مقدمة
بسم الله الذي له الحكم والأمر كله وإليه المعاد, والحمد لله الذي قدر الافتراق لهذه الأمة فرقاً فلا تقارب ولا يكاد, والصلاة والسلام على من استثنى من هذه الفرق بالنجاة واحدةً ومن عداهم وعاداهم يكاد.
وبعد...
فلقد قرأنا التاريخ واستقرأناه فلم نجد في ماضيه وحاضره ولا حتى إرهاصات مستقبله كمثل سيرة بل سوءة أصحاب الرفض, رفضهم الله كما لفظوا دينه ومنهاجه القويم واستبدلوه بالذي هو أدنى من خليط حقد وخزعبلات الفرس وتضاليل اليهود وضلال النصارى ليتناسب مع جميع أصحاب الديانات المعادين لأهل الإسلام, فخرجوا بدين ممسوخ يوجبون فيه على الأمة أن يلعن آخرها أولها, وأن يكفر بالكتاب كله, وأن تعطل شرائعه, وأن يشرك مع قبلة المسلمين بل تغير هذه القبلة من مكة فتشد الرحال إلى كربلاء ومشهد, وأن تشيع الفاحشة بين المسلمين باسم الدين.
ولذا كان لزاماً علينا أن نذكر بطرف من جرائم القوم معذرةً إلى ربكم ولعلهم يتقون.
وقبل الخوض في ذكر جملة من خيانات الرافضة عبر التاريخ واستعراض لأبرز جرائمهم لا بد من التنبيه على أمر:
ألا وهو أننا حين نطلق لفظ الرافضة؛ فإنما نريد بهم السواد الأعظم الموجود منهم في هذه الأيام، ألا وهم الشيعة الجعفرية الإثني عشرية.
ويلاحظ أن أئمتهم اعتبروا جميع هذه الفرق المغالية عندهم من ما ينسب إلى الإمامية فإذا تحدثوا عن طائفتهم ورجالها ودولها نسبوا لها كل الفرق والدول والرجال المنتمين للتشيع وإن كانوا من؛ الإسماعيلية والباطنية أو من الزنادقة الدهرية أومن المجسمة الغلاة فهم إذا تحدثوا مثلاً عن دول الشيعية ذكروا الدولة الفاطمية في صدر دولهم مع أنها غير الإثني عشرية.
الرفض؛ دين يختلف تماماً عن الإسلام
وبعد هذا نقول وبالله التوفيق:
أولاً؛ إن الرفض دين يختلف تماماً عن الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم:
ولا يمكن أن يلتقي معه في كثير من الفروع والأصول, كيف لا وكبار آياتهم وعلمائهم قد قعدوا لهم قاعدةً في الترجيح بين الأدلة إذا اختلفت عندهم أو تعارضت بأن ما خالف قول أهل السنة - ويسمونهم العامة - هو القول الأقرب للصواب مستندين على روايات مكذوبة عندهم كأصل لهذه القاعدة التي تدل على مخالفة دينهم أصولاً وفروعاً لدين الإسلام من حيث منهج الحق.
ففي باب عقده "الحر العاملي" وهو من علماء الرافضة في كتابه "وسائل الشيعة" تحت عنوان: "عدم جواز العمل بما يوافق العامة ويوافق طريقتهم"، قال فيه: (والأحاديث في ذلك متواترة - أي في عدم جواز العمل بما يوافق العامة - فمن ذلك قول الصادق عليه السلام في الحديثين المختلفين: اعرضوهما على أخبار العامة - أي أهل السنة والجماعة - فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه، وقال عليه السلام: خذ بما فيه خلاف العامة فما خالف العامة ففيه الرشاد).
وجاء في "عيون أخبار الرضى": (روى الصدوق عن علي ابن أسباط قال: قلت للرضى عليه السلام: يحدث الأمر لا أجد بد من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه من أستفتيه من مواليك؟ قال: فقال: إيتي فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه).
ومعلوم أن الإسلام قائم - جملةً وتفصيلاً - على توحيد الخالق وتعبيد المخلوقات كلها لله تعالى وعلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم اقتداء متبع لا مبتدع وكل هذا مبني على ما جاء بالكتاب والسنة.
والرفض أساساً يقوم على الإشراك بالله وتعبيد الخلق لغير الله توسلاً وتضرعاً وتأليهاً, كما يقوم على رفض الكتاب بدعوى تحريفه بالنقصان والزيادة فيه, وعلى رفض سنة النبي صلى الله عليه وسلم, ولا سيما صحيحها بتكذيب وتخوين من نقلها لنا وهم أشراف الأمة وأخص صحابته حتى رفضوا أصح كتب الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول, لما كان رواتها من أشد الناس حرصاً وتوثقاً عمن ينقلونها عنهم, وعلى رأس هذه الكتب صحيحا البخاري ومسلم, فكان ما عداهما من الكتب أولى بالرفض عندهم.
كما يقوم دينهم على رفض إمامة وخلافة من أجمع الناس حينها على إمامته وخلافته, الذين نعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالراشدين, وحض على التمسك بسنتهم بل وقرنها بالتمسك بسنته, إن دين الرفض يرفض تبرئة أم المؤمنين عائشة مما برأها الله تعالى في كتابه الكريم وعاقب بجلد من اتهمها أو خاض في عرضها.
