بسم الله الرحمن الرحيم
تقدّم سابقا أن منهج السّحرة هو تزييف الحقائق وتمويهها على النّاس، وذكرت أنّ السَّحرة في كلِّ زمان إما أن يغيّروا صورة الأشياء في الأبصار عن طريق التّخْييل الشيطاني، وإما أن يغيروا حقائقها في الأذهان عن طريق السّحر البيانيّ، وقد حذّر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من هاتين الطّائفتين أشدَّ التحذير، ونبّه الأمّة إلى خطرهما وعظيم أمرهما، وقد عمل أهل السنّة أن أعظم السّحرة على مدار التّاريخ الإنساني هو الدَّجال، الّذي سيخرج آخر الزّمان بما معه من شعوذات ومخاريق يفتن بها النّاس عن توحيد الله سبحانه وتعالى، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة الّتي تكشف للمؤمنين أمره فلا يغترّوا به، ولا يلتبس عليهم حاله، وفي حديث لرسول الرحمة والملحمة صلى الله عليه وسلم يجمع فيه التحذير من هاتين الفرقتين: سحرة التّخييل وسحرة البيان: فقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله في مسنده حديثا فيه التّحذير من أمر الدّجال، وذكر فيه قول النّبي صلى الله عليه وسلم: ((غير الدجال أخوف على أمّتي من الدّجال، الأئمة المضلّون)). سنده صحيح
في هذا الحديث إرشاد نبويّ إلى وجوب كشف الأئمّة المضلّين، كما كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الدّجال بجامع فتنتهما.
وإذا كان الدّجال هو أعظم فتنة تقع في الدّنيا كما جاء في بعض الأحاديث، فإن هذا الحديث يبيّن أن الأئمّة المضلّين هم أشد فتنة وأكثر سوءاً وأعظم إفساداً. فمن هم الأئمة المضلّون؟.
الإمام: هو المرء المتبوع، سواء كان هذا المتبوع في أمر علميّ أو أمر عمليّ، قال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم} النساء، وقد ذكر ابن كثير - رحمه الله تعالى - تفسير العلماء بقوله: أولي الأمر وخلافه في تعيينهم هل هم العلماء أم الأمراء؟ ثمَّ خلص إلى القول أنّها عامّة في كلٍّ من العلماء والأمراء.
فالأئمّة المضلّون هم الأمراء الضّالّون والعلماء الضالّون، وهاتان الفرقتان ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاحهما صلاح النّاس وبفسادهما فساد النّاس، وهما كما قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:
وهل أفسد الدين إلاّ الملوك وأحبار سـوء ورهبانـها
فساد الأمراء: روى الإمام البخاري في صحيحه أنَّ امرأة من أ صلى الله عليه وسلمحمس سألت أبا بكر الصدّيق فقالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح - أي الإسلام - الذي جاء الله به بعد الجاهليّة؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمّتكم. قالت: وما الأئمّة؟. قال: أمَا كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك النّاس.
فصلاح الأمراء بقيامهم على أمر الإسلام، وتطبيقهم شريعة الرحمن، ونشرهم العدل في الأحكام، وفسادهم بتركهم دين الله تعالى، وبعدم إقامته في النّاس، وقد علّق أبوبكر رضي الله تعالى عنه فساد النّاس بفساد الأئمة. ما استقامت بكم أئمّتكم. قال الحافظ بن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري" في شرحه لهذا الحديث: لأنّ النّاس على دين ملوكهم، فمن حاد من الأئمّة عن الحال مال وأمال. ا. هـ.
ومن أجل أهمية الأمراء وقيمتهم في الحياة فإنّ الشّارع الحكيم أمر المسلمين وحثّهم على مراقبتهم من أجل تقويم اعوجاجهم، ولو أدّى هذا إلى حصول الضّرر على النّاصح المقوّم، قال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر)) رواه أحمد بسند صحيح عن أبي أمامة، وهذا كلّه في الحاكم المسلم، أما الحاكم الكافر فقد وجب على المسلمين خلعه وإزالته، قال القاضي عياض: فلو طرأ عليه - أي الأمير - كفر وتغيير للشّرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عيه وخلعه. ا. هـ.
فساد العلماء: روى الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعاً أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالماً اتخذ النّاس رؤساء جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا)).
