بسم الله الرحمن الرحيم
نتابع ملاحقة أئمّة الضّلال:
3 - سدنة الحكّام المرتدّين وكهنتهم: أصحاب العمائم النّخرة، والوجوه القبيحة، والفتاوى المدفوعة الثّمن، مثلهم{كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.
يحاول بعض السّذّج من المنتسبين للعلم والدّين أن يستخدم بعض الأحاديث والآثار السّلفيّة، في التّنفير من الاقتراب من السّلاطين وذلك بإنزالها على الواقع المعاصر، وهذا خطأ قبيح فجّ، فإن الواقعتين بينهما من الاختلاف ما لا يمكن حمل الواحدة على الأخرى، فالسّلاطين الّذين تكلّم الأئمّة الأوائل عنهم، وحذّروا الاقتراب منهم، هم أوّلاً وقبل كلّ شيء مسلمون، خلطوا عملاً صالحاً و آخر غير ذلك، لكنّهم كانوا على الدّوام هم بيضة الإسلام وحماته، ودرعه الّذي دفعت به عوائد الحياة ومحن الزّمن، وطوارق الأعداء، وكانوا على الدّوام خاضعين لأحكام الملّة، وقواعد الشّريعة، ولم يألوا جهداً في إصابة الحقّ وتحرّيه.
فأين حكّامنا من هؤلاء؟.
حكّام هذا الزّمن خرجوا من الإسلام من جميع أبوابه، فهم معرضون عن دين الله رادّون لأحكامه مستهزئون بالدّين وشرائعه وأهله، موالون لكلّ ملّة سوى ملّة الإسلام، فأي عمىً هذا الّذي أطبق على عيون النّاس حتّى جعلهم لا يكتشفون ردّة حكّامهم؟ فهل نستطيع أن نقول أنّ امتناع جمع من (السّدنة) المنتسبين للعلم والفقه من تكفير هؤلاء الحكّام هي بسبب شبه علميّة؟.
إنّ الشّبه العلميّة الّتي يستحقّ أن تختلف حولها الأنظار والعقول، هي تلك الشّبه الخفيّة الدّقيقة، أمّا تلك الّتي يصطدم بها الأعشى، بل الأعمى لعظمها وكبرها، فلا تستحقّ أن تسمّى شبهاً.
إنّ السّبب الحقيقيّ لموقف هؤلاء (السّدنة) هي في الحقيقة شهوات النّفوس. إنّها شهوة المال والمنصب، وخوف ذهاب الاسم من سلّم الوظائف الحكومية. نعم إنّها تنافس البلوغ لتحقيق الشّهوات.
نستطيع أن نقول أن الطاغوت المعاصر قد استطاع بسط ألوهيّته الباطلة على الأرض بعدّة عمدٍ وأركان، ومن هذه الأركان: صكّ الورق النّقدي، ووثائق إثبات الشّخصيّة ومنها وثيقة السّفر (جواز السّفر)، والشهادات الدّراسيّة.
هذه أهمّ مقوّمات الطّاغوت المعاصر وبها استطاع أن يفرض سلطانه على النّاس ويربط مجرى الحياة به ومن خلاله، فهو يستطيع أن يمنع ويعطي، وبإرادة واحدة منه يجعل الورقة المهينة الّتي لا قيمة لها ولا وزن ورقة نقدٍ تحنى لها الرّقاب وتذلّ لها النّفوس وتكتسب قدرة خارقة لتحصيل المال والطّعام والمسكن والملبس ورغد الحياة، وبها يصبح رباً مزيّفاً، يمنّ على هذا ويمنع هذا.
ومثلها كذلك وثائق إثبات الشّخصيّة فمن خلالها يستطيع أن ينفي الإنسان من الحياة، ويجعله أثراً بعد عين لا وجود له، ومن خلالها يستطيع أن يثبت نسبك لتلك البلد أو يسلبها منك، وبها تستطيع أن تتنقّل بين البلاد، ومثلها الشّهادة المدرسيّة (ولشرح هذه الأركان مواطن أخرى).