يقول "نعمة الله الجزائري" في "الأنوار النعمانية": (باب نور في حقيقة دين الإمامية والعلة التي من أجلها يجب الأخذ بخلاف ما تقوله العامة": إنا لا نجتمع معهم - أي مع السنة - على إناء ولا على نبي ولا على إمام, وذلك أنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبي بكر ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي بل نقول إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا).
ويقول "السيد حسين الموسوي" - وهو أحد علمائهم القلائل الذين نقى الله فطرته فمجت باطلهم - معلقاً على موقف الرافضة في كتابه "لله ثم للتاريخ": (ويتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي: لو فرضنا أن الحق كان مع العامة في مسألة ما, أيجب علينا أن نأخذ بخلاف قولهم؟ أجابني السيد محمد باقر الصدر مرةً فقال: نعم يجب القول بخلاف قولهم لإن القول بخلاف قولهم وإن كان خطأً، فهو أهون من موافقتهم على افتراض وجود الحق عندهم في تلكم المسألة).
ثانياً؛ إن دين الرفض لم يقم أساساً ومنذ بداية ظهوره, وعلى مر الأزمان وحتى أيامنا هذه, إلا لغرض هدم الإسلام وبث الفتنة والفرقة بين المسلمين وتقويض دولة الإسلام:
من خلال محاربة أهل السنة والجماعة - أعني بهم الجماعة الأولى التي استثناها الرسول صلى الله عليه وسلم من الثلاث والسبعين فرقةً بالنجاة من النار ومن سار على نهجهم -
وليس هذا كلاماً مبالغاً أو متوهماً ولا هو منكر من القول وزوراً، بل هذا ما قرره علماء السلف والخلف.
فهو مخطط دبر بليل لم يقم من الأساس إلا لغرض هدم الدين من خلال أمرين هامين:
الأول: التشكيك في حقيقة هذا الدين وزعزعة العقيدة, إما ببث الشبهات على مذهب أهل الحق والتي تشكك في أصول هذا الدين وتصد عنه بالكلية, وإما بتحريف كثير من أصوله وفروعه ليكون ديناً مسخاً.
والأمر الثاني: يتمثل في الجانب السياسي وذلك عن طريق زعزعة أركان الدولة الإسلامية من الداخل والخارج على السواء.
فأما من الداخل؛ فمن خلال استثارة الشعب - ولا سيما ضعاف النفوس وأصحاب المطامع - وتحريضهم على الخروج على خليفة وإمام المسلمين أو اغتياله، بدعاوى وشبهات باطلة أو غير مسوغة.
وأما من الخارج؛ فمن خلال التعاون مع أعداء الدين والتحالف معهم, حتى يتمكنوا من اسقاط الدولة الإسلامية.
وهذان الأمران هما المنهج والخطة الأساسية التي قام عليهما دين الرفض منذ بداية نشأته وتأسيسه على يد اليهودي المعروف عبد الله بن سبأ، الذي لم يجد أفضل ولا أجدى من التستر بلباس التشيع والتشيع بحب آل البيت بعد أن أظهر الإسلام وأبطن الكفر والدسيسة لهذا الدين.
ولما وجد أتباع هذا اليهودي أن هذا المنهج الذي رسمه ابن سبأ قد نجح في استقطاب أصحاب الهوى وتأليب الكثير من ضعاف النفوس وأصحاب المطامع ضد أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وأرضاه، ولما وجدوه نجح في التعاون مع أعداء الدين من خارج عاصمة الخلافة وإثارة الفتن والشبه حتى قتلوا الخليفة وفتنوا رعيته، ولما وجدوه نجح كذلك في التفريق بين الصحابة على أساس العصبية القبلية التي جاء الدين أساساً وقام على هدمها, يرومون فتنة آل البيت وفتنة الناس بهم, وصد الناس وتشكيكهم في مصداقية وأمانة نقلة الكتاب والسنة من الصحابة رضوان الله عليهم, من خلال مناداتهم بموالاة بل بالمغالاة في آل البيت وإدعاء العصمة فيهم, حتى تطور الأمر فيهم إلى تأليه علي رضي الله عنه كما عند السبأية.
أقول لما رأى أتباع ابن سبأ أنه نجح في ذلك كله؛ استمر هؤلاء الأتباع في نفس السيرة وعلى نفس المنهج الأول على مر الزمان وإلى أيامنا هذه.
ولقد أفاض علماء السلف واستفاض في كتبهم بيان حقيقة الرافضة وحقيقة دينهم:
ومن ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة": (والرافضة ليس لهم سعي إلا في هدم الإسلام ونقض عراه وإفساد قواعده).
وقال أيضاً: (ولا يطعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلا أحد رجلين: إما رجل منافق زنديق ملحد عدو للإسلام يتوصل في الطعن فيهما إلى الطعن في الرسول ودين الإسلام, وهذا حال المعلم الأول للرافضة أول من ابتدع الرفض وحال أئمة الباطنية, وإما جاهل مفرط في الجهل والهوى وهو الغالب على عامة الشيعة إذ كانوا مسلمين في الباطن).
وقال في فتاويه: (قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك, أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله والإقتداء بهم, وترك البدع وكل بدعة ضلالة والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة تفسر القرآن وهي دلاء للقرآن أي دلالات على معناه ولهذا ذكر العلماء أن الرفض أساس الزندقة وأن أول من ابتدع الرفض إنما كان منافقاً زنديقاً, وهو عبد الله بن سبأ فإنه قد قدح في السابقين الأولين وقد قدح في نقل الرسالة أوفي فهمها أوفي اتباعها, فالرافضة تقدح تارةً في علمهم بها وتارةً في اتباعهم لها, وتحيل ذلك على أهل البيت وعلى المعصوم الذي ليس له وجود في الوجود) انتهى كلامه رحمه الله.