فصلاح العلماء في تعليم النّاس الحقّ والصواب، وإرشادهم للهدي الصّحيح، وتحذيرهم من الأحكام والتّصورات الفاسدة، وفسادهم بالفتوى الجاهلة، والهدي الباطل، والقول الفاسد، فإذا أفتى العالم بالهوى والجهل فإن قوله يفسد النّاس ويضلّهم كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث السّابق (فضلّوا وأضلّوا). صلى الله عليه وسلموقد فرّغ كثير من أهل الذّكر نفسه لذكر نماذج من الأئمّة الصّالحين، وكيف كان لأفعالهم وأقوالهم الأثر الطّيب، والخير الذي يصيب العباد والبلاد، ونماذج العلماء الذين وقفوا أمام حيف الأئمّة الأمراء وظلمهم وفسادهم أكثر من أن تستوعبه السطور، أو تحتمله الورقات، وكذلك نماذج الأمراء الصّالحين الّذين سطروا بفعالهم دفاتر الخير والنصر على مدار التاريخ الإسلامي، ولكن كل هذا لم يخل من ذكر نماذج من الجهة المقابلة، جهة أمراء الضلال، وعلماء الضلال، وأنا سأخص هذه الورقات بذكر أركان علماء الضّلال الّذين وقفوا أمام الحقّ، وحاولوا مزايلته، أو أنهم حاولوا استغلال عمائمهم من أجل نشر الرذيلة الفكرية بين النّاس، وهي أركان تعين الشّاب المسلم الآن وغدا في كشف هؤلاء القوم، وهذه الأركان الّتي سأسوقها هي الأركان الّتي حذّر منها أهل السنّة والجماعة في أقوالهم ومصنّفاتهم، ولم أزد سوى أني جمعتها على هذه الصورة:
من هم علماء الضلال؟.
1 - الصوفية: قال الإمام الشّافعي: ما تصوّف رجل عاقل أول النّهار وأتت عليه صلاة العصر إلاّ وهو مجنون. ا. هـ. ذكره ابن الجوزي في صفة الصّفوة وفي تلبيس إبليس.
والصّوفية فرقة ضالّة منحرفة، تلبست بمسوح الإسلام، وادعت العمل بالشريعة، وهي في حقيقتها وجوهرها قائمة على أصول شركية منحرفة، ولم تعرف هذه الفرقة بعقائدها ولا بعباداتها في الصّدر الأول الممدوح من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((خير النّاس قرني...))، وهي في كلّ زمان تتلوّن بأثواب جديدة، ولعلّ أكثر الفرق انحرافاً في هذا الزّمان هي فرقة الحبشية، وهم أتباع الضّال عبد الله الحبشي المقيم في لبنان، ومن أعظم انحرافاتهم بعد كونهم صوفية كلامية هي موالاتهم للطّواغيت الأحياء في سوريا، قال عدنان الطرابلسي، وهو نائب في مجلس الشّرك (النّوّاب) اللبناني. وهو ممثّل الحبشيّة في البرلمان، والفرقة لها جمعية هناك تسمّى جمعيّة المشاريع الخيرية. يقول هذا الضّال المخرِّف: إننا لسنا من الأصولية السّلبية!! هذه الأصولية المزعومة المراد منها الكرسيّ والزّعامة والتّخريب، لا لهذه الأصولية الّتي تكفر حكّام العرب المسلمين لمجرّد أنّهم حكموا بالقانون من غير أن يعتقدوا أن القانون خير من القرآن، لا لهذه الأصولية الّتي تقتل العسكري أو رجل الدّولة، لمجرّد أنّه ينفذ حكم القانون. انتهى كلامه النَّتن الضّال.
وهذه الفرقة الخبيثة بدأت تغزو كثيراً عقول الشّباب المغترب في أوروبّا وأمريكا وأستراليا، مع ما لهذه الفرقة من أثر سيّء في لبنان حيث كانوا هم اليد القذرة الّتي تنفّذ سياسة الدّولة الخبيثة الكافرة سوريا، وحاكمها اللعين حافظ الأسد، ولذلك فإنّي أنصح الاخوة في كلّ مكان أن يحذروا هذه الفرقة ويحذِّروا منها الشّباب لئلا يقع في حبالهم، وهذه الفرقة لها طريقة خبيثة في جذب الشّباب إليها، فهي أوّل ما تبدأ معهم في تكفير الأئمّة الأعلام خزيمة والآجرّي وعبد الله بن أحمد بن حنبل والبربهاري وابن تيمية وابن القيّم ومحمّد بن عبد الوهاب وسيِّد قطب وغيرهم من أئمّة الهدى والدّين.