وفي سابقة غريبة لم تعهد في أمّة من الأمم السّابقة ربط الطّاغوت المعاصر به حقّ اللقب العلميّ، فهو يستطيع أن يجعل فلاناً عالماً، صيته يملأ الدّنيا وعالم النّاس، أو يغيّبه في ظلمات الحياة، لا حسّ له ولا خبر، فأنت أخي المسلم المجاهد لو سئلت عن أسماء علماء بلدٍ ما فإنّ سيتبادر إلى ذهنك فورا تلك الأسماء اللامعة ببريق تزيين إعلام الطّاغوت لها، فهذا عالم من تلك البلد تعرفه أنت لأنّ الطاغوت أرادك أن تعرفه، فهو الّذي جعله عضوا في هيئة كبار العلماء، وهو الّذي أطلق عليه لقب مفتي البلد، وهو الّذي جعله وزيراً للأوقاف، وهو الّذي جعله قاضي القضاة، وهو الذي عينه إماماً للمسلمين، وهو..وهو.. إنّه صناعة الطّاغوت.
كان على الدّوام شيخ الأزهر في مصر يتم انتخابه من قبل هيئة علماء تجتمع وتتداول فيما بينها عن أحقّ النّاس بلقب شيخ الأزهر، ليوسّد هذا المنصب العلمي إليه، أمّا الآن فشيخ الأزهر يعيّن من قبل الطّاغوت، فبجرّة قدم، و بنفخة طاغوتيّة غير مباركة يصبح المسخ الصّغير شيخاً للأزهر، تصدر عنه الفتاوى العلميّة، والأبحاث الفقهية المميّزة، ويتدافع ركب الجهل من النّاس ليستقوا من معين علمه الّذي لا ينضب، وكلّ ذلك لم يقع إلاّ لأنّ الطّاغوت سلّك له طريق اللّقب العلمي. ولأنّ الطّاغوت لن يقبل من أتباعه إلاّ الخضوع والإذعان، والتأليه له، ولن يُدخل في حاشيته إلاّ كلّ ساحرٍ يزيّن له ملكه، ويدفع عنه عاديات الزّمن، (وهذا شرط صحّة لا تنازل عنه) فإنّ اللقب العلمي سيكون قاصراً على من تتحقق فيه هذه الشّروط.
فصار النّاس لا يرون عالماً إلاّ وهو سائر في ركب الطّاغوت، ورجلٌ من رجالاته، وسقطت من أعين الشّباب المسلم قيمة العلم والعلماء، فصار جلّ همّ الشّباب شتْم العلماء والتّنفير منهم. والحقّ أنّ هؤلاء - كلّ من دخل في ركب الطاغوت - لا يستحقّ أن ينسب إلى العلم، وأهل العلم على الحقيقة هم من قاموا بحقّ العلم عليهم، وتبرءوا من الآلهة الباطلة، وعضّوا على الحقّ وإن كان مرّاً. وهؤلاء - للأسف الشّديد - لا يعرفون إلاّ من قبل من فتّش عنهم، وبحث عنهم أشدّ البحث، وهم كثرٌ بفضل الله تعالى، ولكنّ الطّاغوت المعاصر سترهم عن أعين النّاس، وغيّبهم عن لقب العلم واسمه، فالواجب على الشّباب المسلم، أن يقتصر في طلبه للعلم، وفي سؤاله عن أمور دينه على هؤلاء العلماء الصّادقين، المغيّبين عن حياة البشر.
لقد جمع كلّ طاغوت حوله مجموعة من السّدنة الفقهاء، يستخدمهم في تمرير كفره، وتزيين حكمه، ويستغرب المرء حين يرى أنّ الجمع هو الجمع، والسّدنة هم السّدنة.
في الأردن، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “مؤسسة آل البيت”.
في السعوديّة، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “رابطة العالم الإسلامي”. و “منظّمة المؤتمر الإسلامي”.
في العراق، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “المؤتمر الشّعبي الإسلامي”.