وجاء في "المنتقى من منهاج الإعتدال": (ومن جهل الرافضة أنهم يوجبون عصمة واحد من المسلمين ويجوزون على مجموع المسلمين إذا لم يكن فيهم معصوم الخطأ, وقد ذكر غير واحد أن أول من ابتدع الرفض والقول بالنص على علي وعصمته كان زنديقاً أراد افساد الدين وأراد أن يصنع بالمسلمين كما صنع بولص بالنصارى, وأكبر دليل على بطلان أصل هذا المذهب وخرافته أن علياً رضي الله عنه تبرأ منه ومن أصحابه بل وعاقب من يعتنقه كل بحسب بدعته, فمن كان يسب الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يجلد حد المفتري, ومن غالى فيه حرقه بالنار).
حكم الشرع على الرافضة
ثالثاً؛ إن جمهرةً من علماء السلف رحمهم الله تعالى بينوا لنا القول الفصل في حكم الشرع على الرافضة وهو القول بكفرهم ووجوب قتال من أظهر بدعته منهم:
خاصةً؛ وإن كان بطائفة ممتنعة منهم، وفي تكفيرهم ووجوب قتالهم أدلة من الكتاب والسنة.
بل حتى كتب الرافضة أنفسهم تنقل لنا الروايات في تبرؤ آل البيت منهم، ونسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإخراجهم من الإسلام.
فأما الأدلة من الكتاب:
فقولًهً تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}.
قال ابن كثير رحمه الله: (ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه بتكفير الراوفض، الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر بهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك).
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره: (روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير، كنا عند مالك بن أنس، فذكروا رجلًا ينتقص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية: {محمد رسول الله والذين معه...}، حتى بلغ: {يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}، فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابته هذه الآية) [ذكره الخطيب أبو بكر].
قلت - والقول للقرطبي - لقد أحسن مالك في مقالته، وأصاب في تأويله فمن نقص واحدًا منهم، أو طعن في روايته فقد رد على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين) انتهى كلامه رحمه الله.
وكذلك استدلوا من قوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين}.
قال ابن عبد القوي عن الإمام أحمد: (وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم - أي الصحابة - ومن سب عائشة أم المؤمنين، ورماها مما برأها الله منه، وكان يقرأ: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين}).
وقال القرطبي رحمه الله: قال هشام بن عمار سمعت مالكًا يقول: (من سب أبا بكر وعمر أدب، ومن سب عائشة قتل لأن الله تعالى يقول: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين}، فمن سب عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قًتل).
قال ابن العربي: (قال أصحاب الشافعي: من سب عائشةً رضي الله عنها أدب كما في سائر المؤمنين، وليس قوله {إن كنتم مؤمنين} في عائشة؛ لأن ذلك كفر، وإنما هو كما قال عليه السلام: "لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه"، ولوكان سلب الإيمان في سب من سب عائشةً حقيقةً، لكان سلبه في قوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"؛ حقيقةً، قلنا: ليس كما زعمتم، فإن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالزنى، فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر، فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر، ولوإن رجلًا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب) انتهى كلامه.
وقوله تعالى: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين}، وبقوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}.
يقول الإمام أبو المحاسن الواسطي في استدلاله من هذه الآيات على كفر من يكفر أو ينتقص من عدالة الصحابة الثابتة بالكتاب: أنهم يكفرون؛ (لتكفيرهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن، في قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}، وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون، بقوله تعالى: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين}).
وأما السنة:
فبما جاء في "مجمع الزوائد" بإسناد حسن، عن ابن عباس قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا علي سيكون في أمتي قوم، ينتحلون حب أهل البيت، لهم نبذ، يسمون الرافضة، قاتلوهم فإنهم مشركون).
وما أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والبزار عن إبراهيم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام).
والعجيب أن ذلك النبذ - أعني الرافضة - قد نقله أيضًا أئمة الرافضة في أًصولهم المعتبرة عن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
فقد نقل لنا صاحب كتاب "لله ثم للتاريخ" عن كتاب "الكافي" روايةً عن أبي عبد الله عليه السلام، أنهم جاءوا إليه - أي الرافضة - فقالوا له: (إنا قد نبذنا نبذًا أثقل ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلت له الولاة دماءنا...)، في حديث رواه لهم فقهاءهم، فقال لهم أبو عبد الله عليه السلام: (الرافضة، قالوا: نعم، فقال: لا والله ما هم سموكم، ولكن الله سماكم به).
ويقول "السيد حسين بن موسوي" معلقًا على ذلك: (فبين أبو عبد الله أن الله سماهم الرافضة، وليس أهل السنة).
ومما استفيض من أقوال السلف في الحكم بكفرهم:
فمما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله، ما روى الخلال عن أبي بكر المرودي، قال سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة، قال: (ما أراه على الإسلام).
وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال سمعت أبا عبد الله قال: (من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض)، ثًم قال: (من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين).
وجاء في "كتاب السنة" للإمام أحمد قوله عن الرافضة: (هم الذين يتبرءون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويسبونهم، وينتقصونهم، ويسبون الأئمة إلا أربع، عليا وعمار والمقداد وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء).
