النصيريون
وأما النصيريون؛
فكذلك تعاونوا مع الصليبيين أثناء الغزو الصليبي, وكانوا سبباً في سقوط بلاد الشام وبيت المقدس - كما تعاونوا من قبل مع التتار ضد المسلمين - وكانوا سببًا في اجتياح بلاد الشام.
الدروز
وأما الدروز؛
فقد تطوع عدد كبير من أبنائهم في "جيش الدفاع" الصهيوني، طمعاً في انشاء دولة مستقلة لهم في كل من سوريا ولبنان.
وفي حرب سنة 1967م ذاق المسلمون في الجولان والأردن الويلات من الدروز العاملين في جيش الدفاع الإسرائيلي، ولم يرحموا شيخًا كبيراً ولا طفلاً صغيراً.
"دولة الخميني" في إيران
وعلى أنقاض الدولة العثمانية, وبعد تفتيت العالم الإسلامي إلى دويلات قومية كما خطط لها الصهاينة والصليبيون - وعلى رأسهم الرافضة -؛ تشكلت في بلاد فارس؛ إيران, وتبلورت دولة مركزية للرافضة ولمرجعياتهم الدينية, وصارت المقر الرئيس للاجتماعات الدورية التي تجري بين فترة وأخرى كلما استجد للرافضة أمر من أمورهم الهامة, أو كلما أرادوا أن يخرجوا بفتاوىً جديدةً لعوامهم تتوافق مع مجريات الأمور, التي يواجهونها في دولهم المختلفة في العالم... تمامًا كاليهود في اجتماعاتهم السرية الدورية، متخذين من هذه الدولة الأم مركزًا ومستنداً لتصدير المذهب والمنهج الفكري أولاً, ثم بعد ذلك إعادة بسط النفوذ والسيطرة السياسية.
وإلى هذه الحقيقة أشار "الخميني" في كتابه "الحكومة الإسلامية", وصرح بذلك ما يسمى بآية الله "شريعة مداري" في لقاء له مع صحيفة "السياسة" الكويتية بتاريخ 26/يونيو/عام 1987م, وقال بالحرف الواحد: (إن زعامة الشيعة في إيران وفي قم بالذات)، وأضاف قائلاً: (لا بد من مجلس أعلى للشيعة في العالم).
وهذا بالفعل ما قام به آيتهم وإمامهم "الخميني"، حين نادى بإسقاط حكم الشاه متذرعاً بعلمانيته, وأنه لابد من قيام ثورة إسلامية لنشر مبادئ الإسلام عليها, وهو يقصد بذلك الإسلام الرافضي، لا الإسلام الحقيقي.
بل حتى تفاعل معه الكثير من أهل السنة، متغافلين عن تاريخهم الإسلامي, وكأنهم حين يقرؤون ويدرسون في كتب الملل والعقائد والنحل عن أخبار وأحكام الرافضة، يعدونهم من القرون الخالية والأمم الغابرة التي لا وجود لها ولا امتداد لأصولها في حاضرنا.
حتى إذا ما جئت تسألهم عن أحكام الرافضة؟ يفصلون لك الجواب، فيحكمون لك بكفرهم ووجوب قتالهم من الناحية النظرية, وعملياً يدعونك إلى التقارب معهم في ما يمكن أن يتفق عليه.
علمًا بأن "الخميني" ما هو إلا صنيعة أمريكية, طبخت ثم أعد لها من منفاه في فرنسا... وهكذا دأبت أمريكا بل الصهيونية على تبديل وتغيير عملائها من فترة لأخرى، إما لأن تاريخ صلاحية أحدهم يكون قد انتهى, وإما للحفاظ على العميل للعب دور آخر، وفي النهاية؛ آلية تبديل العملاء تعطي شيئًا من الجد وتفعيل حركة المصالح التي تربط العملاء بأسيادهم، ليكون العميل الجديد أفضل عطاءً وأكثر حماساً.
ومما جاء في كتاب "وجاء دور المجوس": (ملأ "الخميني" وأنصاره الدنيا صرخات ضد الولايات المتحدة, فقالوا: أمريكا وراء اضطهاد معظم شعوب العالم شرقيةً وغربيةً، ووعد "الخميني" بتقليم أظافر أمريكا، وظن الناس أن هناك طحنًا وراء الجعجعة... وعندما قامت جمهوريته فوجئ الناس بمواقف مغايرةً لما كان الثوار يتحدثون عنها:
أولاً: كانت أمريكا في طليعة الدول التي سارعت في الاعتراف بهذا النظام الجديد.
ثانيًا: لم تغلق ثورة "الخميني" سفارة أمريكا.
ثالثًا: عاد النفط الإيراني يتدفق على مستودعات التخزين في أمريكا, ومن ثم إلى إسرائيل.
رابعًا: عودة الجنرالات الأمريكان إلى أماكن عملهم, وقدرتهم بعض الصحف بسبعة آلاف خبير.
خامسًا: عقد "بروسلنجين" القائم بالأعمال الأمريكي ثلاثة لقاءات مع "الخميني" ولم يكشف النقاب عن حقيقة هذه اللقاءات.
سادسًا: قال الشاه في مذكراته؛ أنه علم بوجود الجنرال "هويزر" - و "هويزر" هو نائب رئيس أركان القيادة الأمريكية في أوربا - وقال الشاه: (إن جنرالاتي لم يكونوا يعلموا شيئاً عن زيارة "هويزر", وعندما انتشر خبر زيارته، قالت أجهزة الإعلام السوفييتية: إن هويزر وصل لطهران لتدبير انقلاب عسكري, وأنا أعرف أن هويزر كان منذ فترة على اتصال بـ "مهدي بازنقان", المهندس الناجح الذي تزعم "ثورة الخميني", وعينه "الخميني" رئيساً للوزراء بعد الإطاحة بي, و "مهدي بازرقا"ن و "هويزر" يعلمان جيداً فيما إذا كانت طبخة كانت تمت من وراء الجميع).
ثم إن "الخميني"، وبعد أن سبق ثورته من مستقر منفاه بفرنسا بدعاية دينية كاذبة, وبعد أن تفاعل معه ومع ثورته الإسلامية جميع طوائف الرافضة, وكثير من أهل السنة, وبعد أن تمكن من خلع الشاه, وبسط نفوذه ويده على البلاد, وإذا به لا يخرج عن فلك أسلافه من العبيديين والقرامطة, يمكر بأهل السنة ويلبسهم لباس الهوان في دولته، وينادي في مجالسه الخاصة بإستباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم, ويدعو إلى تصدير ثورته بالقوة.
حتى أن الإشاعة التي زعموا بأن النظام العراقي البائد هو الذي أعلن الحرب على إيران؛ فإنها مجانبة للحقيقه والصواب, ذلك أن "الخميني" هو الذي أرادها حربًا لضم العراق إلى بلاد فارس، كما كانت عليه قبل أن يستولي عليها المسلمون الأوائل.
فقد قامت إيران ببث عملائها داخل العراق بعد وصول "الخميني" إلى الحكم بقليل, وقام النظام الإيراني بإعتداءات متكرره على المغافر العراقية.
هذا هو ماضي الرافضة وتاريخهم الذي يرتكزون عليه اليوم في حاضرهم ومستقبلهم, ويستقون منه, ويقتفون نهج أسلافهم في الجريمة والخيانه, ويعتبرونه سفرًا يتزودون منه لمتغيرات عصرهم... نفس التقية, ونفس المخططات السرية, ونفس المعتقدات.
وزد على ذلك؛ أن رافضة هذا العصر لهم دولة وسيادة سياسية موحدة, ومرجعية مركزية تصدر لهم الأوامر والفتاوى التي يلتزمون بها, وقد برزوا وبرزت خياناتهم اليوم للناظرين, وأوضح ما تكون في أفغانستان بمساعدة الدولة الأم إيران, وفي العراق بمساعدة إيران كذلك, وفي بلاد الشام - ولا سيما رافضة لبنان والذين يمثلهم "حزب الله" - وكذلك مستمدين قوتهم وتعاليمهم من إيران؛ مركز الشر ومحضن أتباع مهديهم المنتظر المسيح الدجال.