في ليبيا، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “جمعيّة الدّعوة الإسلامية العالمية”، ثم جمعهم تحت اسم جديد.
في المغرب، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “الحسينيّة” أو غيرها.
وفي الجزائر جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “مؤتمر الفكر الإسلامي”.
في إيران، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “مؤتمر المستضعفين في الأرض”.
وهكذا فإنّ كلّ طاغوتٍ له حاشية وسدنة، من المنتسبين إلى العلم يتّخذهم كما يتّخذ أحذيته لقضاء حاجته، ويجمعهم في مؤتمر سنويّ، حيث يقدّم لهم، بعض الاحترام والتّقدير، ويبارك جمعهم الخبيث بخطبة عصماء، يزيّنها ببعض الآيات والأحاديث، وبشيءٍ من التّعالم الغثّ يشرح لعلمائنا الأفاضل - لا بارك الله فيهم - بعض أصول الدّعوة الإسلاميّة، وطرق نشر الإسلام وتحسينه للنّاس، فيحضّهم على الحكمة في الدّعوة إلى الله ويرغّبهم في مسايرة ركب الحضارة، ويشرح لهم ما فتح الشّيطان عليه، وهم - لا بارك الله فيهم - خشبٌ مسنّدة، يبتسمون كالبلهاء ويهزّون رؤوسهم العفنة، ويطلقون بين الفينة والأخرى عبارات الإعجاب، أو يشتدّ بهم الوجد فيصفّقون طرباً وتيهاً، وكأنّهم أمام الخليفة الرّاشد أو مهديّ آخر الزّمان (ألا عليهم من الله اللعائن).
ولكنّ الطّاغوت لا ينسى أن يشير بعصى التّهديد كما أشار من قبل، بجزرة التّرغيب، لأن هذا من أصول تربية القرود.
اقرأ هذا النموذج: “إنّ مما يشغل بالنا وبال كلّ مسلم غيورٍ على إسلامه، حريص على صفائه وإيمانه، هو ما بدأ ينتشر في بعض الأوساط من انحراف عن مبادئ ديننا الحنيف، منحرفين بذلك عن الطّريق القويم الّذي لاعوج فيه... وإنّ إدراكنا العميق ووعينا الكامل بخطر الغزو الفكريّ الهادف إلى المسّ بقيمنا الرّوحية، وكياننا الأخلاقي القائم على مبادئ الإسلام، وتعاليمه الرشيدة، ليزيد من شعورنا بعبء المسئولية الملقاة على عاتقنا كأمير المؤمنين، وحامي حمى الملّة والدّين، في هذا البلد الأمين”. ا. هـ. هذا جزء من رسالة المرتدّ الخبيث الحسن الثّاني إلى المؤتمر السّابع لرابطة علماء المغرب.
وفي خطاب له بمناسبة تأسيس المجلس العلميّ الأعلى، والمجالس العلميّة الإقليميّة يحذّرهم من التّدخل في السّياسة قائلاً: “ليست دروسا للسّياسة، حينما أقول السّياسة، أقول السّياسة اليوميّة... إيّاكم والدّخول فيما لا يعنيكم، فيما إذا ارتفع سعر الوقود أو سعر الدّخان”. ا. هـ.
وفي خطاب آخر له أمام جمع السّدنة: “لا نغلق أندية، ولا نغلق مسابح، ولا نرجع إلى الوراء أبداً، أنا أتكلمّ فيما يخصّ العبادات، المعاملات والسّيرات لاتهمّكم، لا تهمّكم السّيرة في الأزقّة، والعربدة في الطّريق، وغير الحشمة في الطّريق”. ا. هـ.
هذا الكلام يقال أمام السّدنة، فلا يوجد قائم لله بحجّة يثبت للشّباب أنّ فيهم من يستحقّ أن يسمّى “عالماً”. وإذا تكلّمنا عنهم قالوا عنّا: “هؤلاء قوم لا يحترمون العلماء، أو شباب متهوّر”. نعم نحن لا نحترم السّدنة، بل نتقرّب إلى الله بكشفهم.