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في خلق أفعال العباد: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم).
وقال الإمام أحمد بن يونس، الذي قال عنه الإمام أحمد بن حنبل وهو يخاطب رجلًا: (اخـرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام)، قـال - أي الإمام أحمد بن يونس -: (لوإن يهوديا ذبح شاةً، وذبح رافضي لاًكًلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي، لأنه مرتد عن الإسلام).
وقال الإمام بن حزم رحمه الله تعالى في رده على النصارى الذين يستدلون بتحريف القرآن من أقوال الرافضة، فقال: (وأما قولهم - يعني النصارى - في دعوى الروافض تبديل القرآن، فإن الروافض ليسوا من المسلمين).
وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في "الصارم المسلول": (من زعم أن القرآن نقص منه آيات، أو كتمت، أو زعم أن له تأويلًات باطنةً تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلًاف في كفرهم، ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أضو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضًا في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم، والثناء عليهم. بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالًة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}، وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارًا أو فساقًا، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلًام).
وقال أيضًا عن الرافضة؛ إنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج.
وقال الإمام السمعاني رحمه الله في "الأنساب": (واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة، وينكرون إجماعهم، وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم).
ومن عجيب التناقضات والمفارقات، أن الحكومة السعودية وقس عليها غيرها ممن كانوا ينادون بالعداء ويطلقون التحذيرات من الخطر القادم من الرافضة، نراهم اليوم يقربونهم، ويجلسون معهم، ويتحاورون في مجالس محاوراتهم الرسمية.
فهاهي لجنتهم الدائمة للبحوث والإفتاء، كانت قد أفتت بتكفير الرافضة إثر سؤال وجه للجنة آنذاك من قبل سائل يقول: (أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية، ومختلطين نحن وقبائل من العراق، ومذهبهم شيعة وثنية، يعبدون قببا ويسمونها بالحسن، والحسين، وعلي، وإذا قام، قال يا علي، يا حسين، وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح، وفي كل الأحوال، وقد وعظتهم ولم يسمعوا، وهم في القرايا والمناصيب، وأنا ما عندي أعظهم بعلم، ولكني أكره ذلك ولا أخالطهم، وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل، وهؤلاء يأكلون ذبحهم، ولا يتقيدوا، ونطلب من سماحتكم توضيح الواجب نحوما ذكرنا).
فكان رد اللجنة: (إذا كان الواقع ما ذكرت من دعائهم عليا والحسن، ونحوهم فهم مشركون شركًا أكبر، يخرج من ملة الإسلام، فلًا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولًا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم، قال الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم) [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء].
ومما جاء في كتب الرافضة أنفسهم في تبرؤ آل البيت والرسول صلى الله عليه وسلم منهم، وإخراجهم من هذه الأمة:
ما جاء في كتاب "الاحتجاج" قال الإمام زين العابدين عليه السلام لأهل الكوفة: (هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق، ثم قتلتموه وخذلتموه، بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى عليه وسلم وآله وهويقول لكم: قاتلتم فطرتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي).
رابعًا؛ إننا حين نستشهد بروايات وأقوال من كتب الرافضة المعتبرة المعتمدة عندهم، فإننا لا نقر بالضرورة بهذه الأقوال والروايات، وإنما نحن نستأنس بها من باب وشهدوا على أنفسهم.
وقد استشهدنا بكثير من هذه الروايات.
جرائم الرافضة وخياناتهم عبر التاريخ
خامسًا؛ إن جرائم الرافضة وخياناتهم عبر التاريخ، كانت كلها جرائم من حيث المعتقد الديني:
لكننا تناولنا كل منها بحسب جانبها، وبحيثيات متعددة.
فهناك جرائم دينية محضة تتعلق بجانب العبادات، وشعائر لهدم الدين أو تحريفه.
وهناك جرائم سياسية من خلال الغدر والاغتيالات من الداخل، والمؤامرة مع العدومن الخارج لزعزعة الدولة الإسلامية.
وهناك جرائم اجتماعية وأخلاقية لنشر الرذيلة لتفكيك الأسرة المسلمة، وتفكيك البنية التحتية للأمة الإسلامية باسم "المتعة" في الدين.
فذكرنا كلا في محله، وض هي في مجموعها بالجملة لا تخرج عن كونها جرائم دينية.
وبعد أن قررنا ما سبق توضيحه نقول...
لقد رصد لنا التاريخ منذ عهد الخلافة الراشدة مرورًا بالعهد الأموي، والعباسي والعثماني، وحتى هذا العصر كما هائلًا من خيانات القوم وجرائمهم، وغدراتهم، لو أردنا حصرها استيفاءًا، وتتبعها استقراءًا، لاحتجنا لمحاضرات ومحاضرات، بل وإلى أسفار متتاليات.
وحسبنا هنا أن نذكر ونذكر بجملة من أبرز خياناتهم، وجرائمهم عبر التاريخ من خلال ذكر ماضي خياناتهم، والربط بينها وبين حاضرها، حتى تكون الصورة حاضرة في أذهاننا، لا مجرد سرد تاريخي من ماض تليد منقطع عن حاضره.
بسم الله الذي له الحكم والأمر كله وإليه المعاد, والحمد لله الذي قدر الافتراق لهذه الأمة فرقاً فلا تقارب ولا يكاد, والصلاة والسلام على من استثنى من هذه الفرق بالنجاة واحدةً ومن عداهم وعاداهم يكاد.