حركة أمل
فأما في لبنان؛
فقد كان ما تمخضته هذه الدولة الأم أن قامت بتصدير ثورتها في بلاد الشام, وفي لبنان على وجه الخصوص, عبر "حركة أمل" الشيعية المسلحة, والتي أسسها موسى الصدر, تلميذ "الخميني" وصهره، منطلقًا من إيران ومستقراً في لبنان، ليحصل على الجنسية اللبنانية حتى تمكنه أن يمارس نشاطاته داخل الأراضي اللبنانية بسهولة.
وبما أن منشأ هذه الحركة إيران فإنها بالضرورة هي المتكفلة بدعم هذه الحركة من أجل القضاء على أهل السنة في المخيمات الفلسطينية في لبنان بعد إستبعادهم من أراضيهم في فلسطين, وبعد ضغط دول الجوار على لبنان ليتم احتضان أهالي المخيمات, فتحالف الرافضة - متمثلين في هذه الحركة المغرضة - مع الكيان الصهيوني ضد أبناء هذه المخيمات، حتى يتم القضاء على أي ثورة وأي تمرد ضد اليهود الصهاينة, ويتم من خلالهم حماية ظهر العدو, وكذلك حتى لا تقوم لأهل السنة من الفلسطينيين الذين يسكنون المخيمات أية قائمة؛ فقاموا بمذابح عديدة...
منها هجومهم على مخيم عين الرمانة, ومخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982م, وقد تحدثت صحف العالم آن ذاك عن فظائع "حركة أمل" الرافضة.
فقد ذكرت "صحيفة الوطن" في عددها 3688، الصادر في 27/مايو/1985م نقلاً عن صحيفة "ليبو" الإيطالية؛ أن فلسطينياً من المعاقين لم يكن يستطيع السير منذ سنوات، رفع يديه مستغيثاً في شاتيلا أمام عناصر "أمل" طالباً الرحمة، وكان الرد عليه قتله بالمسدسات مثل الكلاب، وقالت الصحيفة: إنها الفظاعة بعينها.
وقال مراسل الـ "صنداي تايمز": (إنه من الإستحالة نقل أخبار المجازر بدقة، لأن "حركة أمل" تمنع المصورين من دخول المخيمات, وبعضهم تلقى تهديداً بالموت، وقد جرى سحب العديد من المراسلين خوفاً عليهم من الإختطاف والقتل، ومن تبقى منهم في لبنان يجدون صعوبة في العمل).
وذكرت صحيفة الـ "صنداي تايمز" أيضاً؛ أن عددا من الفلسطينيين قتلوا في مستشفيات بيروت, وأن مجموعة من الجثث الفلسطينية ذبح أصحابها من الأعناق.
ونقلت وكالات الأنباء في 6/يونيو/1985م عن رئيس الإستخبارات العسكرية اليهودية "إيهود باراك" قوله: إنه (على ثقة تامة من أن "أمل" ستكون الجبهة الوحيدة المهيمنة في منطقة الجنوب اللبناني, وأنها ستمنع رجال المنظمات والقوى الوطنية اللبنانية من التواجد في الجنوب والعمل ضد الأهداف الإسرائيلية).
حزب الله
وبعد أن تكشف للعالم عوار هذه الحركة الخبيثة, وظهر للعيان مدى بشاعة ما ارتكبوه من جرائم ومجازر في حق أهل السنة من الفلسطينيين؛ فقد مجها الناس, واحترق الكرت الذي تلعب به إيران, لذا كان لزاماً عليها أن تستحدث طريقة أخرى, وحركة أخرى تختلف عن ظاهر توجهها عن "حركة أمل".
هذه المرة لابد من اللعب على وتر التقارب الشيعي السني, والدعوة إلى الوحدة وإعلان الحرب على إسرائيل, والمطالبة بتحرير فلسطين من إسرائيل؛ فتمت إجتماعات سرية في إيران تم من خلالها التحضير لولادة حركة جديدة قررتها إيران الأم، يترأسها أعضاء جدد لامعين ومفوهين.
فعلاقة "حزب الله" بإيران علاقة الفرع بالأصل.
ففي البيان التأسيسي للحزب, والذي جاء بعنوان: "من نحن وما هي هويتنا"، عرف الحزب بنفسه فقال: (نحن أبناء أمة "حزب الله" التي نصر الله طليعتها في إيران وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائع، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظله, مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة).
وقد عبر "إبراهيم الأمين" - وهو قيادي في الحزب - عن هذا التوجه فقال: (نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان, ولبنان في إيران)!
نقول: إذا كانت الثورة الإيرانية بقيادة "الخميني" قد وقفت مواقف العداء من أهل السنة، وقامت بإحداث بلابل وفوضى وتفجيرات داخل عدد من البلدان - كما حصل في البحرين والكويت واليمن وأفغانستان والعراق, وفي مكة المكرمة في الشهر الحرام وفي البلد الحرام - فإن هذه السياسة تعتبر ديناً يدين به رافضة إيران والذي يتفرع منه "حزب الله"، الذي اعترف من خلال قيادته بإنتمائه وموافقته لإيران, فكل عدو لإيران هو عدو لـ "حزب الله".
فـ "حزب الله" عدو لأهل السنة, وإن تستر بمائة تقية, لا ينخدع به إلا غافل صاحب هوى, أو ساذج أخو جهل.
فعلى هامش المؤتمر الأول للمستضعفين اجتمع "الخميني" بعدد من علماء ودعاة الشيعة الذين شاركوا في هذا المؤتمر, وكان من بينهم محمد حسين فضل الله, وصبحي الطفيلي, وممثل "حركة أمل" في طهران إبراهيم أمين, وتدارس معهم الخطوات الأولى اللازمة من أجل إنشاء هذا الحزب الجديد, ثم عاد الوفد إلى لبنان وكثف من إتصالاته مع وجهاء وعلماء الطائفة الذين لم يشاركوا في لقاء طهران, ثم تكرر لقاؤهم بـ "الخميني"، ووضعوا وإياه الخطوط العريضة لـ "حزب الله".
يقول أحمد الموسوي في مقال له بمجلة "الشراع": "من أنتم؟ حزب الله": (ثم استكملت الخطوط التنظيمية الأولى باختيار هيئة قيادية للحزب، ضمت 12 عضواً، هم؛ عباس الموسوي, وصبحي الطفيلي, و "حسين الموسوي", وحسن نصر الله, وحسين خليل, وإبراهيم أمين, وراغب حرب, ومحمد يزبك, ونعيم قاسم, وعلي كوراني, ومحمد رعد, ومحمد فنيش).
ولم يكن هؤلاء وحدهم نواة التأسيس لـ "حزب الله", إنما كان معهم عشرات من الكوادر والشخصيات الإسلامية الأخرى من "حركة أمل", و "حزب الدعوة", وقوىً ومجموعات تبلورت شخصيتها الإسلامية السياسية مع الثورة الإسلامية وقائدها الإمام "الخميني", وكوادر أمنيةً أخرى ما زالت أسماؤها طي الكتمان.
وبالفعل قامت إيران بتأسيس "حزب الله" وقامت بتمويل هذا الحزب وتأمين كافة احتياجاته عسكرياً واجتماعياً, وأغدقت عليه الأموال الطائلة, وهي تعول على هذا الحزب الآمال الكبار, وبلغ دعم إيران للحزب أوجه في هذه المرحلة.
وقد جاء في تقرير وجهه أحد الدبلوماسيين الأوربيين إلى حكومته في مطلع صيف 1986م، وكشف فيه كذلك الدور السوري في رعايته لهذا الحزب, ما يلي: (تقوم طائرات الشحن الإيرانية من طراز "بوينج 747" بالإقلاع والهبوط ثلاث مرات في الأسبوع على طرف مدرج مطار دمشق، ناقلة حمولات غامضةً؛ فالبضائع التي تفرغ عبارة عن أسلحة خفيفة مرسلة إلى حراس الثورة الذين يشرفون على تدريب أتباع "حزب الله" في معسكر الزبداني بالقرب من دمشق, أوفي المعسكرات الكائنة في منطقة بعلبك، أما البضائع المحملة فهي مدافع هاون, وصواريخ مضادة للطيران من طراز "سات"، كذلك يحفل ميناء اللاذقية بنشاط من هذا النوع).