نتابع ملاحقة أئمّة الضّلال:
3 - سدنة الحكّام المرتدّين وكهنتهم: أصحاب العمائم النّخرة، والوجوه القبيحة، والفتاوى المدفوعة الثّمن، مثلهم{كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.
يحاول بعض السّذّج من المنتسبين للعلم والدّين أن يستخدم بعض الأحاديث والآثار السّلفيّة، في التّنفير من الاقتراب من السّلاطين وذلك بإنزالها على الواقع المعاصر، وهذا خطأ قبيح فجّ، فإن الواقعتين بينهما من الاختلاف ما لا يمكن حمل الواحدة على الأخرى، فالسّلاطين الّذين تكلّم الأئمّة الأوائل عنهم، وحذّروا الاقتراب منهم، هم أوّلاً وقبل كلّ شيء مسلمون، خلطوا عملاً صالحاً و آخر غير ذلك، لكنّهم كانوا على الدّوام هم بيضة الإسلام وحماته، ودرعه الّذي دفعت به عوائد الحياة ومحن الزّمن، وطوارق الأعداء، وكانوا على الدّوام خاضعين لأحكام الملّة، وقواعد الشّريعة، ولم يألوا جهداً في إصابة الحقّ وتحرّيه.
فأين حكّامنا من هؤلاء؟.
حكّام هذا الزّمن خرجوا من الإسلام من جميع أبوابه، فهم معرضون عن دين الله رادّون لأحكامه مستهزئون بالدّين وشرائعه وأهله، موالون لكلّ ملّة سوى ملّة الإسلام، فأي عمىً هذا الّذي أطبق على عيون النّاس حتّى جعلهم لا يكتشفون ردّة حكّامهم؟ فهل نستطيع أن نقول أنّ امتناع جمع من (السّدنة) المنتسبين للعلم والفقه من تكفير هؤلاء الحكّام هي بسبب شبه علميّة؟.
إنّ الشّبه العلميّة الّتي يستحقّ أن تختلف حولها الأنظار والعقول، هي تلك الشّبه الخفيّة الدّقيقة، أمّا تلك الّتي يصطدم بها الأعشى، بل الأعمى لعظمها وكبرها، فلا تستحقّ أن تسمّى شبهاً.
إنّ السّبب الحقيقيّ لموقف هؤلاء (السّدنة) هي في الحقيقة شهوات النّفوس. إنّها شهوة المال والمنصب، وخوف ذهاب الاسم من سلّم الوظائف الحكومية. نعم إنّها تنافس البلوغ لتحقيق الشّهوات.
نستطيع أن نقول أن الطاغوت المعاصر قد استطاع بسط ألوهيّته الباطلة على الأرض بعدّة عمدٍ وأركان، ومن هذه الأركان: صكّ الورق النّقدي، ووثائق إثبات الشّخصيّة ومنها وثيقة السّفر (جواز السّفر)، والشهادات الدّراسيّة.
هذه أهمّ مقوّمات الطّاغوت المعاصر وبها استطاع أن يفرض سلطانه على النّاس ويربط مجرى الحياة به ومن خلاله، فهو يستطيع أن يمنع ويعطي، وبإرادة واحدة منه يجعل الورقة المهينة الّتي لا قيمة لها ولا وزن ورقة نقدٍ تحنى لها الرّقاب وتذلّ لها النّفوس وتكتسب قدرة خارقة لتحصيل المال والطّعام والمسكن والملبس ورغد الحياة، وبها يصبح رباً مزيّفاً، يمنّ على هذا ويمنع هذا.
ومثلها كذلك وثائق إثبات الشّخصيّة فمن خلالها يستطيع أن ينفي الإنسان من الحياة، ويجعله أثراً بعد عين لا وجود له، ومن خلالها يستطيع أن يثبت نسبك لتلك البلد أو يسلبها منك، وبها تستطيع أن تتنقّل بين البلاد، ومثلها الشّهادة المدرسيّة (ولشرح هذه الأركان مواطن أخرى).