وبعد...
فلقد قرأنا التاريخ واستقرأناه فلم نجد في ماضيه وحاضره ولا حتى إرهاصات مستقبله كمثل سيرة بل سوءة أصحاب الرفض, رفضهم الله كما لفظوا دينه ومنهاجه القويم واستبدلوه بالذي هو أدنى من خليط حقد وخزعبلات الفرس وتضاليل اليهود وضلال النصارى ليتناسب مع جميع أصحاب الديانات المعادين لأهل الإسلام, فخرجوا بدين ممسوخ يوجبون فيه على الأمة أن يلعن آخرها أولها, وأن يكفر بالكتاب كله, وأن تعطل شرائعه, وأن يشرك مع قبلة المسلمين بل تغير هذه القبلة من مكة فتشد الرحال إلى كربلاء ومشهد, وأن تشيع الفاحشة بين المسلمين باسم الدين.
ولذا كان لزاماً علينا أن نذكر بطرف من جرائم القوم معذرةً إلى ربكم ولعلهم يتقون.
وقبل الخوض في ذكر جملة من خيانات الرافضة عبر التاريخ واستعراض لأبرز جرائمهم لا بد من التنبيه على أمر:
ألا وهو أننا حين نطلق لفظ الرافضة؛ فإنما نريد بهم السواد الأعظم الموجود منهم في هذه الأيام، ألا وهم الشيعة الجعفرية الإثني عشرية.
ويلاحظ أن أئمتهم اعتبروا جميع هذه الفرق المغالية عندهم من ما ينسب إلى الإمامية فإذا تحدثوا عن طائفتهم ورجالها ودولها نسبوا لها كل الفرق والدول والرجال المنتمين للتشيع وإن كانوا من؛ الإسماعيلية والباطنية أو من الزنادقة الدهرية أومن المجسمة الغلاة فهم إذا تحدثوا مثلاً عن دول الشيعية ذكروا الدولة الفاطمية في صدر دولهم مع أنها غير الإثني عشرية.
الرفض؛ دين يختلف تماماً عن الإسلام
وبعد هذا نقول وبالله التوفيق:
أولاً؛ إن الرفض دين يختلف تماماً عن الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم:
ولا يمكن أن يلتقي معه في كثير من الفروع والأصول, كيف لا وكبار آياتهم وعلمائهم قد قعدوا لهم قاعدةً في الترجيح بين الأدلة إذا اختلفت عندهم أو تعارضت بأن ما خالف قول أهل السنة - ويسمونهم العامة - هو القول الأقرب للصواب مستندين على روايات مكذوبة عندهم كأصل لهذه القاعدة التي تدل على مخالفة دينهم أصولاً وفروعاً لدين الإسلام من حيث منهج الحق.
ففي باب عقده "الحر العاملي" وهو من علماء الرافضة في كتابه "وسائل الشيعة" تحت عنوان: "عدم جواز العمل بما يوافق العامة ويوافق طريقتهم"، قال فيه: (والأحاديث في ذلك متواترة - أي في عدم جواز العمل بما يوافق العامة - فمن ذلك قول الصادق عليه السلام في الحديثين المختلفين: اعرضوهما على أخبار العامة - أي أهل السنة والجماعة - فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه، وقال عليه السلام: خذ بما فيه خلاف العامة فما خالف العامة ففيه الرشاد).
وجاء في "عيون أخبار الرضى": (روى الصدوق عن علي ابن أسباط قال: قلت للرضى عليه السلام: يحدث الأمر لا أجد بد من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه من أستفتيه من مواليك؟ قال: فقال: إيتي فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه).
ومعلوم أن الإسلام قائم - جملةً وتفصيلاً - على توحيد الخالق وتعبيد المخلوقات كلها لله تعالى وعلى الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم اقتداء متبع لا مبتدع وكل هذا مبني على ما جاء بالكتاب والسنة.
والرفض أساساً يقوم على الإشراك بالله وتعبيد الخلق لغير الله توسلاً وتضرعاً وتأليهاً, كما يقوم على رفض الكتاب بدعوى تحريفه بالنقصان والزيادة فيه, وعلى رفض سنة النبي صلى الله عليه وسلم, ولا سيما صحيحها بتكذيب وتخوين من نقلها لنا وهم أشراف الأمة وأخص صحابته حتى رفضوا أصح كتب الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول, لما كان رواتها من أشد الناس حرصاً وتوثقاً عمن ينقلونها عنهم, وعلى رأس هذه الكتب صحيحا البخاري ومسلم, فكان ما عداهما من الكتب أولى بالرفض عندهم.
كما يقوم دينهم على رفض إمامة وخلافة من أجمع الناس حينها على إمامته وخلافته, الذين نعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالراشدين, وحض على التمسك بسنتهم بل وقرنها بالتمسك بسنته, إن دين الرفض يرفض تبرئة أم المؤمنين عائشة مما برأها الله تعالى في كتابه الكريم وعاقب بجلد من اتهمها أو خاض في عرضها.
يقول "نعمة الله الجزائري" في "الأنوار النعمانية": (باب نور في حقيقة دين الإمامية والعلة التي من أجلها يجب الأخذ بخلاف ما تقوله العامة": إنا لا نجتمع معهم - أي مع السنة - على إناء ولا على نبي ولا على إمام, وذلك أنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد نبيه وخليفته من بعده أبي بكر ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي بل نقول إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا).