وقد بلغ مقدار التكاليف المادية التي تصبها إيران لصالح "حزب الله" عام 1990 للميلاد؛ بثلاثة ملايين دولار ونصف المليون, حسب بعض التقديرات، وخمسين مليون عام 1991م، وقدرت بمائة وعشرين مليونا في عام 1992م، ومائة وستين في عام 1993م، وتشير بعض المصادر إلى ارتفاع ميزانية "حزب الله" في عهد رفسنجاني إلى 280 مليون دولار.
هذه الميزانية الكبيرة؛ جعلت الحزب يهتم فقط بالأوامر التي تملى عليه دون التدخل في نزاعات داخلية ضيقة, وساعدته على توسيع قاعدته المقاتلة والشعبية؛ فاشترى ولاء الناس وحاجتهم, وضمن ولاءهم وإخلاصهم له، فهم منه وهو منهم, وقد ظهر أثر ضخامة تلك التكاليف على واقعهم المعيشي حتى باتوا يشكلون دولةً مستقلةً داخل لبنان؛ فظهرت المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية.
وقد تزامن تأسيس هذه الحركة, وهذا الحزب عام 1982م مع الاجتياح الصهيوني للبنان؛ ما يعطي دلالةً خطيرةً على العلاقة بين الحزب وبين إسرائيل, وذلك حتى تكون الغطاء الواقي الذي يستر الجيش الصهيوني من ضربات المجاهدين في لبنان, ولكن بطريقة تختلف تماماً عن "حركة أمل" المحروقة... فهذه المرة زعم "حزب الله" بأنه القادر على التصدي لضربات الكيان الصهيوني, وإخراجه من جنوب لبنان, وراحوا يرفعون شعارات كاذبةً ينادون فيها بتحرير فلسطين... كل فلسطين, وتوعد الكيان الصهيوني بالويل والثبور.
بينما هم في الواقع؛ يقفون كحاجز أمني، لا يسمحون لأهل السنة بتخطي الحدود, ولا مواجهة الإسرائيليين.
وقد قام الحزب بافتعال بعض الأكاذيب والفقاعات الدعائية الكاذبة لتلميع الحزب إعلاميًا, وشد الجماهير إليه، ومن ذلك:
أولاً: أكذوبة تحرير جنوب لبنان ودحر المحتل الصهيوني, علماً بأن كبار ضباط الجيش الصهيوني اعترفوا على الملأ وفي وسائل الإعلام المختلفة بأن انسحابهم من الجنوب لم يكن بسبب قوة "حزب الله", وإنما جاءت أوامر القيادة والألوية بالانسحاب والخروج, عند ذلك دخل "حزب الله"... إذن؛ بعد الانسحاب الصهيوني, وليس قبله ولا أثناءه دخل "حزب الله" للجنوب اللبناني يصطحب معه هالةً إعلاميةً مأجورةً من أجل التصوير الدعائي للحزب على أنه من المحاربين الفاتحين.
ثانيًا: أكذوبة القتلى الـذين يسقطون من الطرفين - "حزب الله" والكيان الصهيوني - وذلك حقيقة لا خيال, ولكن هؤلاء القتلى الذين يسقطون هم من الجنود الذين لا يعرفون بمخططات أسيادهم وقادتهم, وهم وعددهم محدود جدا بالنسبة لقتلى الأطراف المتحاربة الحقيقية, وما هم إلا كبش فداء يضحون بهم من أجل استدامة مصالحهم غير المعلنة باطنًا, ومن أجل إظهارهم كطرفي حرب ظاهراً.
وهاهو القناع بادياً في الانكشاف والسقوط لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد... فبعد أن كان حسن نصر الله يدندن في خطبه على وتر القضية الفلسطينية, وينادي بتحرير فلسطين كلها بدأ الخطاب بالتراجع والانكماش, وهاهو الحزب يعلن عدة مرات أنه لا دخل له في الشؤون الخارجية, وأن مهمته هي تحرير أرضه وليس تحرير فلسطين, وبعد أن كان الخطاب متوجهاً إلى تحرير فلسطين كلها حصر الأمر على الاكتفاء ببيت المقدس, واتخذوا من ذلك مجرد شعار رمزي دعائي ليستمر كذبهم على الجماهير الساذجة واكتفوا بالاكتفاء بما يسمى يوم القدس العالمي, ويجعلون من هذا اليوم يوم استعراض عسكري.
لماذا يستثنى "حزب الله" فلا تطبق عليه بنود اتفاقية الطائف, والتي تقضي بنزع سلاح جميع المليشيات، ومن وراء الأمر بإبقاء... بل بجلب السلاح له؟
يقول المثل: إذا اختلف السراق ظهر المسروق, ويقال: الاعتراف سيد الأدلة... ولا أحسن من شهادة من يشهد بالحق على أهله, فاستمعوا إلى الكلام الخطير الذي قاله الأمين العام الأول لـ "حزب الله" "صبحي الطفيلي" بعد أن عارض الحزب في كثير من توجهاته, في لقاء له مع "قناة الجزيرة الفضائية": (لو كان أناس غير "حزب الله" على الحدود - يقصد الفلسطينيين وأهل السنة - لما توقفوا عن قتال إسرائيل مطلقاً, والآن إذا أرادوا الذهاب يعتقلهم الحزب, ويسلمهم إلى الأمن اللبناني, وتقولون لي؛ إنه لا يدافع عن إسرائيل؟!) اهـ.
وتزامن هذا الكلام الخطير مع مقال للعميد "سلطان أبي العينين", أمين سر حركة فتح في لبنان نشرته جريدة "القدس العربي" في 5/4/2004م بعنوان: "حزب الله يحبط عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب" قال فيه: ("حزب الله" قال: سنكون إلى جانبكم عند المحن، ولكننا منذ ثلاثة أعوام نعيش الشدائد، ولم نعد نقبل شعارات مزيفةً من أحد, ففي الأسبوع الأخير؛ أحبط "حزب الله" أربع محاولات فلسطينيةً على الحدود, وقامت عناصر "حزب الله" باعتقال المقاومين الفلسطينيين, وتقديمهم للمحاكمة).
وأكد أبو العينيين؛ أن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في أيار تم بترتيبات أمنية واتفاق أمني بأن لا تطلق طلقة واحدة على شمال فلسطين من جنوب لبنان, وهذا الاتفاق يطبق منذ الانسحاب الإسرائيلي, فلم يتمكن أي مقاوم من اختراق الحدود الشمالية, وجرت أكثر من محاولة من جميع الفصائل الفلسطينية, وجميعها أحبطت من "حزب الله" وقدمت إلى المحكمة.
وأضاف: (إن "حزب الله" يريد المقاومة كوكالة حصرية له, وحصرًا في مزارع شبعا, ولا ينتظر أحد من "حزب الله" أن يقوم بقصف شمال فلسطين بالصواريخ, وأنا شاهد على ما يجري, وأشار إلى أن سيطرة "حزب الله" على المقاومة من الجنوب اللبناني نابعة من اتفاقيات وترتيبات أمنيةً, أي اتفاقات مع إسرائيل بواسطة طرف ثالث).
وقال: (على الشعب الفلسطيني أن لا يعول على "حزب الله" ولا على حزب الشيطان, بل عليه الاتكال على نفسه فقط، لأن لـ "حزب الله" أولوياته ومواقفه السياسية, وهو يريد أن يقاتل بآخر فلسطيني منا على آخر فلسطين, ونحن نريد من "حزب الله" موقفاً صريحاً وواضحاً) اهـ.
