من غيرهم .. وليس عليك سوى أن تحاول وتجرب لتجد ما يسرك ويقر عينك أيها النظام ..!
ولعل قائلاً يقول: قد حملت الكلام ما لا يحتمل .. فأقول :ليس للكلام تفسير غير هذا التفسير، وإلا فما الفائدة والغاية من تنبيه النظام الكافر وتذكيره - وهو يعلم ذلك أكثر من سرور - بوجود جماعات على الساحة غير جماعة الإخوان، إذا لم يكن الغرض منه لفت نظر النظام إلى استعداد سرور وجماعته للصلح والتفاوض ..؟!
وبخاصة أن سرور يزن كلماته في هذه المسألة المستجدة الخطيرة بميزان من ذهب، كما يقول عن النظام النصيري :" إنه مقتصد جداً في الحديث عن هذه المسألة، والكلام فيها محسوب عنده بالحرف، وموزون بميزان الذهب " ، فالشيخ سرور إذاً يعرف ميزان الذهب، ويعرف كيف يزان حروفه فيه، وهو مريد لمعنى كل حرف سطره في بيانه هذا ..!
قوله في البيان : " كلما جاء ذكر الأحداث التي حدثت في سورية ، وموقف النظام من قضية الإنفراج الداخلي؛ برزت مشكلة حمل الإسلاميين السلاح وارتكابهم حوادث القتل والتفجير . والنظام يعلم أيضاً من أرشيفه الغني الذي راكمه عبر هذه السنوات العجاف أن الذين حملوا السلاح قلة قليلة جداً بالنسبة إلى الإسلاميين عموماً، ويعلم علماً مؤكداً أيضاً أن أكثر الإسلاميين ليس فقط لم يحملوا السلاح؛ بل هم غير راضين أصلاً عمن حمله؛ فكيف تربط هذه المسألة بهم بعامة، وتطفوا على سطح الحديث عند كل مناسبة يذكرون فيها .. ؟! إن من بدهيات الشرع الإسلامي أن لا تزر وازرة وزر أخرى . ومن مبادىء القانـون الوضعي الذي تدرّسه الدولة في كليات الحقوق ويقوم عليه نظامها القضائي أن لا جريمة ولا جزاء إلا بنص، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته .. " . انتهى .
نقول للشيخ سرور : هل كنت ستجرؤ أن تقول هذه الكلمات في الثمانينات يوم أن كان للجهاد شوكته في الشام .. يوم كنت تتكلف التأييد – نفاقاً – للجهاد والمجاهدين .. ؟ !
أم أنك نظرت فقدرت - فبئس ما قدرت - فوجدت الفرصة في هذه الأيام سانحة للتعبير عما في نفسك من أحقاد على الجهاد والمجاهدين ..؟!
ليتك يا شيخ تتبرأ من الطاغوت النصيري، كما تتبرأ من المجاهدين حملة السلاح ..؟!
ثم إننا نسأل: لو كانت الكفة - في هذه الأيام - لصالح المجاهدين في سبيل الله على أعدائهم، أكنت يا شيخ سرور ستجرؤ على إظهار سمومك وأحقادك هذه على الجهاد والمجاهدين، أم أنكم كنتم ستركبون موجة التأييد وربما الزعامة والمسؤولية - كغيركم - عسى أن ينالكم شيء من حظوظ الدنيا وحطامها الزائل الزائف .. ؟!
يصدق فيكم وفي أمثالكم قوله تعالى : { الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة } . وقال تعالى : { ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولون إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين }.
ثم كيف لك - يا شيخ سرور وأنت من أعرف الناس بالعقيدة وبنواقض الإسلام ! - أن تعتبر الخروج بالقوة على الطاغوت النصيري الكافر - وهو من الدين الذي أمر الله به - وزراً، وحتى تبرئ نفسك وأتباعك من تبعات هذا الوزر تستشهد بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى } ..؟!
أأصبح الجهاد وزراً عندك يا سرور..؟!
أم أنه فاتك - وأنت العالم - تضافر أدلة الكتاب والسنة على وجوب الخروج بالقوة على الحاكم الكافر كفراً بواحاً..؟!
أم أنك لا تعتبر الطاغوت النصيري قد كفر كفراً بواحاً ..؟!!
