محب الشهادة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

محب الشهادة

محب الشهادة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشهادة في سبيل الله هي ((اكرم وسيلة لعبادة الله))


    المقالة رقم: 22

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 942
    نقاط : 2884
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 22/03/2010
    العمر : 48
    الموقع : https://achahada-123.ahladalil.com

    المقالة رقم: 22 Empty المقالة رقم: 22

    مُساهمة من طرف Admin الأربعاء أبريل 07, 2010 1:56 am

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إنّ حركة الحيوان لا تقوم إلاّ بإرادة منه، والإرادة تتكوّن من أمرين اثنين لا تنشأ إلاّ بهما، وهما: العلم وقوّة الدّافع، وأيّ خلل في أحدهما ينشئُ خللاً في المراد، وحينئذٍ يكون فساد العمل، والشّرع الحنيف العظيم جاء لإصلاح علوم البشر وتقويمها، والمحافظة عليها من دخائن الوهم والظنّ، فدمّر الخرافة، وعدّها من أعظم ما يصيب الإنسان في هذه الحياة، وهي السّبب الرّئيسيّ لهلاك الحياة والإنسان في الدّنيا والآخرة قال تعالى: {قتل الخرّاصون}، فأيّ انحراف في عدم معرفة المراد وعلمه على حقيقته توقع المريد في حبائل الوهم وسبيل إبليس، ثمّ لابدّ أن يكون الدّافع لتحقيق المراد صحيحاً وإلاّ وقع التّنافس البهيميّ بين البشر، وانتشرت الشّرور، وعمّ البلاء، وتخاصم النّاس على أهداف باطلة، والقرآن الكريم قوّم علم الإنسان، ووضعه على الصّراط الحقّ، وعاب عليه الظّن والوهم والكذب، قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا}، ثمّ جعل التّنافس والتّدافع لعمل الصّالحات {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}، وجعل العمل الصّائب مقصده حصول رضا الله تعالى: {ورحمة ربّك خير مما يجمعون}، {ورضوان من الله أكبر}، وجعل الهروب من النّار هو همّ المسلم في ليله ونهاره {فمن زحزح عن النّار وأُدخل الجنّة فقد فاز}، وبهذا العلم الصّحيح {إنّ ربّي على صراط مّستقيم} الخالي من الوهم والظنّ، والبعيد عن إفرازات العقول والآراء، وبهذا الدّافع المجرّد للنيّة الصّحيحة نشأ جيل المسلم الصّحابيّ.

    والحركة التّجديديّة في أي طور من أطوار هذا الدّين، وفي أيّ وقت لاحقٍ عن جيل الصّحابة رضي الله عنهم لا بدّ أن تهتمّ بتجلية هذين الأمرين في نفوس المسلمين، وعليها إزالة عوائق البشر ومخلّفات عقولهم في ما يخصّ هذين الأمرين: العلم وقوّة الدّافع.

    وإنّ من أعظم معوّقات حصول العلم النّافع الدّافع للعمل هو التّقليد، لأنّه ليس للمقلّد ثقة فيما قلّد، فتجذُّر العلم في نفسه، ووضوحه وجلائه لا يكون بمرتبة واحدة بين المقلّد الواهم الظّانّ وبين المتّبع الباحث الجادّ.

    وقلنا في العدد الفائت أنّ الحركة السّلفية بقيادة شيوخها الأوائل انتكست في مهدها في ترسيخ مبدأ عدم التّقليد، وضربنا على ذلك الأمثلة.