ويقول "السيد حسين الموسوي" - وهو أحد علمائهم القلائل الذين نقى الله فطرته فمجت باطلهم - معلقاً على موقف الرافضة في كتابه "لله ثم للتاريخ": (ويتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي: لو فرضنا أن الحق كان مع العامة في مسألة ما, أيجب علينا أن نأخذ بخلاف قولهم؟ أجابني السيد محمد باقر الصدر مرةً فقال: نعم يجب القول بخلاف قولهم لإن القول بخلاف قولهم وإن كان خطأً، فهو أهون من موافقتهم على افتراض وجود الحق عندهم في تلكم المسألة).
ثانياً؛ إن دين الرفض لم يقم أساساً ومنذ بداية ظهوره, وعلى مر الأزمان وحتى أيامنا هذه, إلا لغرض هدم الإسلام وبث الفتنة والفرقة بين المسلمين وتقويض دولة الإسلام:
من خلال محاربة أهل السنة والجماعة - أعني بهم الجماعة الأولى التي استثناها الرسول صلى الله عليه وسلم من الثلاث والسبعين فرقةً بالنجاة من النار ومن سار على نهجهم -
وليس هذا كلاماً مبالغاً أو متوهماً ولا هو منكر من القول وزوراً، بل هذا ما قرره علماء السلف والخلف.
فهو مخطط دبر بليل لم يقم من الأساس إلا لغرض هدم الدين من خلال أمرين هامين:
الأول: التشكيك في حقيقة هذا الدين وزعزعة العقيدة, إما ببث الشبهات على مذهب أهل الحق والتي تشكك في أصول هذا الدين وتصد عنه بالكلية, وإما بتحريف كثير من أصوله وفروعه ليكون ديناً مسخاً.
والأمر الثاني: يتمثل في الجانب السياسي وذلك عن طريق زعزعة أركان الدولة الإسلامية من الداخل والخارج على السواء.
فأما من الداخل؛ فمن خلال استثارة الشعب - ولا سيما ضعاف النفوس وأصحاب المطامع - وتحريضهم على الخروج على خليفة وإمام المسلمين أو اغتياله، بدعاوى وشبهات باطلة أو غير مسوغة.
وأما من الخارج؛ فمن خلال التعاون مع أعداء الدين والتحالف معهم, حتى يتمكنوا من اسقاط الدولة الإسلامية.
وهذان الأمران هما المنهج والخطة الأساسية التي قام عليهما دين الرفض منذ بداية نشأته وتأسيسه على يد اليهودي المعروف عبد الله بن سبأ، الذي لم يجد أفضل ولا أجدى من التستر بلباس التشيع والتشيع بحب آل البيت بعد أن أظهر الإسلام وأبطن الكفر والدسيسة لهذا الدين.
ولما وجد أتباع هذا اليهودي أن هذا المنهج الذي رسمه ابن سبأ قد نجح في استقطاب أصحاب الهوى وتأليب الكثير من ضعاف النفوس وأصحاب المطامع ضد أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وأرضاه، ولما وجدوه نجح في التعاون مع أعداء الدين من خارج عاصمة الخلافة وإثارة الفتن والشبه حتى قتلوا الخليفة وفتنوا رعيته، ولما وجدوه نجح كذلك في التفريق بين الصحابة على أساس العصبية القبلية التي جاء الدين أساساً وقام على هدمها, يرومون فتنة آل البيت وفتنة الناس بهم, وصد الناس وتشكيكهم في مصداقية وأمانة نقلة الكتاب والسنة من الصحابة رضوان الله عليهم, من خلال مناداتهم بموالاة بل بالمغالاة في آل البيت وإدعاء العصمة فيهم, حتى تطور الأمر فيهم إلى تأليه علي رضي الله عنه كما عند السبأية.
أقول لما رأى أتباع ابن سبأ أنه نجح في ذلك كله؛ استمر هؤلاء الأتباع في نفس السيرة وعلى نفس المنهج الأول على مر الزمان وإلى أيامنا هذه.
ولقد أفاض علماء السلف واستفاض في كتبهم بيان حقيقة الرافضة وحقيقة دينهم:
ومن ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "منهاج السنة": (والرافضة ليس لهم سعي إلا في هدم الإسلام ونقض عراه وإفساد قواعده).
وقال أيضاً: (ولا يطعن على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما إلا أحد رجلين: إما رجل منافق زنديق ملحد عدو للإسلام يتوصل في الطعن فيهما إلى الطعن في الرسول ودين الإسلام, وهذا حال المعلم الأول للرافضة أول من ابتدع الرفض وحال أئمة الباطنية, وإما جاهل مفرط في الجهل والهوى وهو الغالب على عامة الشيعة إذ كانوا مسلمين في الباطن).
وقال في فتاويه: (قال الإمام أحمد في رسالة عبدوس بن مالك, أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله والإقتداء بهم, وترك البدع وكل بدعة ضلالة والسنة عندنا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والسنة تفسر القرآن وهي دلاء للقرآن أي دلالات على معناه ولهذا ذكر العلماء أن الرفض أساس الزندقة وأن أول من ابتدع الرفض إنما كان منافقاً زنديقاً, وهو عبد الله بن سبأ فإنه قد قدح في السابقين الأولين وقد قدح في نقل الرسالة أوفي فهمها أوفي اتباعها, فالرافضة تقدح تارةً في علمهم بها وتارةً في اتباعهم لها, وتحيل ذلك على أهل البيت وعلى المعصوم الذي ليس له وجود في الوجود) انتهى كلامه رحمه الله.