نعوذ بالله من النفاق والخذلان .. ونسأله تعالى الثبات وحسن الختام .
ثم تأمل - أيها القارئ - هذه المغازلة الخفية الظاهرة من الشيخ سرور للنظام الكافر عندما احتكم إلى قانونه الوضعي الذي تدرسه الدولة في كليات الحقوق، والمطابق لحكم الشريعة، وهو: أن لا جريمة ولا جزاء إلا بنص وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ..!
أرأيت المداهنة كيف تكون، وحبال الود كيف تُمد ..؟!
وأخيراً - وليس آخراً - نسأل الشيخ سرور: ماذا تريد من الناس وأنت تُجمِّع الجموع حولك، وتدعوهم لطريقتك المثلى .. ؟!
وأنت طريق الجهاد وإعداد القوة قد رفضته ونبذته وحاربته .. وطريق الديمقراطية والمشاركة النيابية لا تريده صراحة، وإنما تغازله وتجامله على استحياء وعن بعد .. فماذا تريد من الناس ومن شباب الصحوة بالذات .. ؟!!
لم يبق أمامك سوى خيار واحد - وهو خيارك المفضل والمحبب - وهو أن تسمن الشباب - باسم التربية المزعومة - كالنعاج السمينة لتنقض عليها كلاب الطاغوت المسعورة وقت تشاء، وبالطريقة التي تشاء ..!!
أفلهذا تدعوا الناس يا سرور .. وعلى هذا تجمع الجموع وتسمن الشباب لتكون فيما بعد لقمة سائغة سهلة للطاغوت ..؟!!
قوله في البيان :" إذا كان بعض الإسلاميين قد حمل السلاح ولجأ إلى العنف - وهذا واقع ومن الحماقة إنكاره أو تجاهله – ويطلب منهم النظام الاعتراف بذلك وتحمل المسؤولية عنه وإدانته، فينبغي أن يعترف النظام أنه هو أيضاً قد لجأ إلى عنف غير مسوغ من جهة ..وهكذا لا يصح ولا يستقيم توجيه اللوم كله إلى طرف دون الآخر في قضية اللجوء إلى العنف وحمل السلاح، فهي قضية سياسية على كل حال، وتواجه الأمم والدول مثلها دائماً، وتعالج بالطرق الحضارية المتوازنة المعروفة .." انتهى .
هنا يعتبر سرور الجهاد في سبيل الله الذي حصل في الشام هو عبارة عن عنف غير مسوغ..!
وكما أن الإسلاميين أخطأوا في استخدام العنف وحمل السلاح، كذلك بالمقابل فإن النظام قد لجأ إلى العنف الغير مسوغ .. فالخطأ حاصل من الطرفين ولا بد من الاعتراف المتبادل بذلك ..!!
هذا رأي سرور، وهذا اعتقاده، ونحن نسأله:
أيستوي عندك يا سرور الذين آمنوا وقاتلوا في سبيل الله، بالذين كفروا وقاتلوا في سبيل الطاغوت..؟!
أيستوي عندك يا سرور القتال انتصاراً للعقيدة والدين، وذوداً عن الحرمات والحقوق المنتهكة، بالإجرام والاعتداء على جميع الحرمات الذي مارسه النظام النصيري الكافر ضد جميع المسلمين ..؟!
المجاهد الذي قاتل دفاعاً عن عقيدته ودينه ونفسه أخطأ كما أخطأ النصيري الكافر الذي قاتل إمعاناً في الإجرام والانتقام من الإسلام والمسلمين ..؟!
أهذا الذي أوصلك إليه عدلك وإنصافك ..؟!
وهل أنت في حكمك الجائر هذا قد توخيت الحكم بما أنزل الله ..؟!
صدق الله العظيم حيث قال: { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار }، وقال تعالى: { أفنجعل المسلمين كالمجرمين .مالكم كيف تحكمون} .
ثم أن قتال الطاغوت الكافر - هو عند سرور ومن تابعه - مجرد قضية سياسية يمكن أن تحل أو تعالج بالطرق الحضارية المتوازنة المعروفة ..!!
فأي تلميح بل وتصريح يعلو هذا التصريح في دعوة النظام النصيري الكافر للتفاوض ، والجلوس معه على موائد المفاوضات .. بحسب الطرق الحضارية المتوازنة والمعروفة !!