وفي سابقة غريبة لم تعهد في أمّة من الأمم السّابقة ربط الطّاغوت المعاصر به حقّ اللقب العلميّ، فهو يستطيع أن يجعل فلاناً عالماً، صيته يملأ الدّنيا وعالم النّاس، أو يغيّبه في ظلمات الحياة، لا حسّ له ولا خبر، فأنت أخي المسلم المجاهد لو سئلت عن أسماء علماء بلدٍ ما فإنّ سيتبادر إلى ذهنك فورا تلك الأسماء اللامعة ببريق تزيين إعلام الطّاغوت لها، فهذا عالم من تلك البلد تعرفه أنت لأنّ الطاغوت أرادك أن تعرفه، فهو الّذي جعله عضوا في هيئة كبار العلماء، وهو الّذي أطلق عليه لقب مفتي البلد، وهو الّذي جعله وزيراً للأوقاف، وهو الّذي جعله قاضي القضاة، وهو الذي عينه إماماً للمسلمين، وهو..وهو.. إنّه صناعة الطّاغوت.
كان على الدّوام شيخ الأزهر في مصر يتم انتخابه من قبل هيئة علماء تجتمع وتتداول فيما بينها عن أحقّ النّاس بلقب شيخ الأزهر، ليوسّد هذا المنصب العلمي إليه، أمّا الآن فشيخ الأزهر يعيّن من قبل الطّاغوت، فبجرّة قدم، و بنفخة طاغوتيّة غير مباركة يصبح المسخ الصّغير شيخاً للأزهر، تصدر عنه الفتاوى العلميّة، والأبحاث الفقهية المميّزة، ويتدافع ركب الجهل من النّاس ليستقوا من معين علمه الّذي لا ينضب، وكلّ ذلك لم يقع إلاّ لأنّ الطّاغوت سلّك له طريق اللّقب العلمي. ولأنّ الطّاغوت لن يقبل من أتباعه إلاّ الخضوع والإذعان، والتأليه له، ولن يُدخل في حاشيته إلاّ كلّ ساحرٍ يزيّن له ملكه، ويدفع عنه عاديات الزّمن، (وهذا شرط صحّة لا تنازل عنه) فإنّ اللقب العلمي سيكون قاصراً على من تتحقق فيه هذه الشّروط.
فصار النّاس لا يرون عالماً إلاّ وهو سائر في ركب الطّاغوت، ورجلٌ من رجالاته، وسقطت من أعين الشّباب المسلم قيمة العلم والعلماء، فصار جلّ همّ الشّباب شتْم العلماء والتّنفير منهم. والحقّ أنّ هؤلاء - كلّ من دخل في ركب الطاغوت - لا يستحقّ أن ينسب إلى العلم، وأهل العلم على الحقيقة هم من قاموا بحقّ العلم عليهم، وتبرءوا من الآلهة الباطلة، وعضّوا على الحقّ وإن كان مرّاً. وهؤلاء - للأسف الشّديد - لا يعرفون إلاّ من قبل من فتّش عنهم، وبحث عنهم أشدّ البحث، وهم كثرٌ بفضل الله تعالى، ولكنّ الطّاغوت المعاصر سترهم عن أعين النّاس، وغيّبهم عن لقب العلم واسمه، فالواجب على الشّباب المسلم، أن يقتصر في طلبه للعلم، وفي سؤاله عن أمور دينه على هؤلاء العلماء الصّادقين، المغيّبين عن حياة البشر.
لقد جمع كلّ طاغوت حوله مجموعة من السّدنة الفقهاء، يستخدمهم في تمرير كفره، وتزيين حكمه، ويستغرب المرء حين يرى أنّ الجمع هو الجمع، والسّدنة هم السّدنة.
في الأردن، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “مؤسسة آل البيت”.
في السعوديّة، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “رابطة العالم الإسلامي”. و “منظّمة المؤتمر الإسلامي”.
في العراق، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “المؤتمر الشّعبي الإسلامي”.
في ليبيا، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “جمعيّة الدّعوة الإسلامية العالمية”، ثم جمعهم تحت اسم جديد.