    ثمّ رأينا أنّ هذه الحركة قد فشلت فشلاً ذريعاً في تجلية مقاصد النّاس في تحقيق المراد والهدف، وهذا الفشل وقع عن طريق لمّات إبليس في إفراز أساليب جديدة في تحصيل العلم، ولمّات إبليس في بثّه ونشره وإليك الشّرح والبيان: (إنّ هذا العلم دين) هذا هو شعار المسلم على مدار التّاريخ، فطلبه له دين، وبثّه في النّاس دين، هذا والدّين مرتبط دوماً بيوم الدّين (أي يوم القيامة). وكانت قوّة العلم في نفس المسلم تكتسب عن طريق جهده وتعبه لتحقيق عبودية الله في نفسه، فهو يتعلّم لتحقيق دين الله في نفسه وفي النّاس، وعلى هذا كان أهل العلم دوما يمنعون ولوج أهواء البشر وشهواتهم في هذا الدّين، وإنّ من اعظم البشر أهواءً وشهواتٍ هم الحكّام والسّلاطين، فالحذر منهم واجب، والحرص من عدم ولوغهم في هذا الدّين مهمّة ضروريّة، ولكنّ الدّعوة السّلفية لم تتجنّب هذا، وذلك عن طريق صور متعددة واضحةٍ وضوح الشّمس في رابعة النّهار. والآن كيف استطاع الحكّام إفساد العلم وأهله؟.

    إنّ من أعظم المصائب أن يصبح العلم مرتبطاً بالحكّام، حتّى لو كان الحاكم مسلماً، فأوّل الطّرق لإفساد هذا العلم أن يصير العلم يشهد لصاحبه عن طريق القانون الحاكم ودستوره.

    كان العلم عند الأوائل يدرس بطريقة مفتوحة، فيجلس العالم في المسجد (بيت الله لا بيت الحاكم) ويدخل عليه من شاء من النّاس، فيجلسون إليه ويستمعون لدين الله منه، وتتفاوت درجات طلبة العلم بمقدار أخذهم من هذا العالم، وحرصهم عليه، ونباهة وذكاء الطّالب، فيقيّم العالم الطلبة، فيشهد لهذا بالعلم، ويحكم على هذا بالصّدق في الطّلب، فيقدّم الطّلبة ويأخّرون حسب ميزان دقيق. هو أفضل ميزان سننيّ في هذه الحياة. ثمّ ينتقل الطّالب من عالم إلى آخر يستزيد بحسب مراده وهدفه، ويرتحل ليزداد علماً وخبرة، ويزداد احتكاكه بالبشر والتّجارب، وحين يشتهر هذا الرّجل بطلب العلم حينئذٍ يشتهر أمره بصورة حياديّة أنّه من أهل العلم، فهو رجل علم.

    وكان من ميّزة هذا الميدان هو بعده عن التأثيرات الجانبيّة، فلا قانون سوى قانون الجدّ والاجتهاد، ولا ميّزة إلاّ للصّادق، وليس له كذلك هدف فاسد، ولا مقصد مرذول، بل همّ الطّالب أن يتعلّم الدّين ليدين لربّ العالمين.

    بهذه الطّريقة في الطّلب صار في أمّتنا أئمّة تعلّموا العلم بلا تأثيرات فاسدة، ولا مقاصد خبيثة، فكانوا على الدّوام هم حرّاس هذا الدّين وحماته، وقدّموا نماذج صادقة للصور الحقيقيّة لحملة هذا الدّين.

    ثمّ وقعت الطّامّة:

    اكتشف الطاغوت هذا المنفذ الذي يتسرّب منه الحقّ فلا بدّ من أن يقفله، ويضع له البدائل الطّاغوتيّة الفاسدة، فأنشأ الجامعات (الأكاديميّة)، وأوجد لها الشّهادات الخاصّة، وربط عجلة الحياة ولقب العلم بهذه المنشأة، وللأسف أنّ الحركة السّلفية قبلت هذا السّبيل (سبيل المجرمين) وولج مشايخها فيه إلى آذانهم:

    عرض على الرّجال أن تُنشأ جامعة إسلاميّة لنلحق الرّكب الحضاريّ، ونقنّن التّعليم بصورة تلائم متطلّبات الحياة، ونستطيع من خلالها أن نميّز السابق المستحقّ والمتخلّف المردود، وكان قانون هذه الجامعة هو قانون طاغوتيّ قائم في أصله على الضّد من مقاصد الشّريعة، فالعلم واجب على كلّ مسلم وفي أيّ وقت يشاء، ويجب أن يبذل لكلّ طالب، وعلى قانون العلم أن يكون خادماً لهذا الأمر لا معوّقاً له ولا مبطلاً له، وقانون الجامعة الإسلاميّة (أيّ جامعة إسلاميّة أو كلّيّة شريعة) هو مبطل لهذا القانون، فلا يسمح بدخول هذا البيت (بيت الطّاغوت) إلاّ لمن يأذن له الطّاغوت، ولا يتحصّل شهادة العلم إلاّ من يأذن له الطّاغوت، ولذلك ليس مستغرباً أن يدرس طالب العلم في جامعة ما وقبل أن يتخرّج من طلب العلم ويقدّم امتحاناً أخيراً ليشهد له بالعلم، أن يأتي قرار طاغوتيّ بفصله من هذه المنشأة الطّاغوتيّة، فيحرم لقب العلم، فربط لقب العلم بإذن الطّاغوت.

    ثمّ من الّذي يسمح له بالتّعليم في هذه المنشاة الطّاغوتيّة؟ هل هو كلّ عالم وفقيه؟. أم أنّه من ملك شهادة الطّاغوت أوّلاً، ثمّ حصلت له موافقة الطّاغوت على التعليم؟. وخلال ذلك كلّه ربط هذا الطّاغوت العصريّ كلّ منافذ الحياة من وظيفة ورزقٍ بهذه الشّهادة، فهي ككلّ شهادة تعطى لدارس أيّ علم دنيويّ أو فاسد، كدارس الدّيكور وعلومه، أو دارس الموسيقى وأفنانها، أو دارس التّمثيل وفنونه، فمعها في نفس المكان والقانون دارس علوم الإسلام والشّريعة، وكلّ واحدٍ من هؤلاء له نفس الحقوق وخاضع لنفس القانون والدّستور.

    وكان من طامّات هذا الحادث الجلل أنّ النّاس لم يعودوا يعرفون العلم وأهل العلم إلاّ بمقدار ما يريد الطّاغوت وينشر أمره ليكون للنّاس عالماً.

    فبقرار طاغوتيّ يوسّد أمر القضاء بين النّاس في المحاكم الشّرعيّة!! لرجل يسمّيه الطّاغوت عالماً، وبقرار طاغوتيّ يوسّد أمر الفتوى وشيخها في هذا البلد إلى رجلٍ يسمّيه الطّاغوت عالماً. والدّولة الأقوى مالاً، وأوسع نفوذاً هي الّتي تفرض رأي علمائها على النّاس، وتنشر آراءهم على بقيّة البلدان.

    إليك هذه الحكاية: في بلد خارج الزّمان والمكان، كان يوجد فيها طالب غبيّ، رمته قلّة علاماته، وغباء عقله إلى دراسة فنّ شريعة الإسلام، وبقدرة نفطيّة خاصّة حصل هذا الغبيّ على شهادة الدّكتوراه، هذا الرّجل كانت ترقبه عين سحريّة مباركة، رأت فيه خصائص وميّزات، فهو يتعامل مع الأفكار بسعر الدولار، وكان خلال تدريسه في بيت الطّاغوت (الجامعة) يشتري من الطّلبة الكتب والأبحاث ليضع عليها اسمه، أدركت العناية النفطية هذه الأمور وهي تقدّرها حقّ التقدير، رفعت منزلته بأن جعلته رئيساً لتلك الجامعة، وأثبت قدرات خارقة في إدارة الأمور والتوفيق بين النفط والأفكار، وبين الإدارة والجاسوسية، لم يضيّع الطّاغوت جهوده، حباه بكلّ عناية وقدّر جهوده الرّفيعة، وبقرار نّفطيّ مبارك صار هذا الدّكتور وزيراً للأوقاف والمقدّسات الإسلامية.

    وصحّ النوم يا حضرات!.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 10:55 pm