ثم أين غيبت - يا سرور ! - المنطلق العقدي الديني في صراع المسلمين مع هذا الطاغوت الكافر، حين حكمت أن الصراع مع النظام النصيري عبارة عن قضية سياسية، وخلاف سياسي يمكن أن يُعالج بالطرق الحضارية المتوازنة ..؟!!
قوله في البيان :" وبناء على كل هذا فبأي حق عومل أغلب الإسلاميين في سورية - ولا زالوا - هذه المعاملة التي لا نستطيع تصنيفها تحت أي بند، فأقصوا عن وظائفهم، وعطلت مصالحهم .. فذاقوا الذل من كل الألوان .. وضاعت أوقاتهم وجهودهم في الرشاوى .. دع عنك تعطيل الطاقات الجبارة التي كان يمكن أن تعود على بلدهم بالخير والعمران " انتهى.
أهذا الذي يهمك ويعنيك ياسرور .. الوظائف .. وتعطيل المصالح والورشات .. وضياع الطاقات الجبارة التي كان من الممكن أن تعود بالخير على الطاغوت ونظامه النصيري الكافر ..؟!!
أين غيرتك - يا سرور - على العقيدة والتوحيد الذي تكاد تندرس معالمه في الشام ، بفعل سياسة الطغمة النصيرية الحاكمة ..؟!
أين غيرتك على دين الله الذي تنتهك حرماته - وعلى الملأ - صباح مساء ..؟!
أم أنه لم يبق بينك وبين النظام النصيري من مسائل تسوى سوى الوظائف، والمصالح والورشات، والطاقات الجبارة التي يمكن أن تخدم النظام، وتعود على الطاغوت بالخير والعافية ..!!
ثم لماذا هذا العزف من جديد على وتر الذل بكل ألوانه، أهو كفران النعم التي غمركم الله بها في ديار المهجر، أم هي البشارة السارة التي تدخل بها السرور على قلب الطاغوت اللعين ..؟!
قوله في البيان :" وأمر آخر لا بد من التنويه به وهو أن الجو الرهيب الذي ساد بسبب هذه الملاحقات، وفَّر بيئة صالحة لضعاف النفوس الملتصقين بالنظام - ومن المألوف وجود هؤلاء في مثل هذه الظروف في أي نظام - فاستغلوا ظروف المحنة أبشع استغلال، وأثروا مثل تجـار الحروب - ثراء غير مشروع باستثمار آلام الكثيرين .." انتهى.
وهنا يريد أن يقول لنا سرور: أن علة النظام فيمن يلتصق به من العناصر الفاسدة المرتزقة، الذين يتسنحون الفرص لمص دماء الناس، وتحقيق الثراء السريع .. وليس العلة في النظام ذاته .. فالنظام بريء ونظيف، وإنما علته في المرتزقة المنتسبين إليه، وهم في الحقيقة ليسوا منه، ولا يمثلونه، بدليل أن هذا يحصل لأي نظام في العالم يمر بما مر به النظام النصيري من ظروف ..!!
أرأيتم كيف تكون المداهنة والمغازلة، وكيف أن سرور يزن كلماته بميزان من ذهب ..!!
إنه عهد جديد من الإنحراف والتذلل للطواغيت، قد فاجأت به الجميع يا شيخ سرور..!!
قوله في البيان:" إن المسلم لا يمكن إلا أن يكون وطنياً إذا كانت الوطنية حب البلد ، والتضحية من أجل تقدمه ورفعته، ولا يجوز شرعاً ولا منقطاً ولا عرفاً أن يشكك أحد مهما كان ومن كان بوطنية المسلم الذي يعتز بالإسلام . وهذا تاريخنا القريب والبعيد يشهد بأن المسلم لم يكن في يوم من الأيام غير وفي للأرض التي درج عليها، وأنه لا يتركها إلا مضطراً غير مختار ، متأسياً بنيه صلى الله عليه وسلم حين قال عن بلده ! مكة : " ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني، منك ما سكنت غيرك ". ونشير هنا إلى الذين يلوكون هذا الاتهام بعدم الوطنية، أو بضعفها عند الإسلاميين، ويتملحون بهذا الافتراء السمج السخيف حيث يدللون على أن الإسلامي، لا يمكن أن يكون وطنياً .. " انتهى .