وأخيرًا نقول؛ هل يعقل أن يكون الحزب عدوا لدوداً للكيان الصهيوني كما يزعمون، ثم يقوم هذا الحزب باستعراض عسكري حاشد في ميدان واسع في بيروت تنقله القنوات الفضائية نقلاً مباشراً؛ يجلس فيه حسن نصر الله على منصته وحوله حاشيته وضيوفه، وتمر من أمامه الفرق والكتائب والسرايا العسكرية، تهتف وتتوعد بالموت لإسرائيل, ثم تقف إسرائيل طيلة هذه السنوات موقف المتفرج ومكتوفة الأيدي عاجزةً عن صنع أي شيء حيال هذا العدو القادم؟! وهي التي لم تحتمل رجلًا مقعداً على كرسيه الصغير المتحرك؛ فاغتالته عن بعد في ظلمة الفجر!
ثم لماذا كل هذا الاهتمام من جانب الدولة الرافضية بلبنان؟
يجيب عن هذا التساؤل حجة إسلامهم "روحاني" - سفير إيران في لبنان - في مقابلة أجرتها معه صحيفة "إطلاعات" الإيرانية في نهاية الشهر الأول من عام 1984 م.
يقول روحاني عن لبنان: (لبنان يشبه الآن إيران عام 1977م, ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا, وبسبب موقع لبنان، وهو قلب المنطقة, وأحد هم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية فسوف يتبعه الباقون).
ويقول: (لقد تمكنا عن طريق سفارتنا في بيروت من توحيد آراء السنة والشيعة حول الجمهورية الإسلاميةو الإمام الخميني", والآن غالبية خطباء السنة يمتدحون "الإمام الخميني" في خطبهم) اهـ.
جرائم الرافضة اليوم ضد المسلمين في أفغانستان والعراق
وأما عن جرائم الرافضة اليوم ضد المسلمين من أهل السنة في أفغانستان والعراق:
فحدث ولا حرج, فهاهي أمريكا اليوم تقر بالتعاون والدعم الإيراني الرافضي خلال حربها على أفغانستان والعراق.
قالت وزيرة الخارجية الأمريكية, "كونداليزا رايس" في مقابلة مع إحدى وكالات الأنباء: (أن الأمم المتحدة قد قامت بتيسير اتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بصورة منتظمة عبر ما يطلق عليه اسم عملية "جنيف", لمناقشة مسائل عملية كانت تتعلق أصلًا بأفغانستان, ثم اتسع نطاقها لتشمل العراق).
وقد أشارت "رايس" قبل فترة وجيزة إلى أن مبعوث الرئيس الأمريكي "زلماي خليل زاد" قد شارك في محادثات مع مسئولين من إيران التي انبثقت مباشرةً، كما قالت "رايس" من الحاجة إلى معالجة أمر بعض المسائل العملية المتعلقة بأفغانستان, ثم وسعنا ذلك ليشمل العراق..
وهاهم الرافضة يعترفون... بل يفتخرون, بهذا التعاون والدعم الذي قدموه لأمريكا, حيث يقول محمد علي أبطحي, نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية الذي وقف بفخر في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية سنوياً بإمارة أبي ظبي مساء الثلاثاء 2004/1/15م, ليعلن أن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق, ومؤكداً أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت "كابول" وبغداد بهذه السهولة.
وقد نقلت جريدة "الشرق الأوسط" في 9/2/2002م, عن رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام "رفسنجاني" قوله في خطبته بجامعة طهران: (إن القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها, وأنه لولم تساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني)، وتابع قائلاً: (يجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي ما استطاعت أمريكا أن تسقط طالبان.
بل هذا ما وصى به "الخميني" حزب الوحدة الشيعي, عقب خروج الروس من أفغانستان مدحورين حيث قال: (يا حزب الوحدة يا شيعة أفغانستان؛ جهادكم يبدأ بعد خروج الروس, ويقصد بذلك جهاد أهل السنة وإيقاع الفتن والاضطرابات الداخلية في البلاد).
وبالفعل هذا ما حصل على أرض الواقع, حتى إن دولة طالبان قامت بقتل ما لا يقل عن 6000 مقاتل من الخونة الروافض ممن حاولوا التمرد على حكم طالبان, فكل هذا التآمر على دولة أفغانستان ومد يد العون لأمريكا وحلفائها خوفاً من أن يكون لإيران الرافضية جارةً سنيةً قوية, لأن حربهم الأساسية ليست مع اليهود ولا مع النصارى بل حربهم الأولى والأخيرة هي مع أهل السنة.
وهذا ما صرح به قديماً الدكتور "علي ولايتي" بقوله: (لن نسمح أن تكون هناك دولة وهابية في أفغانستان)، أي دولةً سنية وفق لمصطلحات الرافضة الشائعة الآن!
أليس هذا الموقف نفسه الذي وقفه خلفاء ووزراء الدولة العبيدية الفاطمية من السلاجقة الأتراك السنيين يوم أن حاربوهم وناصروا الصليبيين؟
وقد أفاد عديد من الخبراء العسكريين بأن الطائرات التي انطلقت من قواعد أمريكية في الدول العربية لا يمكن أن تعبر لأفغانستان إلا عن طريق الأجواء الإيرانية في وقت كان المسؤولون الإيرانيون يشددون على دعاية حرمة الأجواء الإيرانية إلا على الطائرات المضطرة للهبوط اضطرارياً في إيران وأشارت مصادر عسكرية في الاستخبارات الأمريكية في الوقت ذاته أن عناصر من القوات الخاصة الأمريكية الموجودة في مدينة هيرات غرب أفغانستان قرب الحدود الإيرانية أفادت بأن عملاء إيرانيين يتسللون إلى المنطقة ويهددون زعماء القبائل.
وهذا ما أكدته منظمة حقوق الإنسان الأمريكية "هيومان رايت ووتش" في أكتوبر 2001م, من أن ثمة تقارير صحفية تفيد أن الحكومة الإيرانية وضعت أعداداً إضافيةً من الجنود على حدودها بعد بدء الضربات العسكرية, وأنها بدأت في ترحيل مئات اللاجئين إلى أفغانستان, وهذا تماماً ما يفعله العملاء الإيرانيون وعناصر من الاستخبارات الإيرانية في العراق, وبعلم ورضىً من القوات الأمريكية وحلفائها في الحرب على العراق, ففي الوقت الذي نرى فيه التشديد والتضييق على المناطق الحدودية مع العراق مع جميع البلدان التي يمكن أن ينفذ عبرها المجاهدون لمساعدة إخوانهم في العراق ضد المحتل الأمريكي؛ نجد أن الحدود الإيرانية العراقية تفتح على مصراعيها لتسلل عدد كبير من العملاء لأغراض سياسية رافضية, وعلى رأسها تغيير نسبة التركيبة السكانية لأهل العراق لصالح الرافضة, ولا سيما بعد المجازر والمذابح الجماعية التي تمت لأهل السنة, حتى يتمكنوا من فرض سيطرتهم على جنوب العراق على الأقل ما دام لم يتمكنوا من بسط نفوذهم على العراق كله, بالإضافة إلى الأغراض الإستخباراتية التي تروم تتبع المجاهدين ومتابعة المصالح الإيرانية, والتنسيق بينها وبين الأحزاب والحركات الشيعية الأخرى داخل العراق.
علماً بأن الرافضة, كما هي عادتهم, كانوا يعلنون معاداة أمريكا, ويرفعون شعار الموت لأمريكا, ويسمونها بالشيطان الأكبر, بل إن وزير الدفاع الإيراني "علي شمخاني" خلال تحضيرات أمريكا للهجوم على طالبان؛ أطلق تصريحات مدوية هدد فيها بإسقاط أي طائرة أمريكية تعبر الأجواء الإيرانية, وبعد عدة أيام ظهرت للعيان اتفاقية تمت تحت طاولة المفاوضات الأمريكية الإيرانية يقوم الإيرانيون بموجبها بإعادة أي أمريكي يفقد أو يسقط في إيران إلى أمريكا سالماً معافى.
ولا يفوتني أن أذكر كلام الرئيس الإيراني الحالي "أحمدي نجاد", والذي يفصح فيه على أنهم اليوم يسيرون على مخططات آبائهم الرافضة, حيث قال ما مفاده: لقد جاءت حكومتي لتمهد الطريق لاستقبال المهدي.