وجاء في "المنتقى من منهاج الإعتدال": (ومن جهل الرافضة أنهم يوجبون عصمة واحد من المسلمين ويجوزون على مجموع المسلمين إذا لم يكن فيهم معصوم الخطأ, وقد ذكر غير واحد أن أول من ابتدع الرفض والقول بالنص على علي وعصمته كان زنديقاً أراد افساد الدين وأراد أن يصنع بالمسلمين كما صنع بولص بالنصارى, وأكبر دليل على بطلان أصل هذا المذهب وخرافته أن علياً رضي الله عنه تبرأ منه ومن أصحابه بل وعاقب من يعتنقه كل بحسب بدعته, فمن كان يسب الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يجلد حد المفتري, ومن غالى فيه حرقه بالنار).
حكم الشرع على الرافضة
ثالثاً؛ إن جمهرةً من علماء السلف رحمهم الله تعالى بينوا لنا القول الفصل في حكم الشرع على الرافضة وهو القول بكفرهم ووجوب قتال من أظهر بدعته منهم:
خاصةً؛ وإن كان بطائفة ممتنعة منهم، وفي تكفيرهم ووجوب قتالهم أدلة من الكتاب والسنة.
بل حتى كتب الرافضة أنفسهم تنقل لنا الروايات في تبرؤ آل البيت منهم، ونسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإخراجهم من الإسلام.
فأما الأدلة من الكتاب:
فقولًهً تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}.
قال ابن كثير رحمه الله: (ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه بتكفير الراوفض، الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر بهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك).
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره: (روى أبو عروة الزبيري من ولد الزبير، كنا عند مالك بن أنس، فذكروا رجلًا ينتقص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ مالك هذه الآية: {محمد رسول الله والذين معه...}، حتى بلغ: {يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}، فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابته هذه الآية) [ذكره الخطيب أبو بكر].
قلت - والقول للقرطبي - لقد أحسن مالك في مقالته، وأصاب في تأويله فمن نقص واحدًا منهم، أو طعن في روايته فقد رد على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين) انتهى كلامه رحمه الله.
وكذلك استدلوا من قوله تعالى: {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين}.
قال ابن عبد القوي عن الإمام أحمد: (وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم - أي الصحابة - ومن سب عائشة أم المؤمنين، ورماها مما برأها الله منه، وكان يقرأ: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين}).
وقال القرطبي رحمه الله: قال هشام بن عمار سمعت مالكًا يقول: (من سب أبا بكر وعمر أدب، ومن سب عائشة قتل لأن الله تعالى يقول: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدًا إن كنتم مؤمنين}، فمن سب عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قًتل).
قال ابن العربي: (قال أصحاب الشافعي: من سب عائشةً رضي الله عنها أدب كما في سائر المؤمنين، وليس قوله {إن كنتم مؤمنين} في عائشة؛ لأن ذلك كفر، وإنما هو كما قال عليه السلام: "لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه"، ولوكان سلب الإيمان في سب من سب عائشةً حقيقةً، لكان سلبه في قوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"؛ حقيقةً، قلنا: ليس كما زعمتم، فإن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالزنى، فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر، فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر، ولوإن رجلًا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب) انتهى كلامه.
وقوله تعالى: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين}، وبقوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}.
يقول الإمام أبو المحاسن الواسطي في استدلاله من هذه الآيات على كفر من يكفر أو ينتقص من عدالة الصحابة الثابتة بالكتاب: أنهم يكفرون؛ (لتكفيرهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن، في قوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس}، وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون، بقوله تعالى: {فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها بكافرين}).
وأما السنة:
فبما جاء في "مجمع الزوائد" بإسناد حسن، عن ابن عباس قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده علي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا علي سيكون في أمتي قوم، ينتحلون حب أهل البيت، لهم نبذ، يسمون الرافضة، قاتلوهم فإنهم مشركون).
وما أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والبزار عن إبراهيم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام).
والعجيب أن ذلك النبذ - أعني الرافضة - قد نقله أيضًا أئمة الرافضة في أًصولهم المعتبرة عن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
فقد نقل لنا صاحب كتاب "لله ثم للتاريخ" عن كتاب "الكافي" روايةً عن أبي عبد الله عليه السلام، أنهم جاءوا إليه - أي الرافضة - فقالوا له: (إنا قد نبذنا نبذًا أثقل ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلت له الولاة دماءنا...)، في حديث رواه لهم فقهاءهم، فقال لهم أبو عبد الله عليه السلام: (الرافضة، قالوا: نعم، فقال: لا والله ما هم سموكم، ولكن الله سماكم به).
ويقول "السيد حسين بن موسوي" معلقًا على ذلك: (فبين أبو عبد الله أن الله سماهم الرافضة، وليس أهل السنة).
ومما استفيض من أقوال السلف في الحكم بكفرهم:
فمما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله، ما روى الخلال عن أبي بكر المرودي، قال سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة، قال: (ما أراه على الإسلام).
وقال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد، قال سمعت أبا عبد الله قال: (من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض)، ثًم قال: (من شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين).
وجاء في "كتاب السنة" للإمام أحمد قوله عن الرافضة: (هم الذين يتبرءون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويسبونهم، وينتقصونهم، ويسبون الأئمة إلا أربع، عليا وعمار والمقداد وسلمان، وليست الرافضة من الإسلام في شيء).