وهذا الكلام باطل من وجوه :
منها : قوله عن الوطنية، وأن المسلم وطني ..!! ، هو قول محدث غريب عن الإسلام وقاموسه لفظاً ومعناً، ولو تتبعنا آيات القرآن الكريم وجميع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث، فإننا لن نجد هذا التعبير بهذا اللفظ ولا بمعناه، فهو جملة وتفصيلاً محدث غريب " ومن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد".
ومنها : أن التضحية بجميع معانيها يجب أن تكون في سبيل الله وحده، ومن أجل إعلاء كلمته سبحانه .. حيث يوجد فرق بين التضحية ذوداً عن شيء من الحرمات في سبيل الله، طاعة لله تعالى وإعلاءً لكلمته، وبين التضحية من أجل هذا الشيء لذاته وفي سبيله .. فالأول عبادة الله، وهو من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى ، والثاني شرك بالله تعالى.. وعليه فالدفاع عن أوطان المسلمين في سبيل الله واجب وعبادة، بينما الدفاع عن الوطن في سبيل الوطن ولذاته هو شرك ووثنية حديثة ..
ومنها: أن الوطنية مصطلح يراد به عند أربابه وأصحابه، تغييب عقيدة الولاء والبراء في الله، وتغييب عقيدة الانتماء للعقيدة والدين، وإبدالها بالعقيدة الوطنية التي تقوم على أساس الانتماء إلى الوطن والإقليم والتراب، والتي على أساسه تقسم الحقوق والواجبات بين العباد، وتعطى الموالاة والمعاداة بغض النظر عن اعتبار الدين والتقوى والعمل الصلاح .. فالوطنية مصطلح استورده العلمانيون من الغرب الصليبي إثر سقوط الخلافة العثمانية الجامعة لجميع المسلمين ليجعلوا منه العقيدة البديلة التي تصرفهم عن مجتمعهم الإسلامي الكبير المتمثل في الخلافة الإسلامية وقت ذاك، وليستبدلوا به الأخوة الإسلامية الواسعة بالأخوة الوطنية الضيقة التي تقوم على عقيدة التراب والأرض بدلاً من الأخوة التي تقوم على رابطة العقيدة والدين ..!
فهو إذاً - أي مصطلح الوطنية - إلى جانب كونه غريباً محدثاً ومستورداً، فهو مصطلح ينطوي على معان غير شرعية تتنافى مع عقيدة الإسلام وروحه وتعاليمه.
ومنها: أن الوطنية الإقليمية التي يتكلم عنها سرور هي في حقيقتها تكريس لحالة الفرقة والتشرذم التي خلفها الاستعمار الكافر للأقطار والبلدان المتعددة، التي كان يجب أن تكون دولة واحدة في ظل حكم الإسلام ..
فالوطنية التي يريدها الشيخ سرور من كلامه الآنف الذكر هي الوطنية السورية بحدودها الجغرافية الضيقة، وليس الوطنية بمعنى الانتماء إلى أرض الإسلام مهما اتسعت بقاعها وحدودها ..
ومنها: أن وطن المسلم - في نظر الإسلام - الذي يقاتل دونه ويذود عنه إذا ما داهمته الخطوب، هو الوطن الذي يحكمه الإسلام، وتعلوه راية التوحيد والعقيدة، أياً كان هذا الوطن، فالبلدان والأوطان - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - كالأشخاص، تتغير حالها وأحكامها سلماً وحرباً، ومعاداة وموالاة، كتغير الموقف من الأشخاص الذين يتغير حالهم من الإسلام إلى الكفر أو من الكفر إلى الإسلام ..
فنحن - في الإسلام - لا يوجد عندنا وطن يوالى لذاته تجب موالاته على الإطلاق وإن علاه الكفر والإلحاد، وأصبح داراً للكافرين، ومأوى للمارقين المحاربين، كما لا يوجد عندنا شخص يوالى لذاته على الإطلاق ، وإن وقع في الكفر والردة ..!
ومنها: أن من جملة المآخذ على كلام سرور المذكور أعلاه تحاكمه إلى المنطق والعرف، إضافة إلى الشرع، وهذا يتنافى مع كمال التوحيد الذي يجب التزامه .. وإذا كان من الممكن التهاون مع العامة في حال استخدامهم لمثل هذا المصطلحات والاطلاقات إلا أنه لا يمكن التهاون مع الشيخ سرور وأمثاله من الخواص إن وقعوا في ذلك ..