وأما النصيريون؛
فكذلك تعاونوا مع الصليبيين أثناء الغزو الصليبي, وكانوا سبباً في سقوط بلاد الشام وبيت المقدس - كما تعاونوا من قبل مع التتار ضد المسلمين - وكانوا سببًا في اجتياح بلاد الشام.
الدروز
وأما الدروز؛
فقد تطوع عدد كبير من أبنائهم في "جيش الدفاع" الصهيوني، طمعاً في انشاء دولة مستقلة لهم في كل من سوريا ولبنان.
وفي حرب سنة 1967م ذاق المسلمون في الجولان والأردن الويلات من الدروز العاملين في جيش الدفاع الإسرائيلي، ولم يرحموا شيخًا كبيراً ولا طفلاً صغيراً.
"دولة الخميني" في إيران
وعلى أنقاض الدولة العثمانية, وبعد تفتيت العالم الإسلامي إلى دويلات قومية كما خطط لها الصهاينة والصليبيون - وعلى رأسهم الرافضة -؛ تشكلت في بلاد فارس؛ إيران, وتبلورت دولة مركزية للرافضة ولمرجعياتهم الدينية, وصارت المقر الرئيس للاجتماعات الدورية التي تجري بين فترة وأخرى كلما استجد للرافضة أمر من أمورهم الهامة, أو كلما أرادوا أن يخرجوا بفتاوىً جديدةً لعوامهم تتوافق مع مجريات الأمور, التي يواجهونها في دولهم المختلفة في العالم... تمامًا كاليهود في اجتماعاتهم السرية الدورية، متخذين من هذه الدولة الأم مركزًا ومستنداً لتصدير المذهب والمنهج الفكري أولاً, ثم بعد ذلك إعادة بسط النفوذ والسيطرة السياسية.
وإلى هذه الحقيقة أشار "الخميني" في كتابه "الحكومة الإسلامية", وصرح بذلك ما يسمى بآية الله "شريعة مداري" في لقاء له مع صحيفة "السياسة" الكويتية بتاريخ 26/يونيو/عام 1987م, وقال بالحرف الواحد: (إن زعامة الشيعة في إيران وفي قم بالذات)، وأضاف قائلاً: (لا بد من مجلس أعلى للشيعة في العالم).
وهذا بالفعل ما قام به آيتهم وإمامهم "الخميني"، حين نادى بإسقاط حكم الشاه متذرعاً بعلمانيته, وأنه لابد من قيام ثورة إسلامية لنشر مبادئ الإسلام عليها, وهو يقصد بذلك الإسلام الرافضي، لا الإسلام الحقيقي.
بل حتى تفاعل معه الكثير من أهل السنة، متغافلين عن تاريخهم الإسلامي, وكأنهم حين يقرؤون ويدرسون في كتب الملل والعقائد والنحل عن أخبار وأحكام الرافضة، يعدونهم من القرون الخالية والأمم الغابرة التي لا وجود لها ولا امتداد لأصولها في حاضرنا.
حتى إذا ما جئت تسألهم عن أحكام الرافضة؟ يفصلون لك الجواب، فيحكمون لك بكفرهم ووجوب قتالهم من الناحية النظرية, وعملياً يدعونك إلى التقارب معهم في ما يمكن أن يتفق عليه.
علمًا بأن "الخميني" ما هو إلا صنيعة أمريكية, طبخت ثم أعد لها من منفاه في فرنسا... وهكذا دأبت أمريكا بل الصهيونية على تبديل وتغيير عملائها من فترة لأخرى، إما لأن تاريخ صلاحية أحدهم يكون قد انتهى, وإما للحفاظ على العميل للعب دور آخر، وفي النهاية؛ آلية تبديل العملاء تعطي شيئًا من الجد وتفعيل حركة المصالح التي تربط العملاء بأسيادهم، ليكون العميل الجديد أفضل عطاءً وأكثر حماساً.
ومما جاء في كتاب "وجاء دور المجوس": (ملأ "الخميني" وأنصاره الدنيا صرخات ضد الولايات المتحدة, فقالوا: أمريكا وراء اضطهاد معظم شعوب العالم شرقيةً وغربيةً، ووعد "الخميني" بتقليم أظافر أمريكا، وظن الناس أن هناك طحنًا وراء الجعجعة... وعندما قامت جمهوريته فوجئ الناس بمواقف مغايرةً لما كان الثوار يتحدثون عنها:
أولاً: كانت أمريكا في طليعة الدول التي سارعت في الاعتراف بهذا النظام الجديد.
ثانيًا: لم تغلق ثورة "الخميني" سفارة أمريكا.
ثالثًا: عاد النفط الإيراني يتدفق على مستودعات التخزين في أمريكا, ومن ثم إلى إسرائيل.
رابعًا: عودة الجنرالات الأمريكان إلى أماكن عملهم, وقدرتهم بعض الصحف بسبعة آلاف خبير.
خامسًا: عقد "بروسلنجين" القائم بالأعمال الأمريكي ثلاثة لقاءات مع "الخميني" ولم يكشف النقاب عن حقيقة هذه اللقاءات.
سادسًا: قال الشاه في مذكراته؛ أنه علم بوجود الجنرال "هويزر" - و "هويزر" هو نائب رئيس أركان القيادة الأمريكية في أوربا - وقال الشاه: (إن جنرالاتي لم يكونوا يعلموا شيئاً عن زيارة "هويزر", وعندما انتشر خبر زيارته، قالت أجهزة الإعلام السوفييتية: إن هويزر وصل لطهران لتدبير انقلاب عسكري, وأنا أعرف أن هويزر كان منذ فترة على اتصال بـ "مهدي بازنقان", المهندس الناجح الذي تزعم "ثورة الخميني", وعينه "الخميني" رئيساً للوزراء بعد الإطاحة بي, و "مهدي بازرقا"ن و "هويزر" يعلمان جيداً فيما إذا كانت طبخة كانت تمت من وراء الجميع).
ثم إن "الخميني"، وبعد أن سبق ثورته من مستقر منفاه بفرنسا بدعاية دينية كاذبة, وبعد أن تفاعل معه ومع ثورته الإسلامية جميع طوائف الرافضة, وكثير من أهل السنة, وبعد أن تمكن من خلع الشاه, وبسط نفوذه ويده على البلاد, وإذا به لا يخرج عن فلك أسلافه من العبيديين والقرامطة, يمكر بأهل السنة ويلبسهم لباس الهوان في دولته، وينادي في مجالسه الخاصة بإستباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم, ويدعو إلى تصدير ثورته بالقوة.
حتى أن الإشاعة التي زعموا بأن النظام العراقي البائد هو الذي أعلن الحرب على إيران؛ فإنها مجانبة للحقيقه والصواب, ذلك أن "الخميني" هو الذي أرادها حربًا لضم العراق إلى بلاد فارس، كما كانت عليه قبل أن يستولي عليها المسلمون الأوائل.
فقد قامت إيران ببث عملائها داخل العراق بعد وصول "الخميني" إلى الحكم بقليل, وقام النظام الإيراني بإعتداءات متكرره على المغافر العراقية.
هذا هو ماضي الرافضة وتاريخهم الذي يرتكزون عليه اليوم في حاضرهم ومستقبلهم, ويستقون منه, ويقتفون نهج أسلافهم في الجريمة والخيانه, ويعتبرونه سفرًا يتزودون منه لمتغيرات عصرهم... نفس التقية, ونفس المخططات السرية, ونفس المعتقدات.
وزد على ذلك؛ أن رافضة هذا العصر لهم دولة وسيادة سياسية موحدة, ومرجعية مركزية تصدر لهم الأوامر والفتاوى التي يلتزمون بها, وقد برزوا وبرزت خياناتهم اليوم للناظرين, وأوضح ما تكون في أفغانستان بمساعدة الدولة الأم إيران, وفي العراق بمساعدة إيران كذلك, وفي بلاد الشام - ولا سيما رافضة لبنان والذين يمثلهم "حزب الله" - وكذلك مستمدين قوتهم وتعاليمهم من إيران؛ مركز الشر ومحضن أتباع مهديهم المنتظر المسيح الدجال.