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في خلق أفعال العباد: (ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون ولا تؤكل ذبائحهم).
وقال الإمام أحمد بن يونس، الذي قال عنه الإمام أحمد بن حنبل وهو يخاطب رجلًا: (اخـرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام)، قـال - أي الإمام أحمد بن يونس -: (لوإن يهوديا ذبح شاةً، وذبح رافضي لاًكًلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي، لأنه مرتد عن الإسلام).
وقال الإمام بن حزم رحمه الله تعالى في رده على النصارى الذين يستدلون بتحريف القرآن من أقوال الرافضة، فقال: (وأما قولهم - يعني النصارى - في دعوى الروافض تبديل القرآن، فإن الروافض ليسوا من المسلمين).
وقال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في "الصارم المسلول": (من زعم أن القرآن نقص منه آيات، أو كتمت، أو زعم أن له تأويلًات باطنةً تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلًاف في كفرهم، ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أضو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضًا في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم، والثناء عليهم. بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالًة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كنتم خير أمة أخرجت للناس}، وخيرها هو القرن الأول كان عامتهم كفارًا أو فساقًا، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلًام).
وقال أيضًا عن الرافضة؛ إنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج.
وقال الإمام السمعاني رحمه الله في "الأنساب": (واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة، وينكرون إجماعهم، وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم).
ومن عجيب التناقضات والمفارقات، أن الحكومة السعودية وقس عليها غيرها ممن كانوا ينادون بالعداء ويطلقون التحذيرات من الخطر القادم من الرافضة، نراهم اليوم يقربونهم، ويجلسون معهم، ويتحاورون في مجالس محاوراتهم الرسمية.
فهاهي لجنتهم الدائمة للبحوث والإفتاء، كانت قد أفتت بتكفير الرافضة إثر سؤال وجه للجنة آنذاك من قبل سائل يقول: (أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية، ومختلطين نحن وقبائل من العراق، ومذهبهم شيعة وثنية، يعبدون قببا ويسمونها بالحسن، والحسين، وعلي، وإذا قام، قال يا علي، يا حسين، وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح، وفي كل الأحوال، وقد وعظتهم ولم يسمعوا، وهم في القرايا والمناصيب، وأنا ما عندي أعظهم بعلم، ولكني أكره ذلك ولا أخالطهم، وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل، وهؤلاء يأكلون ذبحهم، ولا يتقيدوا، ونطلب من سماحتكم توضيح الواجب نحوما ذكرنا).
فكان رد اللجنة: (إذا كان الواقع ما ذكرت من دعائهم عليا والحسن، ونحوهم فهم مشركون شركًا أكبر، يخرج من ملة الإسلام، فلًا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولًا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم، قال الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون}، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم) [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء].
ومما جاء في كتب الرافضة أنفسهم في تبرؤ آل البيت والرسول صلى الله عليه وسلم منهم، وإخراجهم من هذه الأمة:
ما جاء في كتاب "الاحتجاج" قال الإمام زين العابدين عليه السلام لأهل الكوفة: (هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق، ثم قتلتموه وخذلتموه، بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى عليه وسلم وآله وهويقول لكم: قاتلتم فطرتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي).
رابعًا؛ إننا حين نستشهد بروايات وأقوال من كتب الرافضة المعتبرة المعتمدة عندهم، فإننا لا نقر بالضرورة بهذه الأقوال والروايات، وإنما نحن نستأنس بها من باب وشهدوا على أنفسهم.
وقد استشهدنا بكثير من هذه الروايات.
جرائم الرافضة وخياناتهم عبر التاريخ
خامسًا؛ إن جرائم الرافضة وخياناتهم عبر التاريخ، كانت كلها جرائم من حيث المعتقد الديني:
لكننا تناولنا كل منها بحسب جانبها، وبحيثيات متعددة.
فهناك جرائم دينية محضة تتعلق بجانب العبادات، وشعائر لهدم الدين أو تحريفه.
وهناك جرائم سياسية من خلال الغدر والاغتيالات من الداخل، والمؤامرة مع العدومن الخارج لزعزعة الدولة الإسلامية.
وهناك جرائم اجتماعية وأخلاقية لنشر الرذيلة لتفكيك الأسرة المسلمة، وتفكيك البنية التحتية للأمة الإسلامية باسم "المتعة" في الدين.
فذكرنا كلا في محله، وض هي في مجموعها بالجملة لا تخرج عن كونها جرائم دينية.
وبعد أن قررنا ما سبق توضيحه نقول...
لقد رصد لنا التاريخ منذ عهد الخلافة الراشدة مرورًا بالعهد الأموي، والعباسي والعثماني، وحتى هذا العصر كما هائلًا من خيانات القوم وجرائمهم، وغدراتهم، لو أردنا حصرها استيفاءًا، وتتبعها استقراءًا، لاحتجنا لمحاضرات ومحاضرات، بل وإلى أسفار متتاليات.
وحسبنا هنا أن نذكر ونذكر بجملة من أبرز خياناتهم، وجرائمهم عبر التاريخ من خلال ذكر ماضي خياناتهم، والربط بينها وبين حاضرها، حتى تكون الصورة حاضرة في أذهاننا، لا مجرد سرد تاريخي من ماض تليد منقطع عن حاضره.