ومنها: أن سرورا يزعم أنه يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في حب الوطن! فهل تأسى سرور وغيره ممن يستشرفون الارتماء في نار الطاغوت وأحضانه، بعزة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عندما عادوا إلى مكة مسقط الرأس أسياداً وحكاماً عليها ..؟!
فهل عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة لتحكمه شريعة الطواغيت والأوثان ويرضى بها .. ؟!
أما أنتم - يا سرور ومن تابعكم - فقد رضيتم أن تعودوا إلى سورية لتحكمكم شريعة الطواغيت والأوثان، وأنتم أذلاء عبيد لأرباب النصيرية والبعث .. فأين أنتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..؟!
وما نسبتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حبه لمكة فهي كلمة حق أريد بها باطل، وضعت في غير موضعها الصحيح ..!
قوله في البيان :" سورية منذ الفتح الإسلامي لم تعرف لها هوية غير العروبة !! التي تحمل الإسلام رسالة إلى العالمين، ولم يعتز أهلها - على اختلاف مشاربهم - اعتزازاً حقيقياً بعيداً عن أجواء القهر والقسر بغير الإسلام "انتهى.
وهذا كذب وزور ووطنية زائدة من الشيخ سرور، فسورية فيها النصيري والرافضي، وفيها النصارى واليهود، وفيها الشيوعي الملحد، والبعثي العلماني وغير ذلك من ملل الكفر والنفاق والزندقة، التي زُرعت بأيدي النظام النصيري .. فكل هؤلاء يا سرور يعتزون بالإسلام..؟!! لا والله!
ثم لماذا هذا الضرب على وتر ونغمة العروبة التي لها نفس دلالات القومية .. فهي نغمة لم نألفها من قبل على الشيخ سرور، ولا في كتاباته ومقالاته السلفية .. فما الذي جعل باطل الأمس حقاً اليوم، وحق الأمس باطلاً اليوم .. ؟!!
من قبل أظهرتم اعتزازكم بالوطنية وبتمسككم بها، وهاأنتم من جديد تتماجدون بالقومية والعروبة وتعلنونها عصبية جاهلية .. أم أنها ضريبة الركون للطاغوت تستدعي منك هذه التنازلات والمداهنات، والوطنيات، والقوميات، والنعرات ..؟!!
ومن حيث دلالات كلمة " العروبة " وأبعادها الفكرية والتاريخية، فما قلناه في الوطنية من قبل يمكن أن يقال في العروبة أو القومية العربية لا فرق .. والغريب أن يفوت كل ذلك على الشيخ سرور العالم بفقه الواقع وبمذاهبه الباطلة .. ؟!
قوله في البيان :" والآن بعد هذه اللمحة عن بعض ما وقع على أصحاب الاتجاهات الإسلامية من مظالم، قد يسأل سائل: ماذا تريدون من ذلك، وهل تطمحون إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ؟ والجواب : إن الناس الذين شردوا من أهل بلدنا ينشدون العودة دون أخذ عهود ومواثيق مذلة، أو إعلان توبة عن ذنوب وهمية تلتصق بأكثرنا دون مبررات، ولا يريدون لأنفسهم ولأبنائهم أن يعيشوا غرباء عن أوطانهم، ولكنهم في الوقت نفسه لا يستطيعون التنازل عن كرامتهم ومعتقداتهم والتعبير - بكل حرية - عن آرائهم التي يؤمنون بها " انتهى .
فهذا كل ما يريده سرور وجماعته من القرمطي حافظ السد ونظامه الكافر، وهو أن يسمح
لهم بالعودة - في ظل حكمه ورعايته وعطفه - إلى الوطن الحبيب، مسالمين مستسلمين للإرادة النصيرية في البلد .. بشرط أن يكونوا كرماء أعزاء !!
ينشد سرور وجماعته الكرامة والعزة عند الطاغوت، وفي الركون إلى الطاغوت .. والله تعالى يقول: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون }، وقال تعالى: {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً} ، وقال تعالى: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً} .
فإن كنت - يا سرور - تريد العزة بحق فاطلبها من الله تعالى، اطلبها بالاستعصام بحبله، واللجوء إليه وحده، وليس بالركون إلى الطواغيت واسترضائهم ..!