حركة أمل
فأما في لبنان؛
فقد كان ما تمخضته هذه الدولة الأم أن قامت بتصدير ثورتها في بلاد الشام, وفي لبنان على وجه الخصوص, عبر "حركة أمل" الشيعية المسلحة, والتي أسسها موسى الصدر, تلميذ "الخميني" وصهره، منطلقًا من إيران ومستقراً في لبنان، ليحصل على الجنسية اللبنانية حتى تمكنه أن يمارس نشاطاته داخل الأراضي اللبنانية بسهولة.
وبما أن منشأ هذه الحركة إيران فإنها بالضرورة هي المتكفلة بدعم هذه الحركة من أجل القضاء على أهل السنة في المخيمات الفلسطينية في لبنان بعد إستبعادهم من أراضيهم في فلسطين, وبعد ضغط دول الجوار على لبنان ليتم احتضان أهالي المخيمات, فتحالف الرافضة - متمثلين في هذه الحركة المغرضة - مع الكيان الصهيوني ضد أبناء هذه المخيمات، حتى يتم القضاء على أي ثورة وأي تمرد ضد اليهود الصهاينة, ويتم من خلالهم حماية ظهر العدو, وكذلك حتى لا تقوم لأهل السنة من الفلسطينيين الذين يسكنون المخيمات أية قائمة؛ فقاموا بمذابح عديدة...
منها هجومهم على مخيم عين الرمانة, ومخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982م, وقد تحدثت صحف العالم آن ذاك عن فظائع "حركة أمل" الرافضة.
فقد ذكرت "صحيفة الوطن" في عددها 3688، الصادر في 27/مايو/1985م نقلاً عن صحيفة "ليبو" الإيطالية؛ أن فلسطينياً من المعاقين لم يكن يستطيع السير منذ سنوات، رفع يديه مستغيثاً في شاتيلا أمام عناصر "أمل" طالباً الرحمة، وكان الرد عليه قتله بالمسدسات مثل الكلاب، وقالت الصحيفة: إنها الفظاعة بعينها.
وقال مراسل الـ "صنداي تايمز": (إنه من الإستحالة نقل أخبار المجازر بدقة، لأن "حركة أمل" تمنع المصورين من دخول المخيمات, وبعضهم تلقى تهديداً بالموت، وقد جرى سحب العديد من المراسلين خوفاً عليهم من الإختطاف والقتل، ومن تبقى منهم في لبنان يجدون صعوبة في العمل).
وذكرت صحيفة الـ "صنداي تايمز" أيضاً؛ أن عددا من الفلسطينيين قتلوا في مستشفيات بيروت, وأن مجموعة من الجثث الفلسطينية ذبح أصحابها من الأعناق.
ونقلت وكالات الأنباء في 6/يونيو/1985م عن رئيس الإستخبارات العسكرية اليهودية "إيهود باراك" قوله: إنه (على ثقة تامة من أن "أمل" ستكون الجبهة الوحيدة المهيمنة في منطقة الجنوب اللبناني, وأنها ستمنع رجال المنظمات والقوى الوطنية اللبنانية من التواجد في الجنوب والعمل ضد الأهداف الإسرائيلية).
حزب الله
وبعد أن تكشف للعالم عوار هذه الحركة الخبيثة, وظهر للعيان مدى بشاعة ما ارتكبوه من جرائم ومجازر في حق أهل السنة من الفلسطينيين؛ فقد مجها الناس, واحترق الكرت الذي تلعب به إيران, لذا كان لزاماً عليها أن تستحدث طريقة أخرى, وحركة أخرى تختلف عن ظاهر توجهها عن "حركة أمل".
هذه المرة لابد من اللعب على وتر التقارب الشيعي السني, والدعوة إلى الوحدة وإعلان الحرب على إسرائيل, والمطالبة بتحرير فلسطين من إسرائيل؛ فتمت إجتماعات سرية في إيران تم من خلالها التحضير لولادة حركة جديدة قررتها إيران الأم، يترأسها أعضاء جدد لامعين ومفوهين.
فعلاقة "حزب الله" بإيران علاقة الفرع بالأصل.
ففي البيان التأسيسي للحزب, والذي جاء بعنوان: "من نحن وما هي هويتنا"، عرف الحزب بنفسه فقال: (نحن أبناء أمة "حزب الله" التي نصر الله طليعتها في إيران وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم بأوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة، تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائع، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظله, مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة).
وقد عبر "إبراهيم الأمين" - وهو قيادي في الحزب - عن هذا التوجه فقال: (نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان, ولبنان في إيران)!
نقول: إذا كانت الثورة الإيرانية بقيادة "الخميني" قد وقفت مواقف العداء من أهل السنة، وقامت بإحداث بلابل وفوضى وتفجيرات داخل عدد من البلدان - كما حصل في البحرين والكويت واليمن وأفغانستان والعراق, وفي مكة المكرمة في الشهر الحرام وفي البلد الحرام - فإن هذه السياسة تعتبر ديناً يدين به رافضة إيران والذي يتفرع منه "حزب الله"، الذي اعترف من خلال قيادته بإنتمائه وموافقته لإيران, فكل عدو لإيران هو عدو لـ "حزب الله".
فـ "حزب الله" عدو لأهل السنة, وإن تستر بمائة تقية, لا ينخدع به إلا غافل صاحب هوى, أو ساذج أخو جهل.
فعلى هامش المؤتمر الأول للمستضعفين اجتمع "الخميني" بعدد من علماء ودعاة الشيعة الذين شاركوا في هذا المؤتمر, وكان من بينهم محمد حسين فضل الله, وصبحي الطفيلي, وممثل "حركة أمل" في طهران إبراهيم أمين, وتدارس معهم الخطوات الأولى اللازمة من أجل إنشاء هذا الحزب الجديد, ثم عاد الوفد إلى لبنان وكثف من إتصالاته مع وجهاء وعلماء الطائفة الذين لم يشاركوا في لقاء طهران, ثم تكرر لقاؤهم بـ "الخميني"، ووضعوا وإياه الخطوط العريضة لـ "حزب الله".
يقول أحمد الموسوي في مقال له بمجلة "الشراع": "من أنتم؟ حزب الله": (ثم استكملت الخطوط التنظيمية الأولى باختيار هيئة قيادية للحزب، ضمت 12 عضواً، هم؛ عباس الموسوي, وصبحي الطفيلي, و "حسين الموسوي", وحسن نصر الله, وحسين خليل, وإبراهيم أمين, وراغب حرب, ومحمد يزبك, ونعيم قاسم, وعلي كوراني, ومحمد رعد, ومحمد فنيش).
ولم يكن هؤلاء وحدهم نواة التأسيس لـ "حزب الله", إنما كان معهم عشرات من الكوادر والشخصيات الإسلامية الأخرى من "حركة أمل", و "حزب الدعوة", وقوىً ومجموعات تبلورت شخصيتها الإسلامية السياسية مع الثورة الإسلامية وقائدها الإمام "الخميني", وكوادر أمنيةً أخرى ما زالت أسماؤها طي الكتمان.
وبالفعل قامت إيران بتأسيس "حزب الله" وقامت بتمويل هذا الحزب وتأمين كافة احتياجاته عسكرياً واجتماعياً, وأغدقت عليه الأموال الطائلة, وهي تعول على هذا الحزب الآمال الكبار, وبلغ دعم إيران للحزب أوجه في هذه المرحلة.
وقد جاء في تقرير وجهه أحد الدبلوماسيين الأوربيين إلى حكومته في مطلع صيف 1986م، وكشف فيه كذلك الدور السوري في رعايته لهذا الحزب, ما يلي: (تقوم طائرات الشحن الإيرانية من طراز "بوينج 747" بالإقلاع والهبوط ثلاث مرات في الأسبوع على طرف مدرج مطار دمشق، ناقلة حمولات غامضةً؛ فالبضائع التي تفرغ عبارة عن أسلحة خفيفة مرسلة إلى حراس الثورة الذين يشرفون على تدريب أتباع "حزب الله" في معسكر الزبداني بالقرب من دمشق, أوفي المعسكرات الكائنة في منطقة بعلبك، أما البضائع المحملة فهي مدافع هاون, وصواريخ مضادة للطيران من طراز "سات"، كذلك يحفل ميناء اللاذقية بنشاط من هذا النوع).
وقد بلغ مقدار التكاليف المادية التي تصبها إيران لصالح "حزب الله" عام 1990 للميلاد؛ بثلاثة ملايين دولار ونصف المليون, حسب بعض التقديرات، وخمسين مليون عام 1991م، وقدرت بمائة وعشرين مليونا في عام 1992م، ومائة وستين في عام 1993م، وتشير بعض المصادر إلى ارتفاع ميزانية "حزب الله" في عهد رفسنجاني إلى 280 مليون دولار.
هذه الميزانية الكبيرة؛ جعلت الحزب يهتم فقط بالأوامر التي تملى عليه دون التدخل في نزاعات داخلية ضيقة, وساعدته على توسيع قاعدته المقاتلة والشعبية؛ فاشترى ولاء الناس وحاجتهم, وضمن ولاءهم وإخلاصهم له، فهم منه وهو منهم, وقد ظهر أثر ضخامة تلك التكاليف على واقعهم المعيشي حتى باتوا يشكلون دولةً مستقلةً داخل لبنان؛ فظهرت المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية.
وقد تزامن تأسيس هذه الحركة, وهذا الحزب عام 1982م مع الاجتياح الصهيوني للبنان؛ ما يعطي دلالةً خطيرةً على العلاقة بين الحزب وبين إسرائيل, وذلك حتى تكون الغطاء الواقي الذي يستر الجيش الصهيوني من ضربات المجاهدين في لبنان, ولكن بطريقة تختلف تماماً عن "حركة أمل" المحروقة... فهذه المرة زعم "حزب الله" بأنه القادر على التصدي لضربات الكيان الصهيوني, وإخراجه من جنوب لبنان, وراحوا يرفعون شعارات كاذبةً ينادون فيها بتحرير فلسطين... كل فلسطين, وتوعد الكيان الصهيوني بالويل والثبور.
بينما هم في الواقع؛ يقفون كحاجز أمني، لا يسمحون لأهل السنة بتخطي الحدود, ولا مواجهة الإسرائيليين.
وقد قام الحزب بافتعال بعض الأكاذيب والفقاعات الدعائية الكاذبة لتلميع الحزب إعلاميًا, وشد الجماهير إليه، ومن ذلك:
أولاً: أكذوبة تحرير جنوب لبنان ودحر المحتل الصهيوني, علماً بأن كبار ضباط الجيش الصهيوني اعترفوا على الملأ وفي وسائل الإعلام المختلفة بأن انسحابهم من الجنوب لم يكن بسبب قوة "حزب الله", وإنما جاءت أوامر القيادة والألوية بالانسحاب والخروج, عند ذلك دخل "حزب الله"... إذن؛ بعد الانسحاب الصهيوني, وليس قبله ولا أثناءه دخل "حزب الله" للجنوب اللبناني يصطحب معه هالةً إعلاميةً مأجورةً من أجل التصوير الدعائي للحزب على أنه من المحاربين الفاتحين.
ثانيًا: أكذوبة القتلى الـذين يسقطون من الطرفين - "حزب الله" والكيان الصهيوني - وذلك حقيقة لا خيال, ولكن هؤلاء القتلى الذين يسقطون هم من الجنود الذين لا يعرفون بمخططات أسيادهم وقادتهم, وهم وعددهم محدود جدا بالنسبة لقتلى الأطراف المتحاربة الحقيقية, وما هم إلا كبش فداء يضحون بهم من أجل استدامة مصالحهم غير المعلنة باطنًا, ومن أجل إظهارهم كطرفي حرب ظاهراً.
وهاهو القناع بادياً في الانكشاف والسقوط لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد... فبعد أن كان حسن نصر الله يدندن في خطبه على وتر القضية الفلسطينية, وينادي بتحرير فلسطين كلها بدأ الخطاب بالتراجع والانكماش, وهاهو الحزب يعلن عدة مرات أنه لا دخل له في الشؤون الخارجية, وأن مهمته هي تحرير أرضه وليس تحرير فلسطين, وبعد أن كان الخطاب متوجهاً إلى تحرير فلسطين كلها حصر الأمر على الاكتفاء ببيت المقدس, واتخذوا من ذلك مجرد شعار رمزي دعائي ليستمر كذبهم على الجماهير الساذجة واكتفوا بالاكتفاء بما يسمى يوم القدس العالمي, ويجعلون من هذا اليوم يوم استعراض عسكري.
لماذا يستثنى "حزب الله" فلا تطبق عليه بنود اتفاقية الطائف, والتي تقضي بنزع سلاح جميع المليشيات، ومن وراء الأمر بإبقاء... بل بجلب السلاح له؟
يقول المثل: إذا اختلف السراق ظهر المسروق, ويقال: الاعتراف سيد الأدلة... ولا أحسن من شهادة من يشهد بالحق على أهله, فاستمعوا إلى الكلام الخطير الذي قاله الأمين العام الأول لـ "حزب الله" "صبحي الطفيلي" بعد أن عارض الحزب في كثير من توجهاته, في لقاء له مع "قناة الجزيرة الفضائية": (لو كان أناس غير "حزب الله" على الحدود - يقصد الفلسطينيين وأهل السنة - لما توقفوا عن قتال إسرائيل مطلقاً, والآن إذا أرادوا الذهاب يعتقلهم الحزب, ويسلمهم إلى الأمن اللبناني, وتقولون لي؛ إنه لا يدافع عن إسرائيل؟!) اهـ.
وتزامن هذا الكلام الخطير مع مقال للعميد "سلطان أبي العينين", أمين سر حركة فتح في لبنان نشرته جريدة "القدس العربي" في 5/4/2004م بعنوان: "حزب الله يحبط عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب" قال فيه: ("حزب الله" قال: سنكون إلى جانبكم عند المحن، ولكننا منذ ثلاثة أعوام نعيش الشدائد، ولم نعد نقبل شعارات مزيفةً من أحد, ففي الأسبوع الأخير؛ أحبط "حزب الله" أربع محاولات فلسطينيةً على الحدود, وقامت عناصر "حزب الله" باعتقال المقاومين الفلسطينيين, وتقديمهم للمحاكمة).
وأكد أبو العينيين؛ أن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في أيار تم بترتيبات أمنية واتفاق أمني بأن لا تطلق طلقة واحدة على شمال فلسطين من جنوب لبنان, وهذا الاتفاق يطبق منذ الانسحاب الإسرائيلي, فلم يتمكن أي مقاوم من اختراق الحدود الشمالية, وجرت أكثر من محاولة من جميع الفصائل الفلسطينية, وجميعها أحبطت من "حزب الله" وقدمت إلى المحكمة.
وأضاف: (إن "حزب الله" يريد المقاومة كوكالة حصرية له, وحصرًا في مزارع شبعا, ولا ينتظر أحد من "حزب الله" أن يقوم بقصف شمال فلسطين بالصواريخ, وأنا شاهد على ما يجري, وأشار إلى أن سيطرة "حزب الله" على المقاومة من الجنوب اللبناني نابعة من اتفاقيات وترتيبات أمنيةً, أي اتفاقات مع إسرائيل بواسطة طرف ثالث).
وقال: (على الشعب الفلسطيني أن لا يعول على "حزب الله" ولا على حزب الشيطان, بل عليه الاتكال على نفسه فقط، لأن لـ "حزب الله" أولوياته ومواقفه السياسية, وهو يريد أن يقاتل بآخر فلسطيني منا على آخر فلسطين, ونحن نريد من "حزب الله" موقفاً صريحاً وواضحاً) اهـ.
