محب الشهادة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

محب الشهادة

محب الشهادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشهادة في سبيل الله هي ((اكرم وسيلة لعبادة الله))


    المقالة رقم: 14

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 942
    نقاط : 2884
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 48
    الموقع : https://achahada-123.ahladalil.com

    المقالة رقم: 14 Empty المقالة رقم: 14

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أبريل 07, 2010 12:50 am


    بسم الله الرحمن الرحيم
    وعدنا أن نتكلّم في المقال السّابق عن صور أهل الرّأي الأرائتيين في هذا العصر، فإليك الوفاء:

    من المهمّ أن تعلم أخي المجاهد أنّ هناك التفافاً يحصل من هؤلاء الآرائتيين حول كثير من حقائق أهل العلم المتقدّمين، ومن أهمّ هذه الحقائق التي يتمّ الالتفاف حولها في هذا الزّمان هي الحقيقة التّالية:

    من المعلوم أن إصدار حكم شرعي ما لواقعة ما، لا ينبغي أن يتمّ إلاّ باستكمال شروط وأدوات علمية تؤهل المرء لخوض مثل هذا المعترك، وهذه الشّروط التي اصطلح سلفنا الصالح على تسميتها: بشروط الاجتهاد، ومع أنّ عصور الانحطاط المتأخّرة قد أفرزت بعض الأقوال الهزيلة في موضوع الاجتهاد، مثل قول بعض أهل العلم: بإغلاق باب الاجتهاد، وأنّه لا يجوز بعد القرن الرّابع لأحدً أن يقول قولاً من اجتهاده، بل لا بدّ أن ينسب نفسه إلى إمام سابق، كأن يقول عن نفسه أنّه حنفيّ أو شافعيّ أو مالكي أو حنبليّ ومن أجل هذه البدعة المبيرة صار بعضهم يشدد في شروط الاجتهاد، ويضع عوائق في طريق أهل العلم ليمنعهم من إطلاق قدراتهم لتحصيل الحكم الشّرعيّ من مظانّه، ولأن كلّ فعل يؤدي إلى فعل مضادٍّ يعاكسه، فإنّ النتيجة القدرية لهذا القول المخطئ هو ما حصل في بداية هذا العصر، وذلك عندما انطلق النّاس يبحثون في أنفسهم عن سبب انحطاطهم وتأخّرهم وهزيمتهم أمام أعدائهم، فكان ممّا اكتشفوه مبكّرا هو هذا الموضوع، فسارع النّاس بالنداء لتحرير العقل المسلم من أغلال التخلّف - ومنها إغلاق باب الاجتهاد - فتعالت الصّيحات من كلّ مكان تدعو إلى فتح هذا الباب، والولوج فيه بقوّة، وبدأ النّاس يمارسون اختيار الأحكام الشّرعية بأنفسهم من مصادرها، وحاول فريق آخر أن يحافظ على مكتسبات عصر الانحطاط وذلك بأن يمنع هذا الحادث الجديد، تحت دعوى أنّ اللامذهبية قنطرة إلى اللادينية، لأنهم رأوا أنّ الدّعوة إلى فتح باب الاجتهاد قد وافقت زمن انفلات النّاس من أحكام الشّريعة، وانتشار الإباحية الفكرية وهي التي تسمّى عند أئمّتنا القدماء بالزّندقة، وكذلك الإباحيّة السّلوكية مثل دعوات تحرّر المرأة، وميوعة الشّباب وتحرّرهم من أحكام الشّريعة.

    ولكنّ هذه المواقف المضادّة من (المحافظين) كانت الأضعف صوتا ودليلاً ولم تفلح شيئاً أمام السّيل الهادر المنطلق من عقاله نحو الانفلات من التّقليد والمذهبيّة. ووجد بعض النّاس رغباتهم في هذه الدّعوة، واستغلّوها إلى إخراجها من طريقها الصّحيح إلى التوسّع بها إلى آفاق ومواقع كانت محرّمة حتّى في أزهى عصور الازدهار والتحرر من التقليد، فبدأوا يمارسون الاجتهاد على الثّوابت واليقينيّات المستقرّة في دين الله تعالى، وكلّ هذا تحت دعوى الاجتهاد.

    هؤلاء القوم هم أئمّة أهل الضّلال في هذا العصر، وهم يريدون أن يقلبوا صورة هذا الدين من الصّورة التي استقرّت عليها الشّريعة، إلى صورة أخرى تلائم واقعهم، وهو واقع بئيس ومنحط بلا شكّ، بل واقع مهزوم ولا يفرز إلا آراء الهزيمة، ويحاول بكلّ جهده إصباغ الشّرعيّة على هذه الهزيمة.

    ومن أجل استتمام الأمر على صورته الكاملة انطلق هؤلاء المنهزمون تحت شعارات عدّة، وإلى مواقع عدّة لخدمة هذا الانحراف: من هذه الشّعارات الّتي استخدموها هو شعار (الفكر الإسلامي) و (المفكر الإسلامي) هذا الشّعار بدأ استخدامه كبديل عن صورة “المجتهد” في اصطلاح أئمّتنا.