أما قول سرور:" أو إعلان توبة عن ذنوب وهمية تلتصق بأكثرنا دون مبررات " فهي طامة الطامات؛ فإن حافظ الأسد يعتبر الخروج عليه وتكفيره، وعدم موالاته وطاعته ذنباً كبيراً يحاسب عليه ويقتل، ويسجن .. فهل هذا ذنب وهمي ملتصق بك وبجماعتك من دون مبرر..؟!!!
نعوذ بالله من الكفر والخذلان والنفاق .. سائلينه تعالى الثبات وحسن الختام.
وفي الختام إتماماً للفائدة وإبراءً للذمة نذكر بالنقاط التالية الهامة:
1ـ من لم يُكَفِّر النصيري القرمطي الملحد حافظ الأسد ونظامه وطائفته، أو شك في كفرهم فهو كافر مرتد، لا تنفعه صلاة ولا صوم، ولا شيء من العبادات والطاعات .. لأنه جعل الكفر البواح إيماناً، والكافر الكفر الصراح مؤمناً ..
2ـ من ينزل إلى سورية حراً مختاراً، ثم يُكره في الداخل على أن يُظهر الموالاة أو الرضى بالطاغية الكافر وحزبه ودينه، فهو كافر مرتد مثلهم لقوله تعالى: { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } أي كافر مثلهم، ولأن الرضى بالكفر كفر بلا خلاف .. وهذا النوع من الإكراه غير معتبر في الشرع لأنه حصل بإرادة صاحبه ورغبته ..!
3ـ من يعتذر عن شيء من الدين - على أنه باطل - وهو حق؛ كالجهاد في سبيل الله، أو يتبرأ منه، ويعتبره خطأً أو إجراماً إرضاءً للطاغوت من غير إكراه ملزم فهو كافر مرتد؛ لأنه في حقيقته يخطئ الله تعالى الذي ارتضى هذا الدين لعباده ..
4ـ النظام النصيري البعثي - كما أبان أكثر من مرة – لا يسمح لأي شخص من المعارضة خارج القطر بأن يعود إلى سورية إلا بشرطين: أن يُجرِّم نفسه ويعتذر عن مواقفه السابقة ضد النظام، وأن يدخل في موالاة وطاعة القيادة السياسية للقطر .. أو بمعنى آخر أن يعتذر عن دينه السابق الذي جاهد من أجله، ويتبرأ منه، ويدخل في دين وحزب الطاغوت ..!!
قالوا كما قال الكافرون لرسلهم من قبل، كما قال تعالى عنهم: { وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين }. فتشابهت قلوبهم وأقوالهم .
وعليه فإننا نقول محذرين وناصحين: من أجاب القوم على شروطهم الآنفة الذكر فقد خرج من ملة الإسلام كلياً، وقد حَبُط عمله، ودخل في ملة الطاغوت وفي عبادته .. وإن تسمى بأسماء المسلمين وتزي بزيهم، فإن ذلك لا ينفعه في شيء !
5 - من شروط صحة الإيمان الكفر بالطاغوت، والبراء منه ومن حزبه وجنده ودينه، كما قال تعالى: { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها }. مفهوم الآية أن من لا يكفر بالطاغوت لا يكون مؤمناً، ولا ممن يستمسكون بالعروة الوثقى التي هي " لا إله إلا الله " .
وقال تعالى: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده } .أي حتى تعبدوا الله وحده وتكفروا بعبادة ما سواه من الطواغيت ..
ومن أظهر الطواغيت التي تعبد في زماننا من دون الله تعالى حافظ الأسد وحزبه ..
{ أُفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون } .
6ـ يجب أن نعلم ونعتقد أن الله تعالى أغنى وأعز، وأجل وأحب إلى نفوسنا من الوطن، والديار، والأهل، والأبناء، والوظائف وكل ما نملك .. ولا يكون المؤمن مؤمناً إلا بذلك، كما أن المؤمن ليس له أن يحط رحاله ويقيم إلا حيث تكمن سلامة العبادة والدين .. كما قال تعالى: { وقل لعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } . وقال تعالى: { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } .
هذا ما أردت التذكير به، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة .
{ إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب }
وصلى الله على سيدنا وقائدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم .
[عبد المنعم مصطفى حليمة : أبو بصير | 21/1/1418 هـ]