في المغرب، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “الحسينيّة” أو غيرها.
وفي الجزائر جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “مؤتمر الفكر الإسلامي”.
في إيران، جمعهم الطّاغوت تحت اسم: “مؤتمر المستضعفين في الأرض”.
وهكذا فإنّ كلّ طاغوتٍ له حاشية وسدنة، من المنتسبين إلى العلم يتّخذهم كما يتّخذ أحذيته لقضاء حاجته، ويجمعهم في مؤتمر سنويّ، حيث يقدّم لهم، بعض الاحترام والتّقدير، ويبارك جمعهم الخبيث بخطبة عصماء، يزيّنها ببعض الآيات والأحاديث، وبشيءٍ من التّعالم الغثّ يشرح لعلمائنا الأفاضل - لا بارك الله فيهم - بعض أصول الدّعوة الإسلاميّة، وطرق نشر الإسلام وتحسينه للنّاس، فيحضّهم على الحكمة في الدّعوة إلى الله ويرغّبهم في مسايرة ركب الحضارة، ويشرح لهم ما فتح الشّيطان عليه، وهم - لا بارك الله فيهم - خشبٌ مسنّدة، يبتسمون كالبلهاء ويهزّون رؤوسهم العفنة، ويطلقون بين الفينة والأخرى عبارات الإعجاب، أو يشتدّ بهم الوجد فيصفّقون طرباً وتيهاً، وكأنّهم أمام الخليفة الرّاشد أو مهديّ آخر الزّمان (ألا عليهم من الله اللعائن).
ولكنّ الطّاغوت لا ينسى أن يشير بعصى التّهديد كما أشار من قبل، بجزرة التّرغيب، لأن هذا من أصول تربية القرود.
اقرأ هذا النموذج: “إنّ مما يشغل بالنا وبال كلّ مسلم غيورٍ على إسلامه، حريص على صفائه وإيمانه، هو ما بدأ ينتشر في بعض الأوساط من انحراف عن مبادئ ديننا الحنيف، منحرفين بذلك عن الطّريق القويم الّذي لاعوج فيه... وإنّ إدراكنا العميق ووعينا الكامل بخطر الغزو الفكريّ الهادف إلى المسّ بقيمنا الرّوحية، وكياننا الأخلاقي القائم على مبادئ الإسلام، وتعاليمه الرشيدة، ليزيد من شعورنا بعبء المسئولية الملقاة على عاتقنا كأمير المؤمنين، وحامي حمى الملّة والدّين، في هذا البلد الأمين”. ا. هـ. هذا جزء من رسالة المرتدّ الخبيث الحسن الثّاني إلى المؤتمر السّابع لرابطة علماء المغرب.
وفي خطاب له بمناسبة تأسيس المجلس العلميّ الأعلى، والمجالس العلميّة الإقليميّة يحذّرهم من التّدخل في السّياسة قائلاً: “ليست دروسا للسّياسة، حينما أقول السّياسة، أقول السّياسة اليوميّة... إيّاكم والدّخول فيما لا يعنيكم، فيما إذا ارتفع سعر الوقود أو سعر الدّخان”. ا. هـ.
وفي خطاب آخر له أمام جمع السّدنة: “لا نغلق أندية، ولا نغلق مسابح، ولا نرجع إلى الوراء أبداً، أنا أتكلمّ فيما يخصّ العبادات، المعاملات والسّيرات لاتهمّكم، لا تهمّكم السّيرة في الأزقّة، والعربدة في الطّريق، وغير الحشمة في الطّريق”. ا. هـ.
هذا الكلام يقال أمام السّدنة، فلا يوجد قائم لله بحجّة يثبت للشّباب أنّ فيهم من يستحقّ أن يسمّى “عالماً”. وإذا تكلّمنا عنهم قالوا عنّا: “هؤلاء قوم لا يحترمون العلماء، أو شباب متهوّر”. نعم نحن لا نحترم السّدنة، بل نتقرّب إلى الله بكشفهم.