وكثير من الفضلاء العلماء يقع في وهم خطأ حين يقسِّم الصّوفيّة إلى قسمين أو أقسام، فيظنّ أن هناك صوفية سنّية وصوفيّة مبتدعة. ولعلّ هذا التقسيم جاءهم من عدم دراستهم المتعمّقة للصّوفية كما هي عند أصحابها، لأن الصّوفيّة أنفسهم يرفضون هذا التّقسيم، ويتعاملون مع الجميع على أنّهم طائفة واحدة لا طوائف على اختلاف مشاربهم ومشايخهم وطرقهم. وبدراسة متأنِّية نستطيع أن نجزم أن الصّوفيّة هي تلك التّربة النّجسة الّتي نمت فيها ومنها الكثير من أفكار الضلال والانحراف كالشّيعة الرّوافض، وأهل الكلام الزّنادقة وغيرهما. وقد يقع بعض أهل الخير كذلك في خطأ آخر حين يظنّ أنّ الصّوفي هو ذلك الرجل الذي ينتسب إلى صوفيّة، أو مشيخة صوفية، وهذا حق، لكنّ الصّوفية تعدّت من كونها ابتداعاً في العبادات والنّسك، إلى كونها طريقة حياة ومنهج تفكير، وأسلوب عمل. ولذلك قد يقع بعض من يكثر حديثه عن بدع الصّوفية وانحرافاتهم في منهج التّفكير الصّوفي في فهمه للحركة والحياة، ولعلّ أوضح عبارة تبيِّن انحراف بعض الفضلاء وتأثُّرهم بالمنهج الصّوفي هي تلك العبارة الّتي صارت منهجاً لبعض جماعات الانحراف في التّغيير، وكثر ترديدهم لها حتّى ظنّ بعض الصِّبية أنها خرجت من مشكاة الوحي، هذه العبارة هي: “أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم، تقم لكم على أرضكم”. وهي كلمة قبيحة تدلّ على انتكاس صاحبها في فهمه، وابتعاده عن السّنن الإلهية في التّغيير والحياة، ومثلها كذلك أصحاب الدعوة إلى التّربية قبل الجهاد والتّمكّن، تحت دعوى التّصفية والتّربية، ولشرح ضلال هذين المفهومين مقال قادم إن شاء الله
تقدّم سابقا أن منهج السّحرة هو تزييف الحقائق وتمويهها على النّاس، وذكرت أنّ السَّحرة في كلِّ زمان إما أن يغيّروا صورة الأشياء في الأبصار عن طريق التّخْييل الشيطاني، وإما أن يغيروا حقائقها في الأذهان عن طريق السّحر البيانيّ، وقد حذّر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من هاتين الطّائفتين أشدَّ التحذير، ونبّه الأمّة إلى خطرهما وعظيم أمرهما، وقد عمل أهل السنّة أن أعظم السّحرة على مدار التّاريخ الإنساني هو الدَّجال، الّذي سيخرج آخر الزّمان بما معه من شعوذات ومخاريق يفتن بها النّاس عن توحيد الله سبحانه وتعالى، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة الّتي تكشف للمؤمنين أمره فلا يغترّوا به، ولا يلتبس عليهم حاله، وفي حديث لرسول الرحمة والملحمة صلى الله عليه وسلم يجمع فيه التحذير من هاتين الفرقتين: سحرة التّخييل وسحرة البيان: فقد ذكر الإمام أحمد رحمه الله في مسنده حديثا فيه التّحذير من أمر الدّجال، وذكر فيه قول النّبي صلى الله عليه وسلم: ((غير الدجال أخوف على أمّتي من الدّجال، الأئمة المضلّون)). سنده صحيح
في هذا الحديث إرشاد نبويّ إلى وجوب كشف الأئمّة المضلّين، كما كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الدّجال بجامع فتنتهما.
وإذا كان الدّجال هو أعظم فتنة تقع في الدّنيا كما جاء في بعض الأحاديث، فإن هذا الحديث يبيّن أن الأئمّة المضلّين هم أشد فتنة وأكثر سوءاً وأعظم إفساداً. فمن هم الأئمة المضلّون؟.
الإمام: هو المرء المتبوع، سواء كان هذا المتبوع في أمر علميّ أو أمر عمليّ، قال تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم} النساء، وقد ذكر ابن كثير - رحمه الله تعالى - تفسير العلماء بقوله: أولي الأمر وخلافه في تعيينهم هل هم العلماء أم الأمراء؟ ثمَّ خلص إلى القول أنّها عامّة في كلٍّ من العلماء والأمراء.
فالأئمّة المضلّون هم الأمراء الضّالّون والعلماء الضالّون، وهاتان الفرقتان ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاحهما صلاح النّاس وبفسادهما فساد النّاس، وهما كما قال ابن المبارك رحمه الله تعالى:
وهل أفسد الدين إلاّ الملوك وأحبار سـوء ورهبانـها
فساد الأمراء: روى الإمام البخاري في صحيحه أنَّ امرأة من أ صلى الله عليه وسلمحمس سألت أبا بكر الصدّيق فقالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح - أي الإسلام - الذي جاء الله به بعد الجاهليّة؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمّتكم. قالت: وما الأئمّة؟. قال: أمَا كان لقومك رؤوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى. قال: فهم أولئك النّاس.
فصلاح الأمراء بقيامهم على أمر الإسلام، وتطبيقهم شريعة الرحمن، ونشرهم العدل في الأحكام، وفسادهم بتركهم دين الله تعالى، وبعدم إقامته في النّاس، وقد علّق أبوبكر رضي الله تعالى عنه فساد النّاس بفساد الأئمة. ما استقامت بكم أئمّتكم. قال الحافظ بن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري" في شرحه لهذا الحديث: لأنّ النّاس على دين ملوكهم، فمن حاد من الأئمّة عن الحال مال وأمال. ا. هـ.
ومن أجل أهمية الأمراء وقيمتهم في الحياة فإنّ الشّارع الحكيم أمر المسلمين وحثّهم على مراقبتهم من أجل تقويم اعوجاجهم، ولو أدّى هذا إلى حصول الضّرر على النّاصح المقوّم، قال صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر)) رواه أحمد بسند صحيح عن أبي أمامة، وهذا كلّه في الحاكم المسلم، أما الحاكم الكافر فقد وجب على المسلمين خلعه وإزالته، قال القاضي عياض: فلو طرأ عليه - أي الأمير - كفر وتغيير للشّرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عيه وخلعه. ا. هـ.
فساد العلماء: روى الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعاً أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالماً اتخذ النّاس رؤساء جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا)).
فصلاح العلماء في تعليم النّاس الحقّ والصواب، وإرشادهم للهدي الصّحيح، وتحذيرهم من الأحكام والتّصورات الفاسدة، وفسادهم بالفتوى الجاهلة، والهدي الباطل، والقول الفاسد، فإذا أفتى العالم بالهوى والجهل فإن قوله يفسد النّاس ويضلّهم كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث السّابق (فضلّوا وأضلّوا). صلى الله عليه وسلموقد فرّغ كثير من أهل الذّكر نفسه لذكر نماذج من الأئمّة الصّالحين، وكيف كان لأفعالهم وأقوالهم الأثر الطّيب، والخير الذي يصيب العباد والبلاد، ونماذج العلماء الذين وقفوا أمام حيف الأئمّة الأمراء وظلمهم وفسادهم أكثر من أن تستوعبه السطور، أو تحتمله الورقات، وكذلك نماذج الأمراء الصّالحين الّذين سطروا بفعالهم دفاتر الخير والنصر على مدار التاريخ الإسلامي، ولكن كل هذا لم يخل من ذكر نماذج من الجهة المقابلة، جهة أمراء الضلال، وعلماء الضلال، وأنا سأخص هذه الورقات بذكر أركان علماء الضّلال الّذين وقفوا أمام الحقّ، وحاولوا مزايلته، أو أنهم حاولوا استغلال عمائمهم من أجل نشر الرذيلة الفكرية بين النّاس، وهي أركان تعين الشّاب المسلم الآن وغدا في كشف هؤلاء القوم، وهذه الأركان الّتي سأسوقها هي الأركان الّتي حذّر منها أهل السنّة والجماعة في أقوالهم ومصنّفاتهم، ولم أزد سوى أني جمعتها على هذه الصورة:
من هم علماء الضلال؟.
1 - الصوفية: قال الإمام الشّافعي: ما تصوّف رجل عاقل أول النّهار وأتت عليه صلاة العصر إلاّ وهو مجنون. ا. هـ. ذكره ابن الجوزي في صفة الصّفوة وفي تلبيس إبليس.
والصّوفية فرقة ضالّة منحرفة، تلبست بمسوح الإسلام، وادعت العمل بالشريعة، وهي في حقيقتها وجوهرها قائمة على أصول شركية منحرفة، ولم تعرف هذه الفرقة بعقائدها ولا بعباداتها في الصّدر الأول الممدوح من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((خير النّاس قرني...))، وهي في كلّ زمان تتلوّن بأثواب جديدة، ولعلّ أكثر الفرق انحرافاً في هذا الزّمان هي فرقة الحبشية، وهم أتباع الضّال عبد الله الحبشي المقيم في لبنان، ومن أعظم انحرافاتهم بعد كونهم صوفية كلامية هي موالاتهم للطّواغيت الأحياء في سوريا، قال عدنان الطرابلسي، وهو نائب في مجلس الشّرك (النّوّاب) اللبناني. وهو ممثّل الحبشيّة في البرلمان، والفرقة لها جمعية هناك تسمّى جمعيّة المشاريع الخيرية. يقول هذا الضّال المخرِّف: إننا لسنا من الأصولية السّلبية!! هذه الأصولية المزعومة المراد منها الكرسيّ والزّعامة والتّخريب، لا لهذه الأصولية الّتي تكفر حكّام العرب المسلمين لمجرّد أنّهم حكموا بالقانون من غير أن يعتقدوا أن القانون خير من القرآن، لا لهذه الأصولية الّتي تقتل العسكري أو رجل الدّولة، لمجرّد أنّه ينفذ حكم القانون. انتهى كلامه النَّتن الضّال.
وهذه الفرقة الخبيثة بدأت تغزو كثيراً عقول الشّباب المغترب في أوروبّا وأمريكا وأستراليا، مع ما لهذه الفرقة من أثر سيّء في لبنان حيث كانوا هم اليد القذرة الّتي تنفّذ سياسة الدّولة الخبيثة الكافرة سوريا، وحاكمها اللعين حافظ الأسد، ولذلك فإنّي أنصح الاخوة في كلّ مكان أن يحذروا هذه الفرقة ويحذِّروا منها الشّباب لئلا يقع في حبالهم، وهذه الفرقة لها طريقة خبيثة في جذب الشّباب إليها، فهي أوّل ما تبدأ معهم في تكفير الأئمّة الأعلام خزيمة والآجرّي وعبد الله بن أحمد بن حنبل والبربهاري وابن تيمية وابن القيّم ومحمّد بن عبد الوهاب وسيِّد قطب وغيرهم من أئمّة الهدى والدّين.
وكثير من الفضلاء العلماء يقع في وهم خطأ حين يقسِّم الصّوفيّة إلى قسمين أو أقسام، فيظنّ أن هناك صوفية سنّية وصوفيّة مبتدعة. ولعلّ هذا التقسيم جاءهم من عدم دراستهم المتعمّقة للصّوفية كما هي عند أصحابها، لأن الصّوفيّة أنفسهم يرفضون هذا التّقسيم، ويتعاملون مع الجميع على أنّهم طائفة واحدة لا طوائف على اختلاف مشاربهم ومشايخهم وطرقهم. وبدراسة متأنِّية نستطيع أن نجزم أن الصّوفيّة هي تلك التّربة النّجسة الّتي نمت فيها ومنها الكثير من أفكار الضلال والانحراف كالشّيعة الرّوافض، وأهل الكلام الزّنادقة وغيرهما. وقد يقع بعض أهل الخير كذلك في خطأ آخر حين يظنّ أنّ الصّوفي هو ذلك الرجل الذي ينتسب إلى صوفيّة، أو مشيخة صوفية، وهذا حق، لكنّ الصّوفية تعدّت من كونها ابتداعاً في العبادات والنّسك، إلى كونها طريقة حياة ومنهج تفكير، وأسلوب عمل. ولذلك قد يقع بعض من يكثر حديثه عن بدع الصّوفية وانحرافاتهم في منهج التّفكير الصّوفي في فهمه للحركة والحياة، ولعلّ أوضح عبارة تبيِّن انحراف بعض الفضلاء وتأثُّرهم بالمنهج الصّوفي هي تلك العبارة الّتي صارت منهجاً لبعض جماعات الانحراف في التّغيير، وكثر ترديدهم لها حتّى ظنّ بعض الصِّبية أنها خرجت من مشكاة الوحي، هذه العبارة هي: “أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم، تقم لكم على أرضكم”. وهي كلمة قبيحة تدلّ على انتكاس صاحبها في فهمه، وابتعاده عن السّنن الإلهية في التّغيير والحياة، ومثلها كذلك أصحاب الدعوة إلى التّربية قبل الجهاد والتّمكّن، تحت دعوى التّصفية والتّربية، ولشرح ضلال هذين المفهومين مقال قادم إن شاء الله