وأخيرًا نقول؛ هل يعقل أن يكون الحزب عدوا لدوداً للكيان الصهيوني كما يزعمون، ثم يقوم هذا الحزب باستعراض عسكري حاشد في ميدان واسع في بيروت تنقله القنوات الفضائية نقلاً مباشراً؛ يجلس فيه حسن نصر الله على منصته وحوله حاشيته وضيوفه، وتمر من أمامه الفرق والكتائب والسرايا العسكرية، تهتف وتتوعد بالموت لإسرائيل, ثم تقف إسرائيل طيلة هذه السنوات موقف المتفرج ومكتوفة الأيدي عاجزةً عن صنع أي شيء حيال هذا العدو القادم؟! وهي التي لم تحتمل رجلًا مقعداً على كرسيه الصغير المتحرك؛ فاغتالته عن بعد في ظلمة الفجر!
ثم لماذا كل هذا الاهتمام من جانب الدولة الرافضية بلبنان؟
يجيب عن هذا التساؤل حجة إسلامهم "روحاني" - سفير إيران في لبنان - في مقابلة أجرتها معه صحيفة "إطلاعات" الإيرانية في نهاية الشهر الأول من عام 1984 م.
يقول روحاني عن لبنان: (لبنان يشبه الآن إيران عام 1977م, ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا, وبسبب موقع لبنان، وهو قلب المنطقة, وأحد هم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية فسوف يتبعه الباقون).
ويقول: (لقد تمكنا عن طريق سفارتنا في بيروت من توحيد آراء السنة والشيعة حول الجمهورية الإسلاميةو الإمام الخميني", والآن غالبية خطباء السنة يمتدحون "الإمام الخميني" في خطبهم) اهـ.
جرائم الرافضة اليوم ضد المسلمين في أفغانستان والعراق
وأما عن جرائم الرافضة اليوم ضد المسلمين من أهل السنة في أفغانستان والعراق:
فحدث ولا حرج, فهاهي أمريكا اليوم تقر بالتعاون والدعم الإيراني الرافضي خلال حربها على أفغانستان والعراق.
قالت وزيرة الخارجية الأمريكية, "كونداليزا رايس" في مقابلة مع إحدى وكالات الأنباء: (أن الأمم المتحدة قد قامت بتيسير اتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بصورة منتظمة عبر ما يطلق عليه اسم عملية "جنيف", لمناقشة مسائل عملية كانت تتعلق أصلًا بأفغانستان, ثم اتسع نطاقها لتشمل العراق).
وقد أشارت "رايس" قبل فترة وجيزة إلى أن مبعوث الرئيس الأمريكي "زلماي خليل زاد" قد شارك في محادثات مع مسئولين من إيران التي انبثقت مباشرةً، كما قالت "رايس" من الحاجة إلى معالجة أمر بعض المسائل العملية المتعلقة بأفغانستان, ثم وسعنا ذلك ليشمل العراق..
وهاهم الرافضة يعترفون... بل يفتخرون, بهذا التعاون والدعم الذي قدموه لأمريكا, حيث يقول محمد علي أبطحي, نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية الذي وقف بفخر في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية سنوياً بإمارة أبي ظبي مساء الثلاثاء 2004/1/15م, ليعلن أن بلاده قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق, ومؤكداً أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت "كابول" وبغداد بهذه السهولة.
وقد نقلت جريدة "الشرق الأوسط" في 9/2/2002م, عن رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام "رفسنجاني" قوله في خطبته بجامعة طهران: (إن القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها, وأنه لولم تساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني)، وتابع قائلاً: (يجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي ما استطاعت أمريكا أن تسقط طالبان.
بل هذا ما وصى به "الخميني" حزب الوحدة الشيعي, عقب خروج الروس من أفغانستان مدحورين حيث قال: (يا حزب الوحدة يا شيعة أفغانستان؛ جهادكم يبدأ بعد خروج الروس, ويقصد بذلك جهاد أهل السنة وإيقاع الفتن والاضطرابات الداخلية في البلاد).
وبالفعل هذا ما حصل على أرض الواقع, حتى إن دولة طالبان قامت بقتل ما لا يقل عن 6000 مقاتل من الخونة الروافض ممن حاولوا التمرد على حكم طالبان, فكل هذا التآمر على دولة أفغانستان ومد يد العون لأمريكا وحلفائها خوفاً من أن يكون لإيران الرافضية جارةً سنيةً قوية, لأن حربهم الأساسية ليست مع اليهود ولا مع النصارى بل حربهم الأولى والأخيرة هي مع أهل السنة.
وهذا ما صرح به قديماً الدكتور "علي ولايتي" بقوله: (لن نسمح أن تكون هناك دولة وهابية في أفغانستان)، أي دولةً سنية وفق لمصطلحات الرافضة الشائعة الآن!
أليس هذا الموقف نفسه الذي وقفه خلفاء ووزراء الدولة العبيدية الفاطمية من السلاجقة الأتراك السنيين يوم أن حاربوهم وناصروا الصليبيين؟
وقد أفاد عديد من الخبراء العسكريين بأن الطائرات التي انطلقت من قواعد أمريكية في الدول العربية لا يمكن أن تعبر لأفغانستان إلا عن طريق الأجواء الإيرانية في وقت كان المسؤولون الإيرانيون يشددون على دعاية حرمة الأجواء الإيرانية إلا على الطائرات المضطرة للهبوط اضطرارياً في إيران وأشارت مصادر عسكرية في الاستخبارات الأمريكية في الوقت ذاته أن عناصر من القوات الخاصة الأمريكية الموجودة في مدينة هيرات غرب أفغانستان قرب الحدود الإيرانية أفادت بأن عملاء إيرانيين يتسللون إلى المنطقة ويهددون زعماء القبائل.
وهذا ما أكدته منظمة حقوق الإنسان الأمريكية "هيومان رايت ووتش" في أكتوبر 2001م, من أن ثمة تقارير صحفية تفيد أن الحكومة الإيرانية وضعت أعداداً إضافيةً من الجنود على حدودها بعد بدء الضربات العسكرية, وأنها بدأت في ترحيل مئات اللاجئين إلى أفغانستان, وهذا تماماً ما يفعله العملاء الإيرانيون وعناصر من الاستخبارات الإيرانية في العراق, وبعلم ورضىً من القوات الأمريكية وحلفائها في الحرب على العراق, ففي الوقت الذي نرى فيه التشديد والتضييق على المناطق الحدودية مع العراق مع جميع البلدان التي يمكن أن ينفذ عبرها المجاهدون لمساعدة إخوانهم في العراق ضد المحتل الأمريكي؛ نجد أن الحدود الإيرانية العراقية تفتح على مصراعيها لتسلل عدد كبير من العملاء لأغراض سياسية رافضية, وعلى رأسها تغيير نسبة التركيبة السكانية لأهل العراق لصالح الرافضة, ولا سيما بعد المجازر والمذابح الجماعية التي تمت لأهل السنة, حتى يتمكنوا من فرض سيطرتهم على جنوب العراق على الأقل ما دام لم يتمكنوا من بسط نفوذهم على العراق كله, بالإضافة إلى الأغراض الإستخباراتية التي تروم تتبع المجاهدين ومتابعة المصالح الإيرانية, والتنسيق بينها وبين الأحزاب والحركات الشيعية الأخرى داخل العراق.
علماً بأن الرافضة, كما هي عادتهم, كانوا يعلنون معاداة أمريكا, ويرفعون شعار الموت لأمريكا, ويسمونها بالشيطان الأكبر, بل إن وزير الدفاع الإيراني "علي شمخاني" خلال تحضيرات أمريكا للهجوم على طالبان؛ أطلق تصريحات مدوية هدد فيها بإسقاط أي طائرة أمريكية تعبر الأجواء الإيرانية, وبعد عدة أيام ظهرت للعيان اتفاقية تمت تحت طاولة المفاوضات الأمريكية الإيرانية يقوم الإيرانيون بموجبها بإعادة أي أمريكي يفقد أو يسقط في إيران إلى أمريكا سالماً معافى.
ولا يفوتني أن أذكر كلام الرئيس الإيراني الحالي "أحمدي نجاد", والذي يفصح فيه على أنهم اليوم يسيرون على مخططات آبائهم الرافضة, حيث قال ما مفاده: لقد جاءت حكومتي لتمهد الطريق لاستقبال المهدي.