    مصطلح المجتهد يحمل في ذهن المسلم مجموعة من الشّروط التي لا يقبل أن يتنازل عنها بسهولة، مع أنّنا نعترف أن كثيرا من هذه الشّروط ليست صحيحة، لكنّ هذه الصّورة على العموم لا تسمح للمدّعي أن يلج إلى هذا المصطلح ويتلبّس به بسهولة، وممّا استغلّه أصحاب هذا الشّعار، هو أن الفقه الإسلامي باعتباره مصطلحاً، صار قاصراً في موضوعه على مجموعة من الأبحاث لا يتعدّاها، مثل العبادات والمعاملات، وهكذا فإنّهم اقتصروا في اجتهاداتهم على هذه الأمور، فالفقيه الإسلامي في هذا العصر هو الّذي يتكلّم في شئون فقه الصّلاة، وفقه الصّوم، وفقه الزّكاة، وفقه الحج، وأحكام الدّماء والطّهارة وما جرى على هذا المنوال، وأمّا المفكر الإسلامي فهو الّذي يبحث فيما لا يدخل في اختصاص الفقيه الإسلامي (حسب قسمة عقليّة الانحطاط المتأخّرة). ومن هذه الأمور الّتي ولج فيها المفكّر الإسلاميّ بقوّة: مسائل السّياسة الشّرعية، فهو يتكلّم عن الدّيمقراطية في الإسلام، والاشتراكية في الإسلام، والعدالة الاجتماعية في الإسلام، ونظام الحكم في الإسلام... الخ هذه القائمة الطويلة، وهذا المفكّر بهذه اللعبة الغريبة سمح لنفسه أن يجتهد في أعظم مسائل الدّين والفقه، ولكن تحت دعوى أنّه مفكّر إسلامي، وليس فقيهاّ أو مجتهدا، مع أنّه في الواقع هو فقيه ومجتهد (ولكن ليس كل مجتهد مصيبا) وباستخدامه كلمة المفكّر أُسقطت عنه الكثير من المساءلات والعوائق الّتي ستقع لو أطلق على نفسه وصف الفقيه أو المجتهد، وحتى تتضح لك الصّورة أكثر فخذ هذا المثال: الشّيخ المجتهد الفقيه راشد الغنّوشي، أظنّ أنّك لن تستسيغ هذه الأوصاف لهذا الرجل، لكنّها الحقيقة على كلّ حال، ويقابله في الصّورة الأخرى: المفكّر الإسلامي عبد العزيز بن باز (أظنّ أنّك لن تستسيغ هذا الوصف كذلك، لكنّها الحقيقة على كلّ حال).

    والسّؤال الآن أو الأسئلة: لماذا لم تستسغ هذه الأوصاف؟، وما هو الشيء الاجتهادي الّذي يخوض فيه الأول ومحرّم على الآخر؟. وما هو الشّيء الاجتهادي الّذي يخوض فيه الثّاني ومحرم على الآخر؟.

    راشد الغنوشي: فقيه ومجتهد ولا شكّ، بل هو (يبرطع) في أكثر مسائل الدّين والعبادات تعقيدا، (ويغوص) إلى أذنيه في مسائل فقهيّة كان كبار الأئمّة يتورّعون من الاقتراب منها. ولكن كيف استطاع تمرير أفكاره؟ وكيف استطاع إسقاط المسائلة عنه؟. إنّه برفعه اسم: المفكّر الإسلامي. فهو لا يتكلّم في مسائل الصّلاة والصّوم والزّكاة، ولكنّه يتكلّم في الفكر الإسلامي.

    إنّ رفع شعار (الفكر الإسلامي) على هذه الصّورة، وهذا المنوال هو لعبة ضلاليّة - قصد أصحابها أو لم يقصدوا - وهم بها سمحوا لهذا الدّين أن يصبح ألعوبة بيد الصّبية، يلغون فيه كما يشاءون، وإلاّ فمن الذي سمح لفهمي هويدي (وهما من أسماء الأضداد) - هذا الرّجل المفلت من المصحّة العقليّة-، أن يتكلّم في عظائم الشّريعة، ويقول فيها ما يحلو له ويسقط أحكام أهل الذّمّة من كتب الفقه؟.

    من الذي سمح لمحمّد عمارة أن يتكلّم في عقائد المسلمين فيصلح منها البالي كعقائد المعتزلة ويرمي في المزبلة الحقّ والصّواب؟.

    من الّذي سمح لـحسن التّرابي أن يجدد في أصول الفقه، ويجعل البرلمان الإسلامي هو صورة الإجماع الّتي لها الحقّ في نسخ الشّريعة؟.

    من الذي سمح لجودت سعيد السوري أن يجعل مذهب ابن آدم الأول يلغي دين محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ثمّ يتجرأ بعد ذلك أن يجعل الحكم القدري (الواقع) هو الّذي يفسّر النّصوص وليس البيان العربي؟.

    من الذي سمح لـخالص جلبي (كنجو) أن يجعل مذهب غاندي أحبّ وأسلم من دين محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

    من الذي سمح لهذا الغثاء -من المفكرين- أن يقودوا الحركة الإسلاميّة ويصدروا الأحكام فيها.

    أي فكر هذا؟.

    وما هي شروطه؟.

    وما هي ضوابط الحكم عليه؟.

    أجيبونا يا أهل الرّأي والفكر، غير مشكورين.

    تنبيه: ثمّ تطوّر الأمر بالتّحالف بين الفقيه (المتخلّف) والمفكّر (المتحرر) وهذا ما سنبيّنه في المقال القادم

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 